الدروز في الجولان المحتل: ستة عقود من تحديات وتعقيدات الواقع السياسي والثقافي

ساهر غزاوي[1] / تنزيل البحث

منذ بداية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، ظلت منطقة الجولان طوال أشهر الحرب بعيدة عن الصراع الرئيس جغرافيًا، وشعر السكان بالأمان النسبي لعدم تعرضهم للهجوم، مع إعرابهم عن تضامنهم مع ضحايا غزة. وفي السابع والعشرين من شهر تموز/ يوليو 2024، تعرضت مجدل شمس التي تًعد أكبر القرى الدرزية في مرتفعات الجولان السوري المحتل، إلى قصف صاروخي مجهول، استهدف ملعبًا لكرة القدم أثناء إقامة مباراة للأطفال، ما أودى بحياة 12 طفلًا على الأقل وإصابة أكثر من 30 آخرين، في ظل إهمال كامل من قبل سلطات الاحتلال في توفير الحماية اللازمة للسكان (صفارات الإنذار، والملاجئ..) الأمر الذي يحمل إسرائيل المسؤولية، بشكل مباشر أو غير مباشر، عن هذه المجزرة، لأنها غير معفية من واجباتها بصفتها سلطة الاحتلال، وذلك مع الأخذ بالحسبان بعض التصريحات الإعلامية الإسرائيلية، منها وصف مراسل القناة “12” العبرية دروز الجولان بأنهم “ليسوا مواطنين إسرائيليين”، كون معظمهم لا يحملون الجنسية الإسرائيلية، بل يحملون هويات إقامة دائمة (هويات زرقاء) تشبه البطاقات التي يحملها الفلسطينيون سكان شرقي القدس المحتلة.

إن المجزرة الكبيرة التي وقعت في قرية مجدل شمس في الجولان السوري المحتل، أعادت تركيز الأنظار على حال سكانها القابعين تحت الاحتلال منذ قرابة ستة عقود. وقد كشفت المواجهة السابقة التي وقعت بين الاحتلال ودروز الجولان في حزيران/يونيو 2023 على خلفية مشروع إسرائيلي يقضي بتركيب توربينات هواء (مراوح لتوليد الطاقة الكهربائية) في أراضٍ زراعية تابعة لأهالي الجولان، عمق الإحباط الذي يسود المجتمع الدرزي في الجولان المحتل؛ بسبب السياسات الإسرائيلية المتواصلة التي تستهدفه، وكشفت إحساسًا دفينًا بالغضب، والتضرر والمهانة لدى العرب الدروز في المنطقة جرّاء السياسات الإسرائيلية المتواصلة التي تستهدف تاريخهم وحاضرهم ومستقبلهم، عبر محاولات الاحتلال طمس هويتهم. في المقابل يظهر عجز المجتمع الدولي في ممارسة ضغوط حقيقية على إسرائيل، لوقف مخططاتها الساعية إلى تعزيز النشاط الاستيطاني الإسرائيلي في منطقة الجولان السورية المحتلة عبر مسميات مختلفة، في ظل تأكيد إسرائيلي مستمر على رفض أي عملية انسحاب من الجولان في الحاضر أو المستقبل.

تسعى هذه الدراسة إلى الوقوف على أهم المراحل والقرارات التي عايشتها منطقة الجولان السوري على مدار ستة عقود، ووضعها الحالي وما يعانيه السكان العرب الدروز المحرومون من عدة مجالات حياتية. وتسلط الدراسة الضوء على دروز الجولان المحتل وما يواجهون من تحديات كبيرة، وتعقيدات الواقع السياسي والثقافي، إلى جانب ما يعانون من تمييز إسرائيلي مجحف ضدهم، ينعكس مباشرة على واقعهم السياسي والثقافي، ووعيهم المجتمعي، وحتى المعيشي اليومي. وتحاول الدراسة فهم مراحل تطور الحركة الوطنية في الجولان وصمود الأهالي أمام محاولات الاحتلال الإسرائيلي المتواصلة لتهميشهم وتغيير هويتهم وإبقاء سيطرته على الجولان السوري أطول فترة زمنية ممكنة. إذ لا يزال دروز الجولان يتمسكون بهويتهم وانتمائهم لموطنهم الأصلي، ويحافظون على علاقتهم الوثيقة مع سوريا، حتى بعد أن استولت إسرائيل على المنطقة في عام 1967، وضمتها فعليًا في عام 1981.

خلفية عامة: الدروز في الجولان المحتل

يُقدر عدد الدروز في العالم بنحو 2 مليون نسمة، يعيش معظمهم حاليًا في أربعة دول شرق أوسطية هي: سوريا، ولبنان، والأردن، والأراضي المحتلة عام 1948 (رجبي، 2013). ويبلغ عدد العرب الدروز في الأراضي المحتلة عام 1948نحو 123 ألف نسمة يتوزعون على 16 قرية وبلدة في منطقة الجليل والكرمل، إضافة إلى نحو 27 ألفًا يقطنون في قرى في الجولان السوري المحتل (Hazran ، 2023). أما أكبر تجمع للدروز فهو في سوريا، حيث يبلغ عددهم، حسب التقديرات، حوالي 700,000 نسمة. كما يظهر من التوزيع الجغرافي، فإن المجتمع الدرزي هو، في الغالب، مجتمع ريفي-قروي، إذ يعيش غالبية الدروز في مناطق جبلية، مثل: جنوب جبل لبنان، وجبل حوران، وجبل الشيخ، ومنطقة إدلب، والجليل وجبال الكرمل. ويتميز المجتمع الدرزي بميل تاريخي إلى العُزلة عن البيئة الاجتماعيّة المحيطة، ويبتعد عن مركز الحُكم ليحافظ على أكبر قدر ممكن من الاستقلال الذاتي، ويُثبط، في المقابل، عملية الاستيعاب أو التمثل الثقافي (خيزران، 2022).

الدولةعدد الدروزالنسبة المئوية من إجمالي السكان
سوريا700.0003%
لبنان400.0005.2%
الأردن30,0000.26%
الأراضي المحتلة عام 1948150.000 (يشمل 27.000 من دروز الجولان السوري المحتل)1.6%

جدول (1): عدد الدروز المقدر في أربعة دول شرق أوسطية(Hazran ، 2023)، (الجزيرة، 2024)

تعتبر الدرزيّة من الطوائف الباطنية الإسماعيلية، وهي طائفة ظهرت في عصر أبي عليّ المنصور بن عبد العزيز المعروف بـ “الحاكم بأمر الله” في بداية القرن الحادي عشر في مصر. وفي عام 434 هـ، أغلق باب الدعوة، وبقيت الدرزية محصورة على الجماعة التي دخلت فيها، وأصبح أبناؤها جزءًا من السياق التاريخي والسياسي للعرب والمسلمين. وفي الوقت نفسه نشأت خصوصية درزية في هذا السياق، حافظ عليها الدروز على مدار وتعاقب الأزمان، حتى حدث تحول مع ظهور الحركة الصهيونية وبناء دولة “إسرائيل”، حيث سعت “إسرائيل”إلى التعامل مع الدروز باعتبارهم أقلية متميزة تخدم مصالحهم (السّمان ، 2018).

للدروز ثلاثة أسماء: الموحدون، الدروز، وبنو معروف. الاسم الحقيقي لهم هو “الموحدون”، وقد سُمّوا بهذا الاسم نسبة إلى اسم “تشيكن الدرزي” أحد دعاة المذهب، وأما “بنو معروف” فيعتقد أنه لقبيلة عربية اعتنقت الدرزية في بدايتها، وهو لقب بمعنى أهل المعرفة والخير. كتم الدروز سر مذهبهم عن غيرهم، ويعود ذلك لسببين، الأول: قلقهم من التعرض للخطر بسبب معتقداتهم التي لا تلائم المعتقدات السائدة في المجتمعات التي عاشوا فيها، والثاني كي لا تصل عقيدتهم للذين لم يتهيؤوا لقبولها، فيسيئوا تفسيرها ويغيروا حقيقتها (رجبي، 2013).

منذ عام 1957، اعترفت”إسرائيل” بشكل رسمي بالدروز- سكان الجليل والكرمل- باعتبارهم طائفة دينية، إذ التزمت الحكومات الإسرائيلية والأكثرية الحاكمة، بمبدأ التعددية تجاه الأقلية الدرزية، وذلك تجاوبًا مع موقف الدروز الموحد المؤيد لدولة إسرائيل، وخدمتهم في الجيش الإسرائيلي، وعليه فإن الأقلية الدرزية، باعتبارها أقلية في مجتمع متعدد، غايتها التعايش السياسي والاجتماعي في دولة إسرائيلية ومجتمع إسرائيلي، شريطة الحفاظ على وحدتهم الدينية والثقافية (سنداوي ، 2023).

يقدر عدد السكان الدروز في الجولان السوري المحتل اليوم بـ 27 ألفًا (Hazran ، 2023)، يعيشون في خمس قرى، فيما يبلغ عدد السوريين الذين هجرتهم سلطات الاحتلال قسرًا من الجولان بأكثر من 400,000 شخص. ويقيم في الجولان قرابة 29.000 مستوطن إسرائيلي موزعين على 35 مستوطنة غير شرعية، ويسيطرون على أكثر من 95٪ من الأراضي، إضافة إلى ما يزيد على 167 شركة استيطانية ناشطة في الجولان (أيوب، 2022).

الجولان السوري تحت الاحتلال الإسرائيلي 

في عام 1948، وبعد الهزائم المتتالية التي لحقت بالفلسطينيين والعرب عمومًا، أعلن ديفيد بن غوريون، مدير الوكالة اليهودية آنذاك، قيام دولة “إسرائيل”، وتمكنت”إسرائيل” وقتها من السيطرة على 78% من مساحة فلسطين التي كانت تحت الانتداب البريطاني(ضاهر ، 2020). وتبع ذلك قرار وقف إطلاق النار وتوقيع اتفاقيات الهدنة مع الدول العربية المجاورة لفلسطين (سوريا، لبنان، الأردن، مصر)(مؤسسة الدراسات الفلسطينية ، 2024). وبدأت إسرائيل بعدها بالتخطيط لاحتلال الجولان السوري، وكانت القوات الإسرائيلية تتعمد انتهاك بنود اتفاقية الهدنة الموقعة مع سورية في 20 تموز/ يوليو 1949 بشكل مستمر (سليمان، 2023). فتبادر إلى خرق اتفاقية وقف إطلاق النار، ومهاجمة المناطق المجردة من السلاح، في سياق التمهيد لاحتلال الجولان والسيطرة على جبل الشيخ. وسعت لتبرير اعتداءاتها المتكررة على المناطق المجردة من السلاح، بدعوى أنها تابعة لها، وأن السوريين احتلوها. وقد ترتب على هذه الاعتداءات البدء في مشروع تجفيف مياه بحيرة الحولة، بين عامي 1958-1951، للاستيلاء على الأراضي المتنازع عليها داخل المناطق المجردة من السلاح، وترحيل سكانها العرب (أيوب، 2022). بينما تدعي الرواية الإسرائيلية أنها احتلت الجولان نتيجة للاعتداءات المتكررة للجيش السوري عليها في المناطق المعزولة من السلاح وفقًا لاتفاقية الهدنة بين سورية وإسرائيل لعام 1949، ومن باب رد العدوان عن نفسها، شنت حربًا على الجيش السوري المعتدي، واستطاعت أن تهزمه وتحتل الجولان (أبو صالح، 2017).

تواصلت الاعتداءات الإسرائيلية المتتالية وصولاً إلى حرب حزيران 1967- ما يعرف بـ “النكسة”- التي أفضت إلى هزيمة العرب واحتلال إسرائيل 1,260 كيلومترًا مربعًا من أراضي الجولان السوري، إضافة لاحتلالها شبه جزيرة سيناء المصرية وباقي فلسطين (أيوب ، 2023). وإبّان الحرب هدمت “إسرائيل” حوالي 223 قرية ومدينة، ورحلت ما يقارب 130 ألف مواطن سوري من الجولان، وحولتهم إلى لاجئين في ضواحي دمشق ومدن أخرى في سوريا ( بدوي، 2021)، ومنعتهم بشكل قسري من العودة إلى بلداتهم وقراهم ومزارعهم، التي قامت بهدمها لاحقًا، وشيدت على أنقاضها 35 مستوطنة غير شرعية، ووطنت فيها مستوطنين يهودًا (أيوب، 2022). وكان لبلاغ (66) الصادر عن وزارة الدفاع السورية، الذي أعلن سقوط القنيطرة قبل دخول الجيش الإسرائيلي إليها عام 1967، أشد الأثر على معنويات الجيش السوري الذي انسحب من الجولان، وكذلك على المدنيين الذين تُركوا ليواجهوا مصيرهم منفردين (أبو صالح، 2022).

نتيجة لهزيمة حزيران عام 1967، وانسحاب الجيش السوري من الجولان، نزح السكان السوريون من بيوتهم بمبادرة منهم، وأصبح الجولان السوري خاليًا من سكانه باستثناء خمس قرى فقط في شمال شرقي الجولان، وهي مجدل شمس، وبقعاثا، ومسعدة، وعين قينيا، وسحيتا، وكلها تنتمي للطائفة العربية الدرزية، إضافة إلى قرية سادسة هي قرية الغجر، التي تتبع للطائفة العلوية، وتقع على الحدود السورية اللبنانية الفلسطينية. لاحقًا تم ترحيل قرية سحيتا الدرزية إلى قرية مسعدة القريبة منها، وتم هدمها. ولم يتجاوز عدد من تبقوا في هذه القرى 7 آلاف نسمة من أصل حوالي 150 ألف نسمة (أبو صالح، 2017). اتفق القادة الإسرائيليون منذ بداية الاحتلال، على أن الجولان جزء لا يتجزأ من”إسرائيل”. ومنذ الأيام الأولى للاحتلال عام 1967، بدأت السلطات المحتلة تعمل على محو الآثار العربية في الجولان، فهدمت القرى العربية بعد طرد سكانها إبان الحرب، وأقامت مكانها المستعمرات اليهودية، وحولت القرى الأخرى إلى أراض زراعية يستثمرها سكان المستعمرات (عرب 48، 2010).

الجولان المحتل في القرارات الأممية

في أعقاب الاحتلال الإسرائيلي للجولان السوري، وغيرها من المناطق التي سيطرت عليها”إسرائيل” بعد هزيمة العرب عام 1967، أصدر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة قرار رقم 242، تضمن- من ضمن ما تضمنه- دعوة لـ “سحب القوات المسلحة من أراض (الأراضي) احتلتها في النزاع” (وفا، 2024)، وعاد للتأكيد على ذلك في نص القرار 338 الذي صدر في أعقاب حرب تشرين أول/ أكتوبر 1973 (مؤسسة الدراسات الفلسطينية ، 2024). لكن “إسرائيل” لم تستجب للدعوات الدولية، واستمرت خلال هذه الفترة، وتحديدًا حتى إعلان ضم الجولان عام 1981، في فرض سيطرتها العسكرية على سكان الجولان المحتل، وأقدمت على محو الآثار العربية في القرى والبلدات المتبقية، وذلك بعد أن دمرت المئات منها، وهجرت سكانها خلال الحرب ( بدوي، 2021). وعلى إثر حرب تشرين/ أكتوبر 1973، استرجعت سورية نحو 60 كم2 من الجولان المحتل، وذلك بموجب اتفاقية فض الاشتباك الموقعة مع إسرائيل في 31 أيار/ مايو 1974 (أيوب، 2022).

وفي محاولة لتغليف الاحتلال العسكري بطابع قانوني إسرائيلي، أقرّ الكنيست عام 1981 “قانون الجولان”، الذي بموجبه تم الإعلان عن ضم الجولان، وفرض القانون والقضاء والإدارة الإسرائيلية عليه (الكنيست، 2024).  وبعد ثلاثة أيام من “إعلان الضم”، أصدر مجلس الأمن الدولي قرار رقم 497، أعلن من خلاله رفض المجلس لقرار الضم الإسرائيلي جملة وتفصيلًا، وأكد على هوية الجولان السورية، وأن كل الإجراءات التي اتخذتها إسرائيل مُلغاة وباطلة (مؤسسة الدراسات الفلسطينية ، 2024). بيد أن الاحتلال الإسرائيلي اتخذ خطوات عدة سبقت قرار الكنيست الإسرائيلي بضم الجولان، كان هدفها دمج السكان العرب السوريين بالمجتمع الإسرائيلي، تمهيدًا لضم الجولان، وكانت السلطات المحتلة الممثلة بالحاكم العسكري تلقى معارضة شديدة من السكان في كل خطوة عملية تخطوها، ولكن هذا لم يمنعها من الاستمرار قدمًا في سياستها، ومن أهم هذه الخطوات:

– استبدال المناهج التربوية السورية بمناهج إسرائيلية.

– ملاحقة الوطنيين في كل مكان.

– منع دخول الصحافة العربية إلى الهضبة، ومعاقبة المخالفين بالسجن والغرامات المالية.

– فرض مجالس محلية، ومحاكم مذهبية، تتلقى تعليماتها المباشرة من السلطة المحتلة.

– مصادرة الأراضي ومحاربة السكان اقتصاديًا.

– منع قيام الجمعيات الخيرية والنوادي، ومحاولة فرض نوادٍ للهستدروت (اتحاد النقابات الإسرائيلية)، وتنظيم السكان في المؤسسات الإسرائيلية.

– الإيحاء للعملاء بالمطالبة بضم الجولان.

– تزوير إرادة السكان إعلاميًا، يساعدها على ذلك عملاؤها المنبوذون من المجتمع (عرب 48، 2010).

ومنذ احتلال “إسرائيل” الجولان السوري خلال حرب 1967، وضمه بموجب قانون صدر عن الكنيست في 14 كانون الأول/ ديسمبر 1981، أصدرت هيئات الأمم المتحدة قرارات عديدة بخصوص المنطقة، لكن “إسرائيل” لا تزال تتمسك بهذه المنطقة وترفض التخلي عنها، والانصياع لقرارات مختلف الهيئات التابعة للأمم المتحدة، التي نصت على عدم شرعية قرارات الضم.

السنةالقرار الأمميتفاصيل القرار
1967مجلس الأمن التابع للأمم المتحدةفي أعقاب الاحتلال الإسرائيلي للجولان السوري، وتحديدًا في 22.11.1967 أصدر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة قرار رقم (242)[2] تضمن دعوة لـ “سحب القوات المسلحة الإسرائيلية من الأراضي التي احتلتها في النزاع.
1976لجنة ومجلس حقوق الإنسانالقرار “2” للدورة الـ 32 بتاريخ 13/2/1976، الذي يتضمن إدانة “إسرائيل” لانتهاكها المستمر لحقوق الإنسان في الأراضي العربية المحتلة، وتغيير معالم القدس وهدم مدينة القنيطرة، خارقة بذلك اتفاقية جنيف المتعلقة بحماية الأشخاص المدنيين وقت الحرب الصادرة في 12 آب/ أغسطس 1949.
1980الجمعية العامة للأمم المتحدةالقرار 35-122 الصادر بتاريخ 11/12/1980، الذي يدين “إسرائيل” لفرضها تشريعًا ينطوي على إحداث تغييرات في طابع ومركز الجولان.
1980الجمعية العامة للأمم المتحدةالقرار 35-207 الصادر بتاريخ 16/12/1980، الذي يجدد الرفض الشديد لقرار”إسرائيل” ضم الجولان والقدس.
1980الجمعية العامة للأمم المتحدةالقرار 36-147 الصادر بتاريخ 16/12/1980 الذي أدان “إسرائيل”لمحاولاتها فرض الجنسية الإسرائيلية بصورة قسرية على المواطنين السوريين في الجولان.
1981لجنة ومجلس حقوق الإنسانالقرار “1” للدورة الـ 43 بتاريخ 1981/2/11 الذي اعتبر مجددًا أن القرار الذي اتخذته “إسرائيل”سنة 1981 بفرض قوانينها وسلطاتها وإدارتها على الجولان السوري، ملغى وباطل، ودعا “إسرائيل” إلى إلغائه فورًا.
1981مجلس الأمن الدوليأصدر مجلس الأمن الدولي القرار رقم (497) بتاريخ 17/12/1981، واعتبر فيه أن قرار “إسرائيل” فرض قوانينها وولايتها وإدارتها على الجولان السوري المحتل، قرار لاغٍ وباطل وليس له أثر قانوني دولي، وطالب فيه إسرائيل بأن تلغي قرارها على الفور.
1987اللجنة الفرعية لمنع التمييز وحماية الأقلياتالقرار “11” بتاريخ الأول من أيلول/ سبتمبر 1987، الذي يتضمن إدانة “إسرائيل” لانتهاكها حقوق الإنسان في الأراضي المحتلة، ولقرارها فرض قوانينها وإدارتها على الجولان.

جدول (2): قرارات مختلف الهيئات التابعة للأمم المتحدة التي نصت على عدم شرعية قرار”إسرائيل” بضم الجولان (الجزيرة، 2016) .

وما يزال الجولان السوري خاضعًا للاحتلال الإسرائيلي منذ 57 عامًا، على الرغم من جولات التفاوض غير المباشرة بين “إسرائيل” وسوريا، وفي عام 2008 حصلت أربع جولات من المفاوضات غير المباشرة حول تسوية محتملة في الجولان بين سوريا و”إسرائيل” عبر الوسيط التركي(العوده الله ، 2019)، بيد أن سوريا أعلنت عن وقف عملية التفاوض أثناء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في بداية عام 2009( السهلي، 2009). ولا تزال”إسرائيل” تصر على رفض الانسحاب من الجولان إلى ما وراء حدود الرابع من حزيران 1967 (أيوب، 2022).

دعم أمريكي مطلق للسيادة الإسرائيلية على الجولان

سعت الإدارة الأمريكية في عهد باراك أوباما إلى اتباع سياسة حذرة في قضية الجولان السوري المحتل، وصوتت في العام 2016 لصالح بيان لمجلس الأمن، وأعربت عن قلقها العميق إزاء تصريحات نتنياهو التي قال فيها إن “إسرائيل” لن تتنازل عن الجولان (عربي، 2019). لاحقًا، وتحديدًا في آذار/ مارس 2019، اعترف دونالد ترامب بالسيادة الإسرائيلية على الجولان السوري المحتل، في سياق انحياز وتماهي إدارته المُطلق، مع السياسات الإسرائيلية، وحينها قوبِل هذا الإعلان بردود فعل عربية ودولية منددة ورافضة له، فيما رحبت “إسرائيل” بالقرار، وبدأت بترجمة ذلك عمليًا من خلال تصعيد وتيرة الاستيطان في مرتفعات الجولان، حيث خصّصت موازنات إضافية لتعزيز وتكثيف الاستيطان في الجولان، وأقامت مستوطنة جديدة حملت اسم “رامات ترامب” تكريمًا لترامب على اعترافه بالسيادة الإسرائيلية على الجولان ( بدوي، 2021). وبعد دخول إدارة جو بايدن إلى البيت الأبيض، قال وزير خارجيتها أنتوني بلينكين في 9/2/2021، إن هضبة الجولان “مهمة للغاية لأمن إسرائيل، لكن الأسئلة القانونية شيء آخر”. وقال: “على الصعيد العملي، إسرائيل تسيطر على الجولان، بصرف النظر عن الموقف القانوني، وأعتقد أن ذلك يحتاج إلى أن يظل كما هو إلا إذا لم تعد سوريا، أو من يعمل من داخلها، تمثل تهديدًا لإسرائيل، وأعتقد أننا لم نصل لذلك بعد” (24، 2021).

وفي 25/12/2021، عقدت الحكومة الإسرائيلية جلسة خاصة في مرتفعات الجولان السوري المحتل، تخلّلها مصادقة على مخطط حكومي استيطاني جديد، يتضمن إقامة مستوطنات جديدة، والاستثمار في المستوطنات المُقامة في منطقتي الجولان وقيسارية، وزيادة أعداد المستوطنين فيها خلال السنوات الخمسة المُقبلة (الشريف، 2021). وبموجب هذا المخطط، سيتم استثمار مئات ملايين الشواقل لمضاعفة عدد المستوطنين في المنطقة خلال العقد المقبل، و”تحسين نوعية الحياة” فيها، و”تطوير الاقتصاد المحلي”، كما تنصّ الخطة على تخصيص 567 مليون شيقل لمخططات التخطيط والإسكان، تشمل بناء 3300 وحدة سكنية استيطانية في “كتْسرين” خلال 5 أعوام، وزيادة عدد المنازل في مستوطنات “المجلس الإقليمي” في الجولان بنحو 4000 منزل. وتتوقّع الخطة أن تتم زيادة عدد المستوطنين بنحو 23 ألفًا، أي زيادة بنسبة 50% حتى عام 2026 ( بدوي، 2021).

صمود الدروز في الجولان

لقد نجح دروز الجولان السوري المحتل بالصمود والبقاء في أرضهم وقراهم على مدار ستة عقود، بالرغم مما لاقوه من تمييز وظلم إسرائيلي في كثير من المجالات، لا سيّما في مجال مصادرة الأراضي ومحاولة فرض ضغوطات عليهم لدمجهم في مشاريع الأسرلة وجميع أشكال الاندماج أو الانصهار في الكيان الإسرائيلي المحتل، والتي قوبلت من طرف دروز الجولان بالرفض والتمسك بهويتهم وانتمائهم السوري لتوفر الإرادة والإصرار على البقاء.

ويمكن إجمال الأسباب التي ساهمت في تعزيز صمود العرب الدروز في الجولان السوري المحتل في أرضهم وقراهم، بما يلي:

أولًا: تجربة سكان هذه القرى إبان الثورة السورية الكبرى عام 1925، فعندما أقدمت سلطات الانتداب الفرنسي على حرق قرية مجدل شمس وتهجير سكانها، تحولوا إلى لاجئين حتى نهاية الثورة وذاقوا الأمرين. هذه التجربة ما زالت حاضرة في ذاكرتهم تتناقلها الأجيال، لذلك امتلكوا إرادة البقاء، خصوصًا أن أعيانهم وقفوا بوجه كل من حاول ترك بيته، مذكرين الناس بأحداث عام 1925، وفعلوا كل ما في استطاعتهم ليمنعوا الناس من الفرار، وفي بعض الحالات تدخلوا حتى جسديًا. وأصبح ذلك جزءًا من فولكلور تلك القرى (مرعي و حلبي، 1993).

ثانيًا: بُعد هذه القرى عن الأحداث الرئيسة لحرب عام1967، حيث تقع هذه القرى في موقع استراتيجي على سفوح جبل حرمون، وفي منطقة ذات تضاريس وعرة، لذلك لم تتضرر بشكل مباشر من الأعمال الحربية.

ثالثًا: طبيعة هذه القرى الزراعية، حيث اعتمد غالبية سكانها على زراعة الأشجار المثمرة وخصوصًا التفاح، فشكل هذا رابطًا قويًا جعلهم يتمسكون بأملاكهم ولا يغادرون قراهم، فكان السكان مغروسين عميقًا في أرضهم، بالإضافة إلى علاقاتهم الاجتماعية والاقتصادية التي تميزت بالمساواة.

رابعًا: علاقة دروز الجليل والكرمل بدولة “إسرائيل”، فمما لا شك فيه أن هذه العلاقة ساهمت أيضًا ببقاء هذه القرى، وبعدم ترحيل سكانها، فقد وصلت وفود من دروز الجليل والكرمل، بإيحاء من السلطات الإسرائيلية، لتطمين دروز الجولان بأن”إسرائيل” لا تنوي أن تمسهم بسوء إذا رفعوا الأعلام البيضاء، وتعاملوا بعقلانية مع الواقع الجديد. وأدركت القيادة الإسرائيلية أن بقاء قرى الدروز، سيؤدي لاتهامهم بالعمالة مع إسرائيل، وهذا سيسهل عليها إقناع الدروز بمخططاتها القادمة والمعدة سلفًا. لكن حصل العكس تمامًا، فقد أثبت السكان الذين بقوا في بيوتهم والمتهمون بالخيانة، أنهم الضمانة الوحيدة التي ثبتت عروبة الجولان، وجعلت العالم يسمع أن هناك أرضًا سورية محتلة (أبو صالح، 2017).

خامسًا: المخطط الإسرائيلي لقيام دولة درزية (مشروع الدويلة[3])، والذي خفف ضغط”إسرائيل”عليهم، الأمر الذي مكنهم من البقاء في بيوتهم (أبو صالح، 2023).

لقد افترض الاحتلال الإسرائيلي، على ما يبدو، أن الدروز في الجولان السوري، كجماعة، سيندفعون إلى أحضانه، لكنه أخطأ التقدير (أبو صالح، 2017)، وذلك على خلاف أقربائهم الدروز في الجليل والكرمل، الذين اعترفت بهم”إسرائيل” بشكل رسمي منذ عام 1957، والتزمت مبدأ التعددية تجاههم، تجاوبًا مع موقفهم الموحد المؤيد لدولة “إسرائيل”(سنداوي ، 2023).

الموقف من الجنسية والهوية الإسرائيلية

­­­­ترتبط سياسات فرض الجنسية الإسرائيلية والهوية الإسرائيلية المدنية على سكان الجولان المحتل، بشكل وثيق مع قرار الضم وفرض القانون والقضاء والإدارة الإسرائيلية عام 1981، ما يترتب عليه من الخدمة العسكرية في جيش الاحتلال وفي مؤسساته الأمنية، وسياسات إعادة تشكيل الهوية الثقافية والسياسية لأبناء الجولان (المرصد، 2021)، إذ بدأت سلطات الاحتلال في هذه الفترة، وعلى نطاق واسع، الربط بين الجنسية والحياة اليومية، فعلى سبيل المثال، لم يكن بالإمكان الحصول على رخصة سياقة من دون حيازة بطاقة هوية شخصية مذكور فيها أن الجنسية إسرائيلية، ولم يكن بالإمكان أيضا السفر داخل “إسرائيل” من دون مثل هذه البطاقة. وفي الوقت نفسه، حصلت القلة التي تعاونت مع سلطات الاحتلال، على امتيازات خاصة، مثل: ضرائب مخفضة، وحصص أكبر من المياه، وأجوبة سريعة تتعلق بتصاريح البناء، وغيرها (مرعي و حلبي، 1993).

رفض أهالي الجولان بصوت واحد قرار ضم الجولان لإسرائيل، ورفضوا قبول الجنسية الإسرائيلية والهوية الإسرائيلية المدنية، والتي تُعتبر بعد الضم حكمًا قانونيًا يجب تنفيذه. وكرد فعل على قرار الضم وفرض الجنسية الإسرائيلية، أعلنوا الإضراب العام المفتوح في 14 شباط/ فبراير 1982 (أيوب، 2022).

عندما تأكدت السلطات الإسرائيلية أن أهل الجولان لن يقبلوا طوعًا تنفيذ القرار، أعلنت رسميًا في 1/4/1982 أن الجولان منطقة مغلقة، وفرضت حظر التجول على مدار الساعة، وأرسلت إلى المنطقة 14.000 جندي إسرائيلي، أي أكثر من عدد السكان العرب في مرتفعات الجولان، قاموا بالتنقل من بيت إلى آخر لمصادرة بطاقات الهوية العسكرية القديمة، وتوزيع بطاقات الهوية الجديدة، المعدة لكل فرد، والمذكور فيها الجنسية الإسرائيلية (مرعي و حلبي، 1993). نتيجة لذلك، حصلت اشتباكات مع الجيش الإسرائيلي، وسقط جرحى من سكان الجولان نتيجة إطلاق النار عليهم، واعتقل عدد كبير من الشباب لرفضهم قبول الهوية الإسرائيلية المدنية، وقد تم تحويل المدارس إلى مراكز اعتقال (المرصد، 2021). ورغم هذا الحصار، رفض أهل الجولان قبول الهويات الإسرائيلية المدنية، فأقدمت قوات الاحتلال على رمي الهويات داخل البيوت، أو على شرفاتها. وبعد إلغاء حالة منع التجول، جمع السكان الهويات في ساحات القرى، معلنين رفضهم القبول بها، واستمرت المواجهات والإضراب العام حتى 19/7/1982 (أبو صالح، 2017).

وإبان الحرب على لبنان عام 1982، وعلى إثر الإضراب الذي خاضه سكان الجولان وحركتهم الوطنية، والذي استمر لمدة ستة أشهر بعد إعلان الضم عام 1981، أعلنت إسرائيل أنها لن تفرض الجنسية الإسرائيلية على أهل الجولان بالقوة، وأن ذلك متروك لمن يرغب، وعدم مصادرة أراضي ومياه قرى الجولان الأربعة، وأنها لن تستدعي للخدمة العسكرية المواطنين في الجولان قبل حصولهم على الجنسية الإسرائيلية، لكن تم تمرير الضم الفعلي والقانوني، وأُجبر الأهالي على القبول بمكانة “المقيم في إسرائيل”، مع وثائق سفر تُعطى لمن ليس لهم دولة وجنسية غير مُعرفة (Undefined) في بطاقات الهويّة (المرصد، 2021). وبذلك أصبحت المكانة القانونية لسكان الجولان المحتل، شبيهة بمكانة المقدسيين، أي “مُقيمين”، وليسوا مواطنين (يحملون الجنسية) (أبو صالح، 2017). وعليه، فإن أغلب سكان الجولان المحتل لا يمتلكون جنسية أو جواز سفر، ويكتفون بحمل وثيقة سفر تحدد جنسيتهم على أنها “غير معرفة” (Amun، 2022). 

ورغم المحاولات الدؤوبة من قبل سلطات الاحتلال لترغيب الجيل الصاعد في الجنسية الإسرائيلية، ورغم الأحداث الدموية في سوريا، إلا أن سكان الجولان ما زالوا متمسكين بجنسيتهم السورية. ووفقًا للإحصاءات التي يجريها المرصد- المركز العربي لحقوق الإنسان في الجولان، بين الفينة والأخرى، فإن الأشخاص الذين تقدّموا، طوعًا وبإرادتهم الحرة، بطلبات للحصول على الجنسية الإسرائيلية، وفق معطيات سلطة السكان والهجرة، خلال 54 عامًا؛ أي منذ عام 1967 حتى أواخر أيلول/سبتمبر 2021 (تشمل الأحياء والمتوفين) يشكل ما نسبته 8.5% من تعداد السكان الحالي (المرصد، 2021). ولكن بحسب التقارير الإسرائيلية، فإن عددًا متزايدًا من الدروز، خاصة من جيل الشباب، تقدم بطلبات في السنوات القليلة الماضية للحصول على الجنسية الإسرائيلية. وأحد الأسباب في ذلك هو تحسين فرصة الحصول على عمل داخل”إسرائيل”(غوستولي، 2015).

 201720182019202020212022مجموع 6 سنواتمجموع طلبات المواطنين للجنسية والإقامة
مجدل شمس444067491461194652068
بقعاثا 172229954411721147
مسعدة1582962538121739
عين قينيا8510914854349
المجموع الكلي8475135732392068124303

جدول (3): عدد طلبات الحصول على الجنسية الإسرائيلية من قبل السكان الدروز في الجولان المحتل 2017- 2022 (Amun، 2022)

على صعيد آخر، استحدثت سلطات الاحتلال الإسرائيلي إبّان الحكم العسكري في عام 1976، خمسة مجالس محلية في القرى السورية المحتلة، وفرضتها على السكان (أيوب، 2022). وبعد فرض قانون الضم عام 1981، انتقلت صلاحية تعيين رؤساء المجالس المحلية في قرى الجولان السوري المحتل، إلى وزير الداخلية الإسرائيلي ( Pacchiani، 2024). وقد رفض المواطنون السوريون حينذاك الاعتراف بهذه المجالس والتعامل معها، باعتبارها غير شرعية. وكانت السلطة تختار أشخاصًا موالين لها لرئاسة هذه المجالس، وخصصت لها ميزانيات متواضعة، إلا أنها قامت بجبي الضرائب من السكان الدروز بصورة منتظمة، مستخدمة مختلف الأساليب، ومنها اللجوء إلى القضاء الإسرائيلي، لإرغامهم على تسديد الضرائب، فيما كان مستوى الخدمات المقدمة للسكان ضئيلًا جدًا، واقتصر على الكهرباء والماء بصورة أساسية. وتعمدت إدارة المجالس المحلية حرمان الفئات الناشطة ضد الاحتلال والمجالس المحلية من أبسط الخدمات، في حين كان القريبون منها يحظون ببعض الامتيازات مثل التوظيف، والتطوير، وغيرها. ومع مرور الوقت، بدأ السكان يتعاملون مع المجالس المحلية للحصول على الخدمات من ماء وكهرباء وتعبيد الطرق، وغيرها (أيوب، 2022).

وفي 3 تشرين الأول/أكتوبر 2018، أعلن أرييه درعي، وزير الداخلية الإسرائيلي، عزمه إجراء انتخابات محليّة في قرى الجولان السوري، لأول مرة بعد ما يزيد عن خمسين عامًا على احتلاله(حيدر، 2018). لم يتمكن سوريو الجولان المعترضون من إلغاء هذا القرار، ولكن مقاومتهم السياسية نجحت عمليًا في حصر التجاوب المحلي مع دعوات الانتخاب، ببضع مئات من الأصوات، إذ لم تتعد نسبتهم ثلاثة بالمئة من المقترعين المحتملين، كما نجحوا في إقناع بعض المرشحين بالانسحاب. وبالتالي نجحت معنويًا في إفراغ هذه العملية من أية نتيجة أو رمزية يُعتد بهما، لاسيّما بعد الاعتداءات العنيفة والاستخدام المفرط للقوة، الذي مارسته الأجهزة الأمنية للاحتلال بحق المتظاهرين السلميين أمام مراكز الاقتراع، والتي خلفت عشرات الإصابات في صفوفهم (جولاني، 2024).

وعشية انتخابات السلطات المحلية الأخيرة التي أجريت في 27/2/2024، أصدر المرصد – المركز العربيّ لحقوق الإنسان في الجولان، بيانا دعا فيه أهالي الجولان لمقاطعة الانتخابات المحلية في الجولان المحتل، على اعتبار أن المشاركة فيها تعني إضفاء شرعية على الحكم الإسرائيلي، وتأسيسًا لانقسامات واصطفافات عدائيّة داخل المجتمع الدرزي، سوف تنعكس سلبًا على النسيج الاجتماعي والسلم الأهلي(جولاني، 2024). ومع الإشارة إلى أن غالبية السكان السوريّين في الجولان يرفضون قبول الجنسية الإسرائيلية، فإنه، وبموجب القانون الإسرائيلي المفروض على الجولان، يُفترض بكل من ينوي الترشح للانتخابات، أن يكون حاملًا للجنسية الإسرائيلية. وعليه، فإن قائمة المرشحين تقتصر على أشخاص من حاملي هذه الجنسية ممن يقرون بشرعية الاحتلال(المرصد، 2021). ومع ذلك، شهدت الانتخابات الأخيرة مشاركة أوسع، مما يشير إلى تحول محتمل في نهج المجتمع المحلي تجاه هياكل الحكم المحلي التي فرضتها “إسرائيل”. فقد بدأت السلطات المحلية، التي تعمل وكيلا للاحتلال، في احتكار الحيز العام والقضايا العامة، وهي تسعى الآن إلى اكتساب شكل من أشكال الشرعية داخل المجتمع الدرزي (فرح، 2024).

الحركة الوطنية في الجولان

بدأت تتشكل نواة الحركة الوطنية في الجولان المحتل في أعقاب إفشال مخطط “الدويلة الدرزية”، فقد أجرى الكثير من الشباب اتصالات بأجهزة الأمن السورية، بمبادرات شخصية منهم، وعرضوا عليها أن  ينتظموا لمصلحة العمل الوطني، خصوصًا أن قسمًا لا يستهان به من هؤلاء الشباب، كان متأثرًا بالحركة الناصرية والبعثية، وكانت هناك أيضًا نواة للحزب القومي السوري الاجتماعي، حيث  أن الفكر القومي العربي، الذي حمل شعلته الرئيس الراحل جمال عبد الناصر من جهة، وألم الهزيمة الذي جرح كبرياء هؤلاء الشباب بالصميم من جهة أخرى، شكّل دافعًا لهم على العطاء والانخراط في العمل الوطني (أبو صالح، 2023). وهكذا تنظم أكثر من 70 شابًا من مختلف القرى في الجولان، في أربع شبكات سرية مختلفة، تعمل مع الأمن السوري. استطاع هؤلاء الشباب تقديم معلومات قيمة جدًا قبل حرب تشرين الأول/ أكتوبر 1973، حول مرصد جبل الشيخ وخط بارليف، حيث عمل قسم منهم كعمال في هذه المواقع، واستطاعوا الحصول على مخططاتها وقدموها للأمن السوري. وبدوره، قدم الأخير مخططات خط بارليف للمصريين. استطاع الأمن الإسرائيلي اكتشاف أمر هذه الشبكات في مطلع السبعينيات، حيث اعتقل عددًا كبيرًا من شباب قرى مجدل شمس وبقعاثا ومسعدة وعين قينية، كما قتل في تلك الفترة شابان بالرصاص الإسرائيلي عندما كانا يؤديان مهامهما الوطنية (أبو صالح، 2017).

يُقسّم ثائر أبو صالح، الباحث السياسي من الجولان السوري المحتل، نمو الحركة الوطنية السورية في الجولان على مدار سنوات الاحتلال الممتدة بين حزيران 1967 وحتى اليوم، إلى مراحل تاريخية، وفقًا للأحداث والتحولات المهمة محليًا وإقليميًا، والتي أثرت في سياسة “إسرائيل” واستراتيجيتها المتبعة تجاه السكان السوريين في الجولان المحتل، حيث اتبعت “إسرائيل” في كل مرحلة من هذه المراحل، استراتيجية ونهجًا مختلفين عن المراحل السابقة. ويجمل نتائج هذه السياسات، بهدف فهم آلية تطورها وصيرورتها، وصولًا إلى وضع رؤية مستقبلية لعلاقة السكان مع الدولة المحتلة من جهة، ولعلاقتهم مع وطنهم الأم سوريا من جهة أخرى (أبو صالح، 2017).

المرحلةتفاصيل المرحلة
المرحلة الأولىأحداث حرب حزيران 1967، وإفراغ الجولان من سكانه. الرواية العربية في مقابل الرواية الإسرائيلية.
المرحلة الثانية1967-1973: تمثلت هذه المرحلة بحدثين مهمين: الأول إفشال المخطط الإسرائيلي في تقسيم سورية ولبنان إلى دويلات طائفية، وهو مخطط سعت “إسرائيل” إلى تنفيذه بعد حرب 1967، مستفيدة من الهزيمة التي منيت بها الجيوش العربية، والضعف العربي العام بعد الحرب، والثاني هو بداية تشكل الحركة الوطنية في الجولان السوري المحتل.  
المرحلة الثالثةتمتد هذه المرحلة من نهاية حرب تشرين/ أكتوبر 1973، وحتى صدور قرار ضم الجولان لإسرائيل في 14.12.1981، وحصلت في هذه الفترة أحداث مهمة، بدءًا باتفاقية فصل القوات لعام 1974 بين سورية و”إسرائيل”، ومرورًا بوصول (الليكود) إلى سدة الحكم عام 1977، حتى توقيع اتفاقية كامب دافيد بين مصر و”إسرائيل” عام 1979، وانتهاءً بضم الجولان عام 1981. كان لهذه الأحداث تأثير كبير في سكان الجولان السوري المحتل من جهة، وفي السياسة الإسرائيلية من جهة أخرى، مما جعلها تعيد صياغة استراتيجيتها بصورة جديدة ومختلفة.  
المرحلة الرابعةهي مرحلة المواجهة والمقاومة العلنيتين، حيث خرج السكان لمواجهة الاحتلال وسياساته، واستمرت هذه المرحلة حتى نهاية عام 1982، وشهدت إضرابًا استمر نحو ستة أشهر، وحصلت اعتقالات ومواجهات بين السكان والاحتلال احتجاجًا على قرار الضم، ورفضًا له.  
المرحلة الخامسةتمتد هذه المرحلة من عام 1983 وحتى بداية التسعينيات، وتميزت باستمرار المواجهات بين الاحتلال والسكان من جهة، وبداية الانقسام داخل الحركة الوطنية من جهة أخرى. وتمثلت هذه المرحلة باستراتيجية (العصا والجزرة).  
المرحلة السادسةهي الأطول زمنيًّا، امتدت عمليًا من بداية التسعينيات حتى آذار/ مارس 2011 حين بدأت الثورة السورية. تميزت هذه المرحلة بترهل الحركة الوطنية، نتيجة لتغيير الاستراتيجية الإسرائيلية من استراتيجية الفرض وقهر السكان بالقوة، إلى استراتيجية النخر في النسيج الاجتماعي، عبر التركيز على الجيل الصاعد والمؤسسات التربوية، وتوقفت “إسرائيل” عن مواجهة السكان المباشرة. ومن جهة أخرى تميزت هذه المرحلة بجولات مفاوضات السلام المتعددة بين سوريا و”إسرائيل”، أمر انعكس تأثيره على السكان أيضًا.
المرحلة السابعةهي مرحلة ما بعد الثورة السورية في آذار/ مارس 2011. وتميزت بتسريع وتيرة (الأسرلة) من أجل ابتلاع الجولان بصورة نهائية، وربما ضمُّ أقسام أخرى من سوريا في حال تقسيمها، وهي الاستراتيجية الإسرائيلية الجديدة تجاه السكان السوريين في الجولان المحتل بعد الثورة السورية.  

جدول (4): مراحل تطور الحركة الوطنية في الجولان المحتل (أبو صالح، 2017)

على ضوء ما ذكر، فإن الحركة الوطنية الجماهيرية في الجولان المحتل، ما زالت أكثر الحركات شعبية وقبولًا، وما زالت، على ضعفها، مستمرة في العطاء، رغم المندرجين في مشاريع الأسرلة، والمندمجين مع السلطة المحتلة. ورغم ابتعاد موالي النظام في سوريا عن الواقع الجولاني، وتمسكهم بخيار النظام وخطابه، ما زالت الحركة الوطنية تدعو المؤسسات الوطنية إلى أخذ دورها في حماية المشروع الوطني السوري في الجولان المحتل (أبو جبل، 2020).

الواقع الثقافي لدروز الجولان وتحدياته

 تضمنت سياسات الاحتلال الإسرائيلي مشاريع متكررة ترمي إلى التوظيف السياسي لعقدة الأقلية لدى الدروز، وذلك بهدف فصل الدروز عن محيطهم الثقافي والقومي من خلال الاعتراف بهم كأقلية دينية، ومن ثم كمجموعة قومية في العام 1956، وإقامة محاكم خاصة بهم عام 1963. وقد سبق ذلك قرار فرض التجنيد الإجباري عام 1956، الذي استطاعت الدولة تمريره مستغلة الأحوال الاقتصادية، وعقدة الأقلية، والتحالفات مع الزعامات التقليدية. وقد وضعت وزارة المعارف الإسرائيلية منهاج التعليم للدروز في “إسرائيل”، سعيًا لصهينة الدروز فكريًا وسلوكيًا، من خلال تعزيز الهوية الطائفية الدرزية الانطوائية لدى الأجيال الجديدة، والولاء الأيديولوجي والسياسي لدولة “إسرائيل”، والإمعان في الانعزال عن المحيط العربي الإسلامي (خيزران، 2018).

وفيما يتعلق بدروز الجولان المحتل، فبالرغم من أنهم رفضوا قرار الضم الذي اتخذته الحكومة الإسرائيلية عام 1981، ورفضوا التجنيد في الجيش الإسرائيلي، إلا أن الدولة طبقت عليهم منهاج التعليم المعمول به في المدارس الدرزية في “إسرائيل” (أيوب، 2022). ومنذ الأيام الأولى للاحتلال عام 1967، بدأت السلطات المحتلة تعمل على محو الآثار العربية في الجولان، وأطلقت أسماء عبرية على كثير من المناطق فيه، وأعلنت عن اكتشافات أثرية مزعومة تؤكد حق الدولة العبرية في الجولان (عرب 48، 2010). وألغت سلطات الاحتلال مناهج الدراسة السورية التي كان معمولًا بها في مدارس الجولان، وأتت بمناهج إسرائيلية. وقد تم فرض المناهج الدراسية الجديدة على السكان العرب عنوة، بالرغم من معارضتهم الشديدة لها. ويتحكم الاحتلال في مدراس الجولان، حيث تتدخل أجهزة الأمن الإسرائيلية، وتحديدًا جهاز الأمن العام (الشابك)، في تعيين إدارة المدارس، إضافة إلى تدخله السافر في تعيين المعلمين، ويحرص على تمرير سياسات الأسرلة، من خلال تطبيق المناهج الدراسية التي تشدد على الخطاب الطائفي الديني، وتغييب هوية السكان وثقافتهم العربية والسورية بشكل كامل (أيوب، 2022).

لقد أضحى الجولان السوري بعد احتلاله عام 1967، في مواجهة وصدام مباشر مع مشروع استيطاني صهيوني، قائم على الاقتلاع ومحو التاريخ والذاكرة وتزويرها، وذلك من خلال تغيير طابعه وهويته وثقافته العريقة، وخلق ذاكرة ثقافية جديدة، وفق منطق أن الماضي والتاريخ هو السلطة الشرعية التي تسوغ الحاضر والمستقبل، وعلى “إسرائيل” أن تخلق هذا الماضي من موروث المنطقة التي تسيطر عليها بعد تصنيفه، ونسبه إلى أيديولوجية قومية صهيونية، تتناسب مع الواقع لتسويغ الوجود غير الشرعي (أبو جبل، 2020).

ومن أخطر ما ترتب على المناهج الدراسية المستحدثة من قبل المحتل، تجاهلها التام للهوية والثقافة العربيتين، ولحضارة وتاريخ السكان المحليين، إضافة إلى عدم استجابتها للمعايير الدولية لحقوق الإنسان، بحكم انتهاكها للحقوق الثقافية للسكان، وتركيزها على البُعد الطائفي، وذلك في إطار محاولة فصل الدروز العرب السوريين عن جذورهم القومية، والثقافية، وعن التقاليد وقيم التراث العربية، والتعاطي مع الجولان وسكانه السوريين بصفته “جزءًا لا يتجزأ من “إسرائيل”” (أيوب، 2022).

لكن على الرغم من ذلك كله، شهد الجولان المحتل تكوينات ثقافية عدة، متوافقة مع التطلعات والمواقف الوطنية والاجتماعية للسكان السوريين، الذين يرى معظمهم أن مصيرهم مرتبط بسوريا وطنهم التاريخي والطبيعي، ورفضوا التنازل عن هويتهم الوطنية والثقافية والسياسية السورية، على الرغم من بطش المحتل الإسرائيلي وقمعه، ونجحوا خلال أكثر من خمسين عامًا، في بلورة مشهد ثقافي مميز في إطار المسرح والأدب والشعر، والفنون والإعلام والموسيقى والغناء، ضمن مشروعات فردية وجماعية، تتغذى من روايتهم التاريخية، وشعورهم الوطني، وتجاربهم الشخصية، حيث ساهمت، بشكل أو بآخر، في مقاومة الطمس الثقافي الإسرائيلي لهويتهم (أبو جبل، 2020).

لقد  شهدت السنوات العشرون الأخيرة مبادرة مخرِجين من الجولان إلى صناعة أفلام وثائقية وروائية عن المنطقة، بوصف الثقافة ضرورة في سياق الجولان السوري المحتل، وشهدت هذه السنوات العديد من التظاهرات الثقافية التي نظمتها مؤسسات مجتمع أهلي، تهدف إلى تنشيط الحقل الثقافي الجولاني، والتحرر من أجندات السلطات الاستعمارية، للدفاع عن الهوية الثقافية الجولانية الأصلانية، التي تواجه تهديدات وجودية متصاعدة، تتمثل بسياسات الأسرلة المكثفة من جهة، والمشاريع الاستيطانية التوسعية من جهة أخرى (إبراهيم ، 2021). بيد أن اللحظة الفارقة الأعمق تأثيرًا جاءت في آذار/ مارس 2011، عندما تفجّرت كل التناقضات مرة واحدة، مع انطلاق الثورة السورية. تجلى ذلك في انقسام مجتمعي حاد، وانكسار كل ما بدا قبل ذلك مسلّمات وبديهيات. أدى الاستقطاب السياسي الحاد والفرز العميق داخل المجتمع، ما بين مناصر للثورة ومناصر للنظام، وانحياز معظم نشطاء الحقل الثقافي للثورة، وانخراطهم في النشاط الإعلامي والفني والتعلق بيومياتها، إلى انكماش الفضاءات الثقافية المحلية (طربيه، 2023). وقد بلغ هذا الانقسام ذروته بالتعدي والتخوين والتهميش، وبالتالي أُفرغت الساحة الوطنية على مدار عقد من الزمن، من أي عمل وطني توعوي يخاطب المجتمع والشباب. وقد انشغل الصف الوطني بما يحصل في سوريا، ومتابعة الأحداث بقلق شديد؛ لأنه سوف ينعكس تمامًا على الجولان المحتل (زهوة، 2023).

لقد شكلت بداية الثورة حدثًا استثنائيًا، وبدا لكثيرين من نشطاء الفن والثقافة، أنهم يعيشون تجسيدًا نادرًا لالتقاء النظرية بالممارسة، والتحام الثقافة بالحياة، وانتظام الممارسة السياسية والفعل الفني- الثقافي والمعرفة التحررية في خط واحد، يربط انعتاق الجولان من الاحتلال الإسرائيلي، بانتصار قيم الحرية والكرامة، والتحرر من نظام الاستبداد في الوطن الأم سوريا. وبات لدى معظم نشطاء الحقل الثقافي قناعة بأن احتمال تحرير الجولان أصبح أبعد من أي وقت مضى، وذلك كله في ظل التخوف من التحوّل إلى الذريعة المؤسسة لخطاب تيار الأسرلة، والاندماج الكامل ضمن المنظومة الاستعمارية بعقيدتها الصهيونية (طربيه، 2023).

يواجه أهالي الجولان المحتل تحديًا حقيقيًا في الحفاظ على انتمائهم، وتعريفهم الحقيقي يأتي من منطلق الدفاع عن هويتهم من الذوبان والتزوير، وحماية الجيل الشاب والجيل القادم من التعاسة الثقافية والوطنية (زهوة، 2023). ويتضح أن غياب المؤسسات الثقافية في الجولان أو ضعفها، مرتبط ارتباطًا كليًا بالواقع السياسي، فقد غدت الحالة الثقافية والفنية والمسرحية في الجولان، تحت مطرقة برامج الأسرلة والتهويد، وسندان الحاجة الروحية والفكرية إلى الحالة الثقافية، في ظل غياب كامل للدولة السورية، التي لم تنظر بأريحية إلى تطور الحالة الثقافية في الجولان وارتقائها، لعدم انصياعها للإملاءات والولاءات والتهديدات الأمنية السورية، وتناقضها مع طبيعة النظام القمعية والاستبدادية، إضافة إلى تحول الحالة الثقافية أيضًا، إلى ضحية النخبوية الأكاديمية والمهنية والسياسية في الجولان، التي ساهمت بشكل أو بآخر، في ظهور دائرة الأصوات المؤيدة للاندماج في المنظومة الإسرائيلية، وتصاعدها واتساعها (أبو جبل، 2020).

علاقة دروز الجولان مع المجتمع الفلسطيني

في الأشهر الأولى لاحتلال الجولان عام 1967، عجّل الدروز العرب في الجليل والكرمل في القدوم إلى مرتفعات الجولان لإعادة بناء العلاقة، العائلية وغيرها، التي انفصمت منذ قيام “إسرائيل” عام 1948. غير أنه سرعان ما تدخلت الخلافات السياسية، إذ غضب الدروز السوريون من التعاون الذي كشف عنه أعضاء كثيرون في جماعة دروز الجليل والكرمل مع الدولة الإسرائيلية. وإضافة إلى ذلك، سرعان ما أدرك الدروز السوريون أن أقاربهم الفلسطينيين، دروز الجليل والكرمل، لم يستفيدوا فعليًا من تعاونهم مع السلطات الإسرائيلية، إذ لم تفرق إسرائيل بين الدروز والعرب الآخرين في مصادرة الأراضي، وقصر استخدامها على اليهود (مرعي و حلبي، 1993). علاوة على ذلك، فإن أداء الخدمة العسكرية المفروض على الدروز، لم يساعدهم في تحصيل جميع حقوقهم في دولة إسرائيل، مما أدى إلى ازدياد ظاهرة رفض التجنيد الإجباري في الأعوام الأخيرة بين أبناء الطائفة الدرزية، بسبب وعيهم بعدم تحصيلهم جميع تلك الحقوق أو الامتيازات التي وعدوا بها (رجبي، 2013).

وفقًا لباحثين من الجولان المحتل، فإن الدروز العرب في الجولان والجليل والكرمل، ليسوا متناغمين تمامًا في مواقفهم، وأن العلاقات بين المجتمعين الدرزيين علاقات فاترة، وخصوصًا منذ سنة 1982 (مرعي و حلبي، 1993). ولقد نأى أغلب الدروز في الجولان بأنفسهم عن موقف إخوانهم في المذهب داخل “إسرائيل”، في حين ما تزال هناك صلات وثيقة بين دروز الجولان ووطنهم السوري، خاصة وأن أغلبهم تربطهم بسوريا صلات قرابة (غوستولي، 2015). وهناك عائلات في الجليل والجولان، تربط بينها صلات قرابة وشيجة، لم يزر بعضها بعضًا منذ أعوام. وبينما يتزوج الدروز داخل إطار مجتمعهم الديني، فإن الزيجات بين دروز الجولان ودروز الجليل قليلة جدًا. ونظرًا لقلة عدد السكان الدروز، فإن لهذا الأمر مغزاه المهم (مرعي و حلبي، 1993).

ويقول توبياس لانغ، في دراسته حول الأقلية الدرزية في سوريا ولبنان: “خلال العقود الماضية، كان هناك جفاء في العلاقة بين الدروز في “إسرائيل”وإخوانهم في المذهب بالجولان… أغلب الدروز في “إسرائيل” يخدمون في الجيش، واتخذوا لأنفسهم هوية درزية إسرائيلية مميزة، بينما بقي الدروز في الجولان موالين لموطنهم سوريا” (Lang, 2021). وهناك عدة تفسيرات محتملة للاختلاف بين المجتمعين: منها أن دروز الجليل انتقلوا من الانتداب البريطاني إلى الاحتلال الإسرائيلي مباشرة، بينما عاش دروز الجولان في ظل حكومتهم في دمشق. كما أن دروز الجولان اندمجوا في الحياة السياسية السورية، وكذلك تراث المقاومة في مرتفعات الجولان، وخصوصًا ضد الفرنسيين في سنة 1920، وربما أيضًا لأن دروز الجولان شعروا بأن هناك حكومة راسخة تقف خلفهم، بينما لم يتوفر هذا لجماعة الجليل بعد سقوط فلسطين. ومهما تكن الأسباب، فالاختلافات موجودة (مرعي و حلبي، 1993).

يقيم دروز الجولان علاقات وتضامنًا أقوى مع فلسطينيي الداخل المحتل والضفة الغربية وغزة، وأفضل من تلك القائمة مع الدروز في “إسرائيل” نفسها(مرعي و حلبي، 1993). وبعد فك الحصار عن قرى الجولان، والذي استمر من 14/2/1982 حتى الأسبوع الأول من شهر نيسان/ إبريل من السنة نفسها، بدأت الوفود الفلسطينية تتوافد من الداخل المحتل، ومن القدس والضفة الغربية وغزة، للتضامن مع أهل الجولان المضربين، وقدموا لهم المساعدات على جميع المستويات، المعنوية والعينية والإعلامية، وتشكلت لجان للتضامن مع أهل الجولان لمتابعة قضيتهم، ونظمت المظاهرات والوقفات احتجاجًا على التعامل الوحشي للاحتلال مع السكان. وقد شكل الفلسطينيون بالنسبة لأهل الجولان، العمق والرئة التي كانوا يتنفسون من خلالها بعدما أطبق الاحتلال على أنفاسهم (أبو صالح، 2023). في المقابل، شكل دروز الجولان لجانًا للتضامن حين اندلعت الانتفاضة الفلسطينية الأولى عام 1987، وكانوا أول من أرسل شاحنات محملة بالأغذية والملابس إلى مخيمات اللاجئين في الضفة الغربية وقطاع غزة. وكانوا يجمعون الأموال، وينظمون زيارات تضامن لمخيمات اللاجئين. وفي كل سنة، كانوا ينظمون حملات لقطف التفاح، ويوزعونه على مستشفيات الضفة الغربية وغزة، ويتبرعون بعائدات مبيعات التفاح لدعم الانتفاضة. كما أنهم قاموا بعدة تظاهرات شعبية وإضرابات عامة تأييدًا للانتفاضة. غير أن واقع البعد الجغرافي حدّ من القدرة على التفاعل أكثر بينهما (مرعي و حلبي، 1993).

وقد وحدت السجون الإسرائيلية بين مناضلي الجولان وفلسطين، ونُسجت العلاقات النضالية التي استمرت بعد التحرر والخروج من السجون. كما انخرط طلاب الجولان في الجامعات الإسرائيلية أيضًا، في إطار النضال الطلابي الفلسطيني، الذي كان محوره الصراع مع الحركة الصهيونية، وتبوأ العديد من طلبة الجولان مناصب قيادية في إطار العمل الطلابي الفلسطيني، دون أية تفرقة بين الطالب الجولاني السوري والطالب الفلسطيني. وامتد التلاحم إلى المرافق الثقافية، واندمج أهل الجولان في العمل الثقافي الفلسطيني من خلال المسرح والموسيقى والمعارض الفنية، وأقيمت أعمال مشتركة على مدار عشرات السنين، وما زالت مستمرة في مجالات كثيرة حتى اليوم (أبو صالح، 2023). وحتى اندلاع الثورة السورية عام 2011، وما أحدثته من انقسام سياسي حاد، كان وفد كبير من الجولان السوري المحتل يشارك سنويًا في مهرجان “الأقصى في خطر”، الذي نظمته الحركة الإسلامية على مدار عقدين متتاليين، قبل أن تحظرها “إسرائيل” وتخرجها عن القانون عام 2015. وفي هذا الملتقى الذي كان يحشد عشرات الآلاف من فلسطينيي الداخل، وبمشاركة وفود من القدس المحتلة والجولان السوري، كانت تخصص فقرة خطابية لوفد الجولان، إلى جانب متحدثين من وفود أخرى (خطيب، 2022).

الخاتمة

حاولت هذه الدراسة التعرف على أهم المراحل والقرارات التي عايشتها منطقة الجولان السوري بعد احتلالها من قبل “إسرائيل” في عام 1967، هذه المنطقة التي يعاني سكانها العرب الدروز من تمييز إسرائيلي مجحف ضدهم، ينعكس مباشرة على واقعهم السياسي والثقافي، ووعيهم المجتمعي، وحتى المعيشي اليومي. حيث يسعى الاحتلال الإسرائيلي، على مدار ستة عقود، لتغيير هوية السكان العرب الدروز ومواصلة تهميشهم، وإبقاء سيطرته على الجولان السوري أطول فترة زمنية ممكنة. كما يمكن الإشارة إلى أن الاحتلال الإسرائيلي يسعى عبر حكوماته المتعاقبة إلى فرض الأمر الواقع الاستيطاني في منطقة الجولان المحتل، الذي يعتبر مخالفًا للقرارات الدولية، وتواصل دولة الاحتلال تمسكها بهذه المنطقة، وترفض التخلي عنها والانصياع لقرارات مختلف الهيئات الأممية التي نصت على عدم شرعية احتلال الجولان السوري.

في المقابل، يتمسك معظم دروز الجولان المحتل بهويتهم السورية، ويرفضون الجنسية والهوية الإسرائيلية وسلطة الدولة، ويعرفون أنفسهم بدلًا من ذلك بأنهم سوريون، ويقيمون علاقات أفضل، وتضامنًا أقوى مع فلسطينيي الداخل المحتل والضفة الغربية وغزة، من تلك العلاقة القائمة مع الدروز في”إسرائيل” نفسها التي تتسم بالجفاء.

ومن ناحية الواقع السياسي، فقد ولدت الحركة الوطنية في الجولان من رحم معاناة وهزيمة حزيران 1967. وترعرعت في ظروف محلية وإقليمية صعبة. وعلى الرغم من ضعفها إلا أنها أكثر الحركات شعبية وقبولًا، وما زالت مستمرة في العطاء، واستطاعت أن تشق طريقها مستفيدة من الأحداث التي تدور حولها على المستوى المحلي والإقليمي. وفيما يتعلق بالواقع الثقافي، فإن غياب المؤسسات الثقافية في الجولان أو ضعفها يرتبط ارتباطًا كليًا بالواقع السياسي، وغدت الحالة الثقافية والفنية والمسرحية في الجولان، تحت مطرقة برامج الأسرلة والتهويد، وسندان الحاجة الروحية والفكرية إلى الحالة الثقافية بمثابة حافز للوعي من أجل مواجهة سياسات الدمج والاحتواء والإخضاع لخدمة الأجندات الإسرائيلية.

المصادر والمراجع

المراجع العربية

BBC عربي. (25 3, 2019). دونالد ترامب يوقع قرارًا يعترف بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان. تم الاسترداد من موقع BBC عربي: https://bbc.in/3pNBK7z

الجزيرة. (3 5, 2016). الجولان المحتل.. قرارات أممية وصمم إسرائيلي. تم الاسترداد من الجزيرة نت: https://2u.pw/oaYbluhk

الجزيرة. (27 7, 2024). الطائفة الدرزية.. مذهب لا يعرف أتباعه تعاليمه قبل الأربعين. تم الاسترداد من الجزيرة نت: https://2u.pw/M1nZdnk

الكنيست. (2024). قانون مرتفعات الجولان . تم الاسترداد من موقع الكنيست الإسرائيلي (بالعبرية): https://2u.pw/DFg3p545

المرصد. (20 12, 2021). أربعون عاماً على ضمّ الجولان وسياسات فرض الجنسيّة. تم الاسترداد من المرصد – المركز العربيّ لحقوق الإنسان في الجولان: https://2u.pw/cHVX1OAR

أنس إبراهيم . (19 8, 2021). “أيام الجولان الثقافية”.. بناء السردية الوطنية ومواجهة الأسرلة . تم الاسترداد من فسحة/ عرب 48: https://2u.pw/8lqyK7Bl

إيلينا غوستولي. (31 8, 2015). دروز الجولان عالقون بين الاحتلال الإسرائيلي والحرب السورية. تم الاسترداد من DW: https://2u.pw/FXm04eAo

أيمن أبو جبل. (27 10, 2020). واقع الثقافة في الجولان السوري المحتل. تم الاسترداد من مركز حرمون للدراسات المعاصرة : https://2u.pw/cCYBEU0P

أيمن أبو جبل. (14 8, 2020). غياب المشروع الوطني السوري في الجولان. تم الاسترداد من مركز حرمون للدراسات المعاصرة : https://2u.pw/pHsLVrbV

بلال ضاهر . (15 5, 2020). وثائق جديدة: بن غوريون قرر الحرب بإعلان قيام إسرائيل. تم الاسترداد من عرب 48: https://2u.pw/SrVKP92Z

تيسير مرعي، و أسامة حلبي. (1993). الحياة تحت الاحتلال: مرتفعات الجولان. مجلة الدراسات الفلسطينية. تم الاسترداد من https://2u.pw/bwl9sIiP

ثائر أبو صالح. (30 1, 2022). الجولان السوري بمواجهة المحتل الإسرائيلي. تم الاسترداد من العربي الجديد: https://2u.pw/7ysNonKk

ثائر أبو صالح. (1 4, 2023). تاريخ الجولان منذ الاحتلال حتى اليوم. تم الاسترداد من فارءة معاي : https://2u.pw/i1UxEsZN

ثائر أبو صالح. (2017). الحركة الوطنية السورية في الجولان في مواجهة سياسة الاحتلال: 1967-2016. قضايا إسرائيلية،، 66.

جولاني. (6 2, 2024). بيان المرصد بخصوص انتخابات المجالس المحليّة في قرى الجولان السوريّ المحتلّ. تم الاسترداد من موقع جولاني: https://2u.pw/atLpfGxn

خالد سنداوي . (2023). دراسات في طائفة الموحدين الدروز. دار الخليج للنشر والتوزيع .

رامي حيدر. (8 1, 2018). إسرائيل تفرض انتخابات محلية بالجولان المحتل لضمان “سيادتها”. تم الاسترداد من عرب 48: https://2u.pw/qs77ls4w

عبد القادر بدوي. (28 12, 2021). الجولان السوري المحتلّ: بين الاحتلال و”الضم” والمشاريع الاستيطانية الأخيرة. تم الاسترداد من مدار: المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية: https://2u.pw/mXHWQUDA

عرب 48. (30 10, 2010). في/14/12/1981 اتخذت إسرائيل قرارا بضم الجولان السوري المحتل. تم الاسترداد من موقع عرب 48: https://2u.pw/nDOc9PJW

غادة السّمان . (2018). الدروز في إسرائيل ما بين الاستعمار والعزلة. تأليف يسري خيزران (المحرر)، العرب الدروز في إسرائيل – مقارَبات وقراءات نظريّة وسياسيّة ناقدة (الصفحات 67-86). حيفا: مدى الكرمل- المركز العربي للدراسات الاجتماعية التطبيقية.

فرنسا 24. (9 2, 2021). وزير الخارجية الأمريكي يمتنع عن تأييد اعتراف إدارة ترامب بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان. تم الاسترداد من موقع فرنسا 24: https://2u.pw/XnkytxbR

كمال خطيب. (2022). نبش الذاكرة سيرة داعية ومسيرة دعوة. إسطنبول: دار الأصالة للنشر والتوزيع وخدمات الترجمة والطباعة.

ليلى يعقوب رجبي. (2013). السياسة الإسرائيلية تجاه الطائفة الدرزية في إسرائيل. رسالة ماجستير . القدس: جامعة القدس.

ماهر الشريف. (28 12, 2021). حكومة الاحتلال تقرّ خطة لمضاعفة عدد المستوطنين في هضبة الجولان. تم الاسترداد من مؤسسة الدراسات الفلسطينية: https://2u.pw/5xjhBfhP

مريم فرح. (19 8, 2024). هوية الجولان العربية ومقاومة الأسرلة.. حوار مع الناشط وائل طربيه. تم الاسترداد من نون بوست: https://2u.pw/GQuJdJOF

مؤسسة الدراسات الفلسطينية . (2024). قاعدة بيانات الوثائق الرئيسية في القضية الفلسطينية والصراع العربي ـ الإسرائيلي. تم الاسترداد من مؤسسة الدراسات الفلسطينية : https://2u.pw/pcX7iutH

ميلاد العوده الله . (5 8, 2019). قصة المفاوضات السورية – الإسرائيلية في تركيا عام 2008. تم الاسترداد من مركز دراسات الوحدة العربية: https://2u.pw/2YZqZ5Tr

نبيل السهلي. (29 6, 2009). 42 عاماً على احتلال الجولان. تم الاسترداد من الجزيرة نت: https://2u.pw/Bwd90Ecd

نزار أيوب . (1 4, 2023). الجولان – قراءة في الوضعية القانونية. تم الاسترداد من فارءه معاي: https://2u.pw/NEOIQOmq

نزار أيوب. (آب, 2022). الجولان السوري: واقع الحال بعد خمسة وخمسين عامًا من الاحتلال. مركز حرمون للدراسات المعاصرة .

هاني زهوة. (1 4, 2023). الهوية بين شَبَح الأسرلة والانتماء الثقافي. تم الاسترداد من فارءة معاي: https://2u.pw/8HmwbiAP

وائل طربيه. (1 4, 2023). الثقافة بوصفها ضرورة في سياق الجولان السوري المحتل. تم الاسترداد من فارءه معاي: https://2u.pw/mMbNlErt

وفا. (2024). قرار مجلس الأمن الدولي رقم 242. تم الاسترداد من وفا- وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية: https://2u.pw/bkpVTMit

يزيد سليمان. (5 1, 2023). 74 عاما على النكبة… “حملة عوڤدا” العسكريّة الصامتة واتّفاقيّات رودس 1949 (31). تم الاسترداد من عرب 48: https://2u.pw/sqTgUbn8

يسري خيزران. (2018). تدريز جهاز التعليم الرسمي في القرى العربية الدرزية. تأليف يسري خيزران (المحرر)، العرب الدروز في إسرائيل – مقارَبات وقراءات نظريّة وسياسيّة ناقدة (الصفحات 155-190). حيفا: مدى الكرمل، المركز العربي للدراسات الاجتماعيّة التطبيقيّة.

يسري خيزران. (2022). الانتفاضة الشّعبيّة في سورية وانحسار دَوْر الأقلّيّات – الحالة الدُّرزيّة. تم الاسترداد من مركز التراث الدرزي في إسرائيل: https://2u.pw/KcLSpBCT

المراجع الأجنبية

Fadi Amun. (3 9, 2022). As ties to Syria fade, Golan Druze increasingly turning to Israel for citizenship. تم الاسترداد من The Times of Israel: https://2u.pw/aZHs0Fcf

Gianluca Pacchiani. (28 7, 2024). Majdal Shams massacre highlights Solomonic predicament of Golan’s Druze community. تم الاسترداد من The Times of Israel: https://2u.pw/xnh71JoL

Tobias Lang. (2021). The Druze as a Political Entity in the Modern State: An Overview of the Contemporary Situation in Syria, Lebanon and Israel. تم الاسترداد من Academia: https://2u.pw/l8BfYCto

Yusri Hazran . (9, 2023). The Druze in Israel: A Silent Minority Begins to Speak Out. تم الاسترداد من The Jerusalem Strategic Tribune: https://2u.pw/H1PaCGoq


[1]باحث أكاديمي في العلوم السياسية.

[2]للتنويه: قرار رقم (242)، الذي أصدره مجلس الأمن يوم 22 تشرين الثاني/ نوفمبر 1967، يعبر عن الخلل في ميزان القوى في الصراع العربي الإسرائيلي، بعد هزيمة حزيران/يونيو 1967.

[3]تفاصيل مشروع قيام كيان خاص بالدروز، على خلفية احتلال الجولان كانت كما يلي: يغئال ألون، وزير العمل آنذاك، صاحب المخطط، تردد في أواخر عام 1967مدفوعًا من أجهزة الأمن الإسرائيلية إلى الجولان، ليجري لقاءات مع قيادات المنطقة، وكان كلامهم (أي، الإسرائيليين) واضحًا وحاسمًا- إما القبول بالمخطط وإما الترحيل. فاختارت قيادة الجولان التظاهر بالقبول لكي تمنع الترحيل. لكنهم أصروا ضمنًا على إفشال هذا المخطط، وفي نهاية فشل المخطط بإقامة “دويلة للدروز” على أراضي سوريا ولبنان.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى