الخان الأحمر.. بين تمدّد الاحتلال ومقاومة الفلسطينيين
تمهيد
في 24 أيار/ مايو 2018، أصدر ثلاثة قضاة في المحكمة العليا الإسرائيلية قرارًا يقضي بحق دولة الاحتلال في هدم منازل سكّان تجمع الخان الأحمر، الواقع شرقي مدينة القدس المحتلة1. وعلى ضوء ذلك، شرعت دولة الاحتلال في 4 تموز/ يوليو 2018 في الاستعداد لهدم التجمع وترحيل سكانه، وقد أفضى ذلك إلى اعتقال عدد من النشطاء السلميين، الذين حاولوا التصدي لمنع هدم التجمع، ثم إلى قرار جديد من المحكمة العليا يقضي بوقف الهدم مؤقتًا، إلى حين البتّ في التماس قدّمه سكان التجمع، يطالبون فيه المحكمة بإصدار قرار يلغي قرار الهدم.
وقد ظلت المحكمة العليا مترددة ما بين إصدار قرار، أو دفع الطرفين، حكومة الاحتلال وسكان التجمع، إلى الاتفاق على تسوية بهذا الخصوص. فقد صرّحت المحكمة بتوجهها هذا في الأول من آب/ أغسطس 2018، إلا أنّ دولة الاحتلال أصرّت على موقفها القاضي بهدم التجمع، وترحيل سكانه إلى موقع آخر يحاذي مكب نفايات بلدة أبو ديس، لتعود المحكمة العليا في 5 أيلول/ سبتمبر 2018 وتُصدر قرارًا يرفض التماس سكان التجمع، سامحة لحكومة الاحتلال البدء في هدم المكان، وإخلاء سكانه2.
على إثر ذلك، تصاعدت تحركات المقاومة الشعبية التي تتصدى لمساعي هدم التجمع، إضافة إلى الاحتجاجات الدولية، والجهود الدبلوماسية للسلطة الفلسطينية، وهو ما دفع الاحتلال إلى إرجاء الهدم أكثر من مرة3، وإعطاء السكان أكثر من مهلة لإخلاء التجمع4، إلى أن أعلنت حكومة الاحتلال في 21 تشرين أول/ أكتوبر 2018، عن تأجيل عملية الإخلاء والهدم حتى إشعار آخر؛ "من أجل استنفاد المفاوضات والمقترحات حول هذه المسألة على مختلف الأصعدة"5.
تُقدّم هذه الورقة عرضًا لمسارات القضية، وقراءة لسياقاتها السياسية والاستعمارية، إضافة إلى ما يحيط بها من جهود ومواقف فلسطينية ودولية.
الخان الأحمر.. استمرار للنكبة الفلسطينية
يُشكّل الخان الأحمر واحدًا من أربعة عشر تجمعًا بدويًّا تقع في المنطقة الممتدة من شرق مدينة القدس المحتلة إلى مدينة أريحا. تعود أصول السكّان الحاليين في تلك التجمعات، إلى البدو الفلسطينيين الذين رُحّلوا بعد النكبة الفلسطينية عام 1948 من منطقتي النقب وبئر السبع، حيث استقر عدد منهم في هذه المنطقة، ومنها تجمع الخان الأحمر، الذي تعود تسميته إلى بناء عثماني أقيم في القرن السادس عشر ليكون استراحة للتجار والمسافرين6.
تتبع أراضي الخان الأحمر بلدات العيزرية وأبو ديس والسواحرة وعناتا، وينتمي سكانها إلى عشيرة الجهالين البدوية التي هُجّرت من بلدة عراد في النقب في خمسينيات القرن الماضي7. ويضم التجمع مسجدًا ومدرسة تضم قرابة 180 طالبًا وطالبة، وتخدم خمسة تجمعات بدوية قريبة من الخان الأحمر8.
يعيش التجمع منذ تأسيسه حالة من العقوبة المفتوحة الهادفة إلى دفع سكانه إلى الرحيل، إذ تمنع سلطات الاحتلال وصول شبكات الكهرباء والمياه والصرف الصحي والطرق إلى التجمع، وتمنع بناء المنازل والمباني العامة، وتقلّص مساحات المراعي، وقد سبق أن هدمت عددًا من المباني في التجمع بلغت 26 مبنى سكنيًّا منذ 2006 وحتى نهاية أيار/ مايو 2018، إضافة إلى هدم 7 مبان غير سكنيّة9. ثم تجددت عمليات الهدم هذه بعد ذلك، فقد هدمت 5 مبانٍ في 13 أيلول/ سبتمبر 201810، وهي في غالبها من خيام وصفيح، كما هو حال غالب مباني البدو في هذه التجمعات، إذ ترفض حكومة الاحتلال منح سكان التجمعات البدوية في هذه المناطق تراخيص البناء.
الخان الأحمر.. أهميته الاستعمارية للاحتلال
لم يكن استهداف الاحتلال للخان الأحمر إلا لأهميته الاستراتيجية بالنسبة للمشروع الاستعماري الإسرائيلي في القدس والضفة الغربية، إذ يربط بين مدينة القدس وبين الأغوار، وهو بذلك يربط بين الأردن وفلسطين، ويشكّل عقدة مواصلات، كما أنه يقع بين مستوطنتي معاليه أدوميم وكفار أدوميم، في المنطقة الاستعمارية التي يسميها الاحتلال E1، أي المنطقة التي تربط مستوطنة معاليه أدوميم بالقدس. كما أن استكمال هذا الربط يعني حتمًا عزل شرقي القدس المحتلة عن الضفة الغربية، وفصل شمال الضفة الغربية عن جنوبها. وقد جرى التصديق على مخططE1 عام 199911، الأمر الذي يعني وضوح التوجهات الإسرائيلية حول مستقبل الضفة الغربية والقدس مبكرًا، وحتى قبل انتهاء الفترة الانتقالية لاتفاقية أوسلو.
وعلى أي حال، فإنّ هذا المخطط قد بدأ عمليا مع بناء مستوطنة معاليه أدوميم عام 1977، ثم توسيعها عام 1979. وخلال سنوات الثمانينيات والتسعينيات، هدمت حكومة الاحتلال العديد من المنازل في المنطقة، وأخلت عشرات العائلات في إطار خطة توسيع مستوطنة معاليه أدوميم، كما أصدرت العديد من قرارات الإخلاء في العقد المنصرم12. وتجدر الإشارة إلى أنّه، وإضافة إلى مشروع ربط معاليه أدوميم بالقدس، فإنّ جدار الفصل العنصري، الذي يحيط بمستوطنة معاليه أدوميم، يضم إليها 64,000 دونم تفصلها تمامًا عن مناطق الضفة الغربية المجاورة لها13.
ترجع جذور هذه الرؤية، التي تستهدف التجمعات البدوية الواقعة بين القدس والأغوار، إلى خطة يغال ألون14، التي قدمها إلى حكومة إشكول في 26 تموز/ يوليو 1967، أي بعد النكسة مباشرة. تضمنت الخطة ضرورة الوصل بين منطقة القدس الأمنية وشمال البحر الميت، بهدف تعزيز محيط القدس الدفاعي15، كما واقترحت أن تبقى منطقة الغور، من نهر الأردن وحتى المنحدرات الشرقية لجبال نابلس وجنين، تحت السيادة الإسرائيلية، وكذلك الأمر بالنسبة لمنطقة القدس وضواحيها ومنطقة الخليل16. وهذا يعني إلى حد ما أن خطة ألون شكّلت قاعدة قامت عليها الرؤية الإسرائيلية؛ للسيطرة على مناطق واسعة في الضفة الغربية، لاسيما المنحدرات الشرقية، إضافة إلى تحصين منطقة القدس دفاعيًا، وهو ما يكشف جوهر الرؤية الإسرائيلية لمنطقة الضفة الغربية.
يقود ذلك إلى قراءة أسباب استهداف منطقة الخان الأحمر، في سياق الرؤية الاستعمارية الاستراتيجية التاريخية، التي ظلّت تتوسع منذ عام 1967، والتي تتضمن حدًّا متفقًا عليه بين كل الحكومات الإسرائيلية بتوجهاتها المختلفة، أي ضرورة الاحتفاظ بوجود أمني استيطاني محصّن في الضفة الغربية، إضافة إلى السياق الراهن.
وإضافة إلى القيمة الأيديولوجية في الدعاية الصهيونية للقدس والضفة الغربية، باعتبارهما "يهودا والسامرة"، فإنّ "إسرائيل" كانت تستشعر دائمًا أزمة العمق الاستراتيجي، الذي لا يمكن تعويضه بالتفوق التقني والعسكري، وذلك نظرًا إلى صغر مساحة "إسرائيل" في قلب محيط عربي هائل، ورافض لوجودها، مما كان يستدعي منها تحييد حدودها الكبرى مع دول الطوق، وهو الأمر الذي تمّ مع مصر في اتفاقية كامب ديفد عام 1978. بيد أنه، وفيما يتعلق بالجبهة الشرقية، لم تكن اتفاقية السلام مع الأردن عام 1994 كافية لتحقيق هذا الغرض؛ بسبب التضاريس والطبيعة الديمغرافية المتميزة، وهو ما يستدعي عزلًا أمنيًّا واستيطانيًّا يحصّن "إسرائيل" من الجبهة الشرقية17.
وفي السياق الراهن، الذي يشمل تحولاتٍ دولية وإقليمية، وإدارة أمريكية منحازة للرؤية اليمينية الإسرائيلية، وسيولة إقليمية محيطة، ومساعٍ لتشكيل تحالف شرق أوسطي جديد تندمج فيه "إسرائيل" مع دول عربية بدعوى التصدي للخطر الإيراني، أو مكافحة الإرهاب، أو حل الصراع العربي الإسرائيلي من بوابة التطبيع… تسارع "إسرائيل" إلى استغلال الظرف، بتكريس إجراءاتها الاستعمارية، وتنفيذ خطتها لتصفية القضية الفلسطينية، وهو ما يندرج فيما بات يُعرف بـ "صفقة القرن"، أو خطة الرئيس الأمريكي ترامب18. وهذا يتطلب بالضرورة المسارعة في تنفيذ الخطط المتعلقة بمدينة القدس، وفصلها عن الضفة الغربية، والهيمنة على منطقة الغور. في هذا السياق، يأتي التصعيد الإسرائيلي الذي يستهدف منطقة الخان الأحمر.
في مواجهة الإجراءات الإسرائيلية
قدّمت السلطة الفلسطينية بلاغًا للمدعية العامة في المحكمة الجنائية الدولية، يتعلق بنية الاحتلال هدم تجمع الخان الأحمر، والتهجير القسري لسكانها19. وكان الرئيس الفلسطيني قد تطرق لقضية الخان الأحمر في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في 27 أيلول/ سبتمبر، وقال فيها "الآن هناك مشكلة في الخان الأحمر، إسرائيل مصممة على تدمير هذه القرية، وسكانها يقطنون فيها منذ أكثر من 50 عامًا، لكن إذا دمرت هذه القرية فإنها تدمر وحدة الضفة الغربية، يعني تقسمها بين الشمال والجنوب. طبعًا، هذا ما تريده إسرائيل".20
أما مجلس الوزراء الفلسطيني، فقد صادق على استحداث هيئة محلية باسم الخان الأحمر، تتبع محافظة القدس، وكلّف وزير الحكم المحلي بتعيين لجنة لإدارة المجلس القروي، وتحديد حدود الهيئة المحلية21. كما شرعت وزارة الأوقاف الفلسطينية في عقد اجتماعاتها الدورية في الخان الأحمر، وإقامة صلوات الجمعة فيه22. إضافة إلى مساهمة مؤسسات رسمية أخرى، كوزارة الإعلام التي نظمت يومًا إعلاميًّا تضامنيًّا مع الخان الأحمر23، ووزارة الخارجية التي قالت إنها تتواصل مع المحكمة الجنائية الدولية؛ لفتح تحقيق جدي في جرائم الاحتلال.24
وقامت سلطة الطاقة الفلسطينية بتركيب نظام طاقة شمسية بقدرة 3 كيلو واط، مع بطاريات لتخزين الطاقة الكهربائية في الخان الأحمر؛ من أجل تزويد العيادة الصحية ومسجد القرية بالاحتياجات الأساسية للطاقة الكهربائية، على أن تكون هناك مرحلة ثانية لتوفير هذه الأنظمة لبيوت القرية، والمرافق الخدماتية الأخرى25.
لقد شكلت قضية الخان الأحمر فرصة موائمة للسلطة الفلسطينية للقيام بنشاط احتجاجي غير صدامي، وفي حيز ضيق تستطيع فيه حشد قدراتها. فالبعد النسبي لموقع الحدث عن مراكز المدن الفلسطينية، سمح بتطوير حراك مضبوط تغلب عليه أنماط المشاركة الموجهة رسميا.
كما شكلت قضية الخان الأحمر عنوانًا لتجاذب فصائلي. فحركة فتح دعت الفلسطينيين للتصدي لمحاولات الاحتلال هدم القرية وإخلاءها، وطالبت بمواصلة الاعتصام في القرية، و"شدّ الرحال" إليها من مناطق الضفة الغربية كافة، لكنها قدمت خطابا يندد بالفصائل الأخرى ضمنيًا، متهمًا إياها بالتقاعس عن المشاركة في هذه المواجهة.
حركة حماس وجهت دعواتها أيضا للصمود والاعتصام في الخان الأحمر، وطالبت السلطة الفلسطينية "بإطلاق يد" الجماهير الفلسطينية لمناصرة أهالي الخان الأحمر، "دون تضييق أو تحديد"26. وهي دعوات أطلقتها بقية القوى الوطنية، كحركة الجهاد الإسلامي التي أضافت أنّ سياسات السلطة الفلسطينية التي "تراهن على التسوية والمفاوضات، وتصر على التزاماتها الأمنية"، كانت سببًا مباشرًا في تآكل الأراضي الفلسطينية، وتوسع الاستيطان الإسرائيلي27. والانتقاد ذاته وجهته الجبهة الشعبية للسلطة الفلسطينية، حيث دعت إلى "نبذ كل أشكال التنسيق الأمني"28. وكانت الجبهة الديمقراطية قد دعت لنقل ملف الخان الأحمر إلى محكمة الجنايات الدولية ومجلس الأمن الدولي29. وبينما أشادت المبادرة الوطنية الفلسطينية بقدرة الجماهير الفلسطينية على كسر الحصار الإسرائيلي للخان الأحمر، بوصولها إلى التجمع وإقامة صلوات الجمعة فيه، فقد أكدت على أنه لن يردع الاحتلال عن تنفيذ مخطط التطهير العنصري في الخان الأحمر، إلا تصعيد المقاومة الشعبية الواسعة30.
وبالفعل، يتواصل اعتصام مفتوح في الخان الأحمر، إذ يتوافد الفلسطينيون إليه من كل المحافظات، إضافة إلى مشاركة متضامنين أجانب، وذلك ضمن فعاليات رسمية وحزبية وأهلية ونقابية متعددة، ووسط دعوات للقوى الوطنية والإسلامية لتكثيف الحضور في الاعتصام المفتوح، والمحافظة على استمراريته31. وكانت قد بدأت الفعاليات والمظاهرات الواسعة تتصاعد مناصرة للخان الأحمر منذ تموز/ يوليو32، إضافة إلى فعاليات أخرى كالإضراب التجاري33. وقد تخلّل هذه الاعتصامات والفعاليات مواجهات مع قوات الاحتلال، اعتقل الاحتلال أثناءها نشطاء ومتضامنين فلسطينيين وأجانب34.
المواقف الدولية
أدانت الجامعة العربية قرار هدم قرية الخان الأحمر، واعتبرته بمثابة جريمة حرب35. وقالت منظمة التعاون الإسلامي إن سياسات "إسرائيل" هذه، تأتي في إطار محاولة شرعنة الاستيطان والتطهير العرقي36. وكذلك فعلت المجموعة العربية في الأمم المتحدة، حيث شكرت الدول الأوروبية على موقفها "المبدئي"، الرافض للسياسات الإسرائيلية37، حيث كان الاتحاد الأوروبي قد اعتبر الإجراءات الإسرائيلية تقويضًا لحلّ الدولتين، وطالب "إسرائيل" بوقف سياسة التهجير القسري، مؤكدًا أن بعض المنشآت التي تقوم "إسرائيل" بهدمها هي من تمويله، ومشدّدًا على أنّ "إسرائيل" تتحمل مسؤولية توفير مستلزمات التعليم والصحة للسكان الخاضعين للاحتلال38.
وكانت الدول الأوربية الأعضاء في مجلس الأمن، قد أصدرت بيانًا قالت فيه إن قرارات المحكمة العليا الإسرائيلية بخصوص الخان الأحمر، وسياسات الاحتلال بالخصوص نفسه، تمثل سياسة غير قانونية وغير شرعية، وتتعارض مع القانون الدولي39. وكانت الأمم المتحدة قد عبّرت عن الموقف نفسه أكثر من مرّة، وبيّنت أن إجراءات "إسرائيل" في تهجير السكان تتناقض مع القانون الدولي، ودعت "إسرائيل" لوقف هذه الإجراءات40.
أمّا المؤسسات الحقوقية الدولية، فقد قالت منظمة العفو الدولية إنّ تهجير سكان الخان الأحمر يُعتبر بمثابة جريمة حرب مدرجة في النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، وتنتهك اتفاقية جنيف الرابعة. وأطلقت المنظمة، إلى جانب منظمة "صوت اليهود من أجل السلام"، حملة كبيرة على "تويتر"، هاجمت فيها الوحدة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن تنفيذ قرارات الهدم41. وبدوره أكد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، على أن قرارات الإخلاء التي اتخذتها حكومة "إسرائيل"، تمثل سياسة غير قانونية وغير شرعية، وتتعارض مع القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة42.
خاتمة
بدأت "إسرائيل" في التضييق على التجمعات البدوية شرق القدس منذ النكسة عام 1967، وعلى أساس من رؤية استعمارية ترى ضرورة تحصين القدس بحزام استيطاني، وربطها بمنطقة الغور، والسيطرة على المنحدرات الشرقية، ومواقع أخرى في الضفة الغربية، وذلك لأسباب استراتيجية دفاعية وأيديولوجية دعائية. وقد أخذت هذه السياسة تتعزز ضد التجمعات البدوية منذ تأسيس مستوطنة معاليه أدوميم في سبعينيات القرن الماضي، واستمرت طوال العقود الماضية إلى اليوم.
واستغلالًا لوجود الإدارة الأمريكية الحالية، والتحولات الجارية في الإقليم العربي، والحديث عن تحالف شرق أوسطي يضم "إسرائيل" وبعض الدول العربية، وتصاعد موجة التطبيع، تعمل "إسرائيل" على إنفاذ خطتها لعزل القدس تمامًا عن الضفة الغربية، وفصل شمال الضفة عن جنوبها، ومن هنا يأتي تصاعد إجراءاتها التي تستهدف سكان منطقة الخان الأحمر.
وبالرغم من الظرف الفلسطيني الذي يعاني من الانقسام، وضعف المقاومة الشعبية في الضفة الغربية بالنسبة لمستوى التحدي، فقد تمكن سكان الخان الأحمر، بصمودهم وتضامن الفعاليات المختلفة معهم، من دفع الاحتلال إلى تأجيل قراراته بالهدم والترحيل أكثر من مرة.
ومقابل ضعف الموقف العربي، يتضح موقف أوروبي صريح في إدانة ممارسات الاحتلال، ونشاط حقوقي دوليّ يؤكد على انتهاك "إسرائيل" للقوانين الدولية وقرارات الأمم المتحدة.
تطرح قضية الخان الأحمر تساؤلات حقيقية حول طبيعة أنماط المقاومة التي يمكن أن يستخدمها الفلسطينيون. فقد سعى الاحتلال دوما إلى معاقبة الجمهور الفلسطيني على أي من أنماط المقاومة التي يستخدمها، وحرمانه من الحصول على أي إنجازات مرتبطة بها، فهل يحدد الاحتلال للفلسطينيين نمط مقاومتهم من خلال تراجعه أمام هذا النمط في الخان الأحمر؟ أم أنه يدفع إلى تفسير أكثر تفاؤلًا، مفاده أنه حتى في ظل الأداء الفلسطيني الرسمي الضعيف، وضمن موازين قوى مختلة، وفي ظرف انقسام حادّ، يستطيع الفلسطينيون استجلاب دعم أوروبي ودولي، وحمْل "إسرائيل" على إرجاء قراراتها أكثر من مرّة. إنّ تعزيز المقاومة الشعبية في الضفة والقدس، ومضاعفة الجهود الدبلوماسية والسياسية الفلسطينية، من شأنه أن يحقق نتائج أفضل. بيد أن ذلك يتطلب تحوّلًا جديًّا في سياسات السلطة، كما يتطلب إدارة برنامج كفاحي على أساس من الوحدة الوطنية، إذ تثبت التجربة أن صمود الفلسطينيين وتمسكهم بحقهم، هو أقوى الأدوات التي يمكنهم بها مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، لاسيما في ظل الاختلال الراهن في موازين القوى، والتردي الواضح في المواقف العربية.
1 تجمّعات مهدّدة بالتهجير: منطقة الخان الأحمر، مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة/ بيتسيلم، 23 آب/ أغسطس 2018، https://goo.gl/tsQBn9
2 القضاء الإسرائيلي يأمر بهدم قرية الخان الأحمر بالقدس، موقع RT، 5 أيلول/ سبتمبر 2018، https://goo.gl/syFckt
3 الخان الأحمر.. معركة عض الأصابع قبل أيام من الهدم، موقع الجزيرة نت، 9 أيلول/ سبتمبر 2018، https://goo.gl/igoXCY
4 انتهاء مهلة إسرائيل.. الخان الأحمر يواجه الهدم اليوم، موقع الجزيرة نت، 1 تشرين أول/ أكتوبر 2018، https://goo.gl/swny9q
5 إسرائيل "تؤجل" هدم قرية الخان الأحمر، موقع SKY NEWSبالعربية، 21 تشرين أول/ أكتوبر 2018، https://goo.gl/A7mf5t
6 "مركز الحوراني" في ورقة حقائق: الخان الأحمر الحلقة الأخيرة في تهويد القدس، موقع منظمة التحرير الفلسطينية، 18 تموز/ يوليو 2018، https://goo.gl/xwcZ8g
7 تختلف المصادر في تحديد عدد سكان التجمع، وتقول أكثر المصادر الفلسطينية إنها أكثر من 40 عائلة، ويبدو أنّ هذا الرقم يجمع العائلات البدوية من سكان الخان الأحمر إلى سكان النبي موسى. حول أعداد سكان التجمعات البدوية في محافظة القدس انظر:
التجمعات السكانية البدوية في محافظة القدس، وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية/ وفا، بدون تاريخ، https://goo.gl/zmwdbT
8«الخان الأحمر» تجمع فلسطيني من 41 عائلة ومدرسة يواجهون الهدم والترحيل، موقع صحيفة القدس العربي، 13 أيلول/ سبتمبر 2017، https://goo.gl/ScnxJ7
9 تجمّعات مهدّدة بالتهجير: منطقة خان الأحمر، مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة – بيتسيلم، مصدر سابق.
10 إسرائيل تهدم بيوتا من صفيح تم تشييدها في قرية الخان الأحمر، موقع THE TIME OF ISRAELبالعربية، 13 أيلول/ سبتمبر 2018، https://goo.gl/zV6UEk
11مخطط E1وإسقاطاته على حقوق الإنسان في الضفة الغربية، مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة/ بيتسيلم، 23 تشرين أول/ أكتوبر 2013، https://goo.gl/8HbQMR
12 منطقة معاليه أدوميم – تجمّعات سكّانيّة مهدّدة بالتهجير، مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة/ بيتسيلم، 16 تشرين الثاني/ نوفمبر 2013 وجرى تعديله في 5 حزيران/ يونيو 2018، https://goo.gl/iSZWxt
13 المصدر السابق.
14 شغل يغال ألون منصب وزير العمل في حكومة ليفي أشكولبين سنوات 1961 – 1968.
15 دوري غولد، القدس: الحل الدائم في دراسة لمركز يافي، مجلة الدراسات الفلسطينية، المجلد 7، العدد 26، ربيع 1996، ص113.
16 موسوعة المصطلحات: مشروع ألون، المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية "مدار"، بدون تاريخ، https://goo.gl/yGRNQj
17 ساري عرابي، الحل الإسرائيلي.. الدولة الواحدة أم أكثر من دولة؟، موقع الجزيرة نت، 20 شباط/ فبراير 2017، https://goo.gl/NnBQBQ
18 المصدر السابق.
19 عريقات: قدمنا بلاغا للمدعية العامة الدولية بشأن قرار هدم الخان الأحمر، وكالة وطن للأنباء، 11 أيلول/ سبتمبر 2018، https://goo.gl/z7rq56
20 الرئيس في الأمم المتحدة: القدس ليست للبيع وشعبنا غير زائد وحقوقه ليست للمساومة، وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية/ وفا، 27 أيلول/ سبتمبر 2018، https://goo.gl/qFipDq
21 مجلس الوزراء يقرر إحداث هيئة محلية باسم قرية الخان الأحمر، وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية/ وفا، 11 تموز/ يوليو 2018، https://goo.gl/YjVcs3
22 الأوقاف تعقد اجتماعها الدوري في الخان الأحمر بعنوان " الصمود والمساندة "، موقع دنيا الوطن، 16 أيلول/ سبتمبر 2018، https://goo.gl/oFsRie
23 وزارة الإعلام تنظم "اليوم الإعلامي للتضامن مع الخان الأحمر"، موقع دنيا الوطن، 19 تموز/ يوليو 2018، https://goo.gl/Ru5Seg
24 وزارة الخارجية وشؤون المغتربين: إصرار الاحتلال على هدم الخان الأحمر استخفاف بالإجماع الدولي الرافض لهذا القرار، موقع وزارة الخارجية والمغتربين، 23 أيلول/ سبتمبر 2018، https://goo.gl/ncUzbk
25الانتهاء من تركيب نظام طاقة شمسية بقدرة 3 كيلو واط في الخان الأحمر، موقع وكالة سما، 28 تشرين أول/ أكتوبر 2018، https://goo.gl/gxJvyb
26تصريح صحفي حول قرار الاحتلال هدم الخان الأحمر، موقع حركة حماس، 5 أيلول/ سبتمبر 2018، https://hamas.ps/ar/post/9622
27 دعت الجماهير للنفير العام.. الجهاد: قرار هدم الخان الأحمر سياسي مغلف بستار القانون، موقع وكالة فلسطين اليوم، 5 أيلول/ سبتمبر 2018، https://goo.gl/xErm5v
28 الشعبية: لنتوحد جميعا من أجل الخان الأحمر، موقع الجبهة الشعبية، 5 أيلول/ سبتمبر 2018، https://goo.gl/kVVWeA
29 الديمقراطية تدعو لنقل قضية الخان الأحمر إلى مجلس الأمن الدولي، موقع الهدف، 11 أيلول/ سبتمبر 2018، https://goo.gl/diW9R3
30 البرغوثي يحذر من تنفيذ الاحتلال التطهير العرقي في الخان الأحمر، موقع سما الإخباري، 28 أيلول/ سبتمبر 2018، https://goo.gl/q3AYu9
31 الخان الأحمر: الاعتصام المفتوح متواصل ودعوات لتكثيف المشاركة، موقع عرب 48، 25 أيلول/ سبتمبر 2018، https://goo.gl/Y67d65
32 مسيرة ألفية لدعم الخان الأحمر، وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية/ وفا، 18 تموز/ يوليو 2018، https://goo.gl/FmQQnx
33 إضراب تجاري الإثنين واحتشاد في الخان الأحمر، موقع ألترا فلسطين، 29 أيلول/ سبتمبر 2018، https://goo.gl/icx1KP
34 مواجهات بالخان الأحمر والاحتلال يتحضر لهدمه، موقع عرب 48، 15 تشرين أول/ أكتوبر 2018، https://goo.gl/njVRG4
35 تنديد واسع بقرار محكمة الاحتلال إخلاء وهدم الخان الأحمر، وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية/ وفا، 5 أيلول/ سبتمبر 2018، https://goo.gl/msx3ji
36التعاون الإسلامي تدين هدم الخان الأحمر وتطالب المجتمع الدولي برفض القرار، موقع وكالة سوا، 6 أيلول/ سبتمبر 2018، https://goo.gl/jGWXhn
37 8 دول أوروبية والمجموعة العربية تدين هدم "الخان الأحمر"، موقع صحيفة المصريون، 21 أيلول/ سبتمبر 2018، https://goo.gl/36s16v
38 الاتحاد الأوروبي يحذر من عواقب هدم الخان الأحمر، وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية/ وفا، 13 أيلول/ سبتمبر 2018، https://goo.gl/4MbSg1
39 الدول الأوروبية بمجلس الأمن: هدم الخان الأحمر غير قانوني، موقع الجزيرة نت، 21 أيلول/ سبتمبر 2018، https://goo.gl/Fe4jcH
40 الأمم المتحدة: هدم الخان الأحمر بالقدس يتناقض والقانون الدولي، موقع صحيفة الغد الأردنية، 17 أيلول/ سبتمبر 2018، https://goo.gl/i6cLqG
41 "العفو الدولية": هدم قرية الخان الأحمر جريمة حرب، موقع وكالة معا، 2 تشرين أول/ أكتوبر 2018، https://goo.gl/KJN1VN
42 إدانة لقرار هدم الخان الأحمر في مجلس حقوق الإنسان، موقع وكالة معا، 24 أيلول/ سبتمبر 2018، https://goo.gl/PrBBYS