الحرب الخفية بين المتدينين والاصلاحيين اليهود في “إسرائيل”
ينقسم اليهود، وتحديدًا في العصر الحديث، إلى تيارات مختلفة ومتصارعة في الكثير من الأحيان، بعضها ديني، وبعضها يُصنف نفسه على أنه علماني، وبعضها الآخر تقليدي. وهي على خلاف فيما بينها بشأن الكثير من القضايا المتعلقة بالدين والدولة، وهوية الدولة وماهيتها. وقد تفاقم هذا الخلاف في العقد الأخير، مع ارتفاع الصوت الديني الأرثوذوكسي في الدولة، وانقلابه ليصبح حجر الأساس في تشكيل الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة خلال السنوات الأخيرة.
مؤخرًا شهد هذا الملف حراكًا لافتًا، خاصةً بعد إحكام المتدينين الأرثوذوكس سيطرتهم التامة على حائط البراق، وإلغاء الإصلاحات التي طالب بها التيار الإصلاحي، الأمر الذي فجّر خلافات كبيرة بين يهود الولايات المتحدة، وهم أكبر تجمع لليهود في العالم، وبين الحكومة الإسرائيلية، التي خضعت للمتدينين، كما يقول الاصلاحيون.
يُعتبر يهود الولايات المتحدة أبرز الداعمين لدولة الاحتلال، سواءً من الناحية المادية، أو السياسية. وهم يطالبون بإدخال إصلاحات تقود إلى مساواة بين التيارات المختلفة، خاصة أنّ غالبية يهود الولايات المتحدة ينتمون للتيار الإصلاحي، الأمر الذي يرفضه 73% من المتدينين التقليديين في "إسرائيل" (كوهين و هرمان، 2013).
ووفق الكثير من المفكرين والباحثين، كأليوت أبرامز، الخبير في شؤون الأمن وشؤون الشرق الأوسط، فإنّ الأزمة بين يهود أمريكا الشمالية و"إسرائيل"، عميقة جدا، وإنّ هناك تباعدًا مستمرًا بين الطرفين (ابرامز و ستاندرد، 2016)، إلّا أنّ كل طرف لديه تفسيره لتلك الأزمة، وهذا التباعد.
يحاول هذا التقرير بعد التعريف بكلا التيارين، أن يجيب عن مجموعة من الأسئلة حول أسباب الخلاف الحقيقية بين التيارات، وارتدادات هذا التوتر على العلاقة بين الجانبين، وعلى الدولة العبرية.