التداعيات السياسية لتطورات شمال الضفة الغربية
ملخص ندوة سياسية
إعداد – ضياء الورديان
عقد مركز رؤية للتنمية السياسية، مساء السبت، ندوة حوارية بعنوان: “التداعيات السياسية لتطورات شمال الضفة الغربية”، لمناقشة انعكاسات الفعل المقاوم في جنين ونابلس على الواقع السياسي الفلسطيني.
شارك نخبة من المختصين والخبراء في الندوة، وحضرها باحثون وإعلاميون وأفراد من مختلف الأطياف الفلسطينية. وقد ناقشت الندوة في المحور الأول: “تمركز الظاهرة في الشمال، أسبابها، ودوافعها، ورعايتها، ومستقبلها”، وقدمه أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأمريكية، وعضو المجلس الثوري لحركة فتح، د. جمال حويل.
وتطرق المحور الثاني إلى “علاقة الأفراد والمجموعات المسلحة بالفصائل الوطنية الفلسطينية والسلطة”، وتحدث فيه أستاذ الدراسات الدولية ورئيس تحرير مجلة شؤون فلسطينية، وعضو المجلس المركزي، د. أحمد جمال عزم.
أمّا المحور الثالث فقد تناول “الأبعاد السياسية لهذه الظاهرة، ومحاولة استشراف مستقبلها”، وقدّمه مدير المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الاستراتيجية “مسارات”، هاني المصري.
وجاء المحور الرابع لافتًا إلى “موقف ونظرة الاحتلال إلى هذه الظاهرة وطرق التعامل معها”، الذي قدّمه الصحفي والمختص بالشأن الإسرائيلي، عصمت منصور.
وفي افتتاح الندوة، قال مدير “رؤية”، د. أحمد عطاونة، إن حالة نضالية نوعية برزت وتطورت خلال الأشهر الأخيرة في شمال الضفة الغربية، على الرغم من أن الحالة الفلسطينية مرت بظروف سياسية واقتصادية ووطنية داخلية معقدة، خاصة خلال الخمس عشرة سنة الماضية.
وأضاف أن هذه الحالة تطورت في الوقت الذي يجري فيه الحديث عن السلام الاقتصادي الفلسطيني، وفكرة صناعة الفلسطيني الجديد الذي ينصرف عن همومه الوطنية إلى مشاغل الحياة المختلفة، إلى جانب الفشل في تجاوز مرحلة الانقسام الفلسطيني – الفلسطيني.
وبيّن أن الشعب الفلسطيني يعيش انغلاقًا في الأفق السياسي، وعدم وضوح للمسار السياسي، خاصة مع وصول حل الدولتين إلى طريق مغلق، في ظل تلاشي الوسط واليسار (المعتدلين) على المستوى الإسرائيلي، والانحياز الكبير نحو اليمين واليمين المتطرف.
بدوره، قال د. جمال حويل إن هناك انعدامًا للأفق السياسي في المشهد الفلسطيني، إذ إن هناك أحزابًا سياسية إسرائيلية متطرفة، وحكومة إسرائيلية تعلن ليلَ نهارَ أنه لا يوجد خيار سياسي مع الشعب الفلسطيني. وأشار إلى أن “أيًا من رؤساء وزراء الاحتلال لم يلتق بالرئيس محمود عباس على الإطلاق، بالتالي فإن هناك انعدامًا للأفق السياسي، وإن الحل الوحيد المطروح إسرائيليًا هو حل أمني فقط لا غير”. واعتبر د. حويل أن “من يتحدث عن حل اقتصادي من الجانب الإسرائيلي هو واهم، لأن ما تقدمه إسرائيل لا يتعدى كونه فقاعات اقتصادية أو تسهيلات تخدم الاقتصادي الإسرائيلي فقط”.
وبيّن أستاذ العلوم السياسية أن “سؤال (لماذا شمال الضفة؟) هو سؤال كبير يحاول الجميع الاجتهاد في الإجابة عنه”، قائلاً: “أعتقد أن التجربة التاريخية التي مرت بها جنين ونابلس تحديدًا جعلت لهما هوية مقاومة ومواجهة ووحدويّة”. وتابع: “جمعية شباب نابلس كانت هي الجمعية الأولى التي تدعم وتؤيد الثورة القسامية التي حدثت في عام 1936، ورفدتها بالمال والسلاح”، لافتًا إلى أن “عز الدين القسام جاء إلى جنين لتشكيل المجموعات العسكرية فيها، حتى ارتقى في أحراش يعبد”. ولفت إلى أن “هذا التاريخ الطويل الذي مرت به كل من جنين ونابلس جعلهما تتقدمان الصفوف، وأصبح الراية التي يحملها أبناء هذه المحافظات من أجل قيادة العمل الوطني في مواجهة الاحتلال”.
وقال: “قبل أيام قال لي شيخ المطاردين في مخيم جنين فتحي خازم – أبو رعد: (أنا حارس النار، هناك نار موجودة في فلسطين، وواجبي أن أحرس هذه النار، وأن أعمل على إشعال هذه النار أكثر وأكثر)”. واعتبر د. حويل أن “وجود المطارد أبو رعد ساهم بشكل كبير في توحيد الصفوف في جنين بالذات، كونه استطاع أن يقود خطابًا وطنيًا ودينيًا يعبر عن جماهير شعبنا الفلسطيني الذي يبحث عن البطل”.
وفي إجابة عن سؤال د. عطاونة حول “ما يميز جنين ونابلس بالذات”، قال حويل إن “الثقافة التي زرعت في أذهان وعقول الشباب أن جنين محافظة متمردة على الاحتلال ولا تقبل الهوان، ليس من السهل نزعها”. وأشار إلى أن ظاهرة المقاومة الموجودة اليوم في جنين من الممكن أن تنتقل إلى بقية المحافظات، فغدًا من الممكن أن تكون في الخليل، أو رام الله، لأن عوامل انتفاضة وهبة شعبنا الفلسطيني موجودة في كل مكان”. ولفت إلى أن “فرار الأسرى من سجن جلبوع في شهر أيلول/سبتمبر العام الماضي ساهم في إشعال محافظة جنين، وإعطائها نوعًا من التحدي، كونهم من أبناء المحافظة”.
من جهته، قال د. أحمد جمال عزم إن “علينا أن نحلل ظاهرة الفصائل نفسها، حتى نستطيع فهم ما الذي يحدث في فلسطين اليوم، فكلمة (فصيل) ربما وجدت في ثورة عام 1936 على الأقل، بأكثر من شكل وأكثر من تمظهر”. وأشار إلى أن “فكرة الفصيل كانت تعني مجموعة من المسلحين الموجودين في منطقة ما، وعندما ننظر إلى ثورة 1936 نرى مجموعات لم تكن تنتمي إلى عنوان سياسي محدد، بقدر انتمائها إلى مناطق جغرافية ومجموعات مكونة من عشرات المسلحين”.
وأردف أن “الظاهرة الفصائلية الحالية تنتمي إلى نوع مختلف قليلاً من الفصائلية الفلسطينية”، مشيرًا إلى أن “تسمية فصائل منظمة التحرير الفلسطينية هي تسمية مضللة -نوعًا ما- كون الفصائل تكون ذات أعداد قليلة بينما ما تتكون منه المنظمة هي حركات تحرر وطني”.
وأكد أن “الفصائليّة الفلسطينية كانت دائمًا تعتمد على المبادرة الذاتية، والتمويل الذاتي، ونوع من المحليّة، حيث إنّه من الشائع أن تجد أكثر من شخص في أكثر من تنظيم، فقد ينتمي الشخص للتنظيم ليس إيمانًا به ولكن للحصول على دعم لوجستي أو مادي أو بشري”، مشيرًا إلى أن الأمر ذاته “هو ما يحدث الآن في جنين ونابلس”.
واستدرك بالقول إن “كل مجموعة من المجموعات التي تتشكل الآن أصبحت بحد ذاتها فصيلاً، وذلك إذا أردنا تطبيق التعريف العلمي لكلمة (فصيل) على هذه المجموعات”. ولفت إلى أن هذه الفصائل “تختلف عن فصائل ثورة 1936 وانتفاضتي 1987 و2000 بأنها فصائل دفاعية، أما فصائل الثورات والانتفاضات السابقة فقد كانت فصائل هجومية”.
وأوضح أن “النقص الموجود حاليًا في التصدي لاقتحامات الجيش الإسرائيلي أسفر عن وجود هذه المجموعات المسلحة صغيرة الحجم، المرتبطة بمناطق أكثر من كونها مرتبطة بتنظيمات، التي أخذت الدور الدفاعي والتصدي للجيش والمستوطنين”.
وفي الحديث عن علاقة هذه المجموعات المسلحة بالسلطة الفلسطينية قال د. عزم: “لو كان هناك من يتصدى للاحتلال لما احتاج هؤلاء الشباب أن يقوموا بالنضال بهذه الطريق، ربما كانوا سيجدون طريقة أخرى مختلفة عن الطريقة الحالية التي يقومون بها”. وتابع: “ببساطة، هناك قرار أمني فلسطيني بعدم الدخول في مواجهة عنيفة مع الاحتلال، نتيجة لحسابات لها علاقة بموازين القوى وأمور كثيرة أخرى”.
وأشار إلى أن “العقيدة الأمنية للأجهزة الأمنية الفلسطينية الحالية تقوم على عدم الدخول في مواجهة مع الشعب الفلسطيني، بالعكس؛ فإذا تحدثنا عن السلطة نحن نتحدث عن مكونات سياسية وإعلامية ودبلوماسية وأمنية”.
وتابع: “وإذا تحدثنا عن فصائل السلطة، وتحديدًا حركة فتح، فسنجد أن هناك تبنيًا سياسيًا وإعلاميًا واجتماعيًا ودبلوماسيًا للظاهرة، فيما يبقى التبني الأمني”.
واستطرد: “دعوني أتذكر كينيث دايتون (المنسق الأمريكي لإعادة تشكيل الأجهزة الأمنية الفلسطينية)، الذي دائمًا ما يكون رمزًا للحديث عن التنسيق الأمني، عندما أنهى عمله في تشرين الأول/أكتوبر 2010، قال إنه يذهب وهو مدرك أنه إذا لم تقم دولة فلسطينية فإن الذين تم تدريبهم سيتحولون إلى الثورة”.
وأضاف أن “الأجهزة الأمنية تفرق بين تيار وتيار، أو مجموعة ومجموعة، فلا شك أنها عندما تنظر إلى حركة حماس تنظر إلى ما حدث في 2006-2007 برأيها، ففي النهاية التعامل مع المجموعات ليس تعاملاً واحدًا”.
وتساءل: “ما الذي يجب أن نفعله على الصعيد النخبوي والمجتمعي والشتات حتى ندعم هذه الظاهرة/الفصائل الجديدة للمقاومة؟”، قائلاً: “يجب أن يكون لدينا تصور واضح لكيفية إسناد هذه الظاهرة”.
أما حول الأبعاد السياسية للظاهرة ومستقبلها، قال هاني المصري إن “هناك عدة عوامل وراء إنتاج هذه الظاهرة، أولها هي هبات القدس التي انتقلت إلى عدة مواقع في الداخل والضفة وحتى في الخارج، وما أدت إليه معركة سيف القدس وعملية نفق الحرية”. وأضاف أن العامل الثاني هو “ضعف السلطة، وهو ذاته يفسر وجود الظاهرة في جنين ونابلس، كون تلك المناطق بعيدة عن رام الله، ما يجعل فيها ضعفًا للسلطة”، مشيرًا إلى أن “السلطة أقوى ما يكون في مناطق رام الله ووسط الضفة”. وبيّن أن العامل الثالث يتمثل في “زيادة التطرف في إسرائيل، وتصاعد العدوان الإسرائيلي”، قائلاً إن هذا العامل “غاية في الأهمية، ولا يجب إسقاطه من الحسابات”.
وتابع: “بعد الانتفاضة الثانية، نحن نشهد ظواهر مماثلة ولكنها غير منظمة، وغير فصائلية، سواء هبات القدس أو انتفاضة السكاكين، أو الانتفاضات التي جرت حول موضوع الأسرى وموضوع الاستيطان”. وأشار إلى أن هذه الظواهر “ناتجة عن فشل برامج السلطة، وفشل برامج الفصائل الفلسطينية، مع اختلاف الظروف، وليس فقط بسبب انغلاق الأفق السياسي”.
وقال: “حاولت أن أتمعن وأتعمق في ظاهرة (عرين الأسود)، فرأيت أنهم على درجة من الوعي، يقولون إنهم جيل التضحية، وإن جيل الإعداد وجيل التحرير سيأتي بعدهم، فهم مدركون أن إسرائيل لن تزول الآن ولا السنة القادمة”. وأردف: “ما يميزهم عن غيرهم أن هؤلاء مستعدون للقتال حتى الشهادة عند حدوث اقتحامات، على عكس ما كان يجري سابقًا عندما يقتحم الجيش الإسرائيلي البلدة القديمة بنابلس مثلاً”. وبيّن أن “هؤلاء لديهم نفس وحدوي، ويدهم نظيفة من الفلتان الأمني أو الخاوات، وهم أيضًا ضد الاصطدام مع السلطة رغم إدراكهم لموقعها في هذه المعمعة”.
وأشار إلى أن “هذه الظاهرة موجة، رغم أنها ذات طابع قتالي إلا أنها انتقلت للهجوم في الأيام الأخيرة، فنفذوا عدة عمليات وتبنوها ببيانات، وبدأت المجموعات تكتسب قدرًا من التنظيم والتواصل”. ورأى المصري أن “هذه الظواهر هي موجة، ممكن أن تكون أقوى أو تستمر أكثر، لكنها موجة، ولا يجب أن نحملها أكثر مما تحتمل”، مشيرًا إلى أنه “من الصعب أن تتحول إلى انتفاضة، كون الانتفاضة لها مستلزمات، ومنها موقف القيادة”.
وتابع: “هنا أختلف مع صديقي د. أحمد عزم حول موقف السلطة، فموقف السلطة في جوهره هو موقف محافظ نابلس، إبراهيم رمضان، إذ قال: (نتمنى ألا نصل إلى وضع نستخدم فيه القوة ضد هذه الظاهرة)، أي أنهم يريدون إنهاءها بالحسنى”. وأضاف: “من مصلحة السلطة أن تنتهي هذه الظاهرة، لأن استمرارها يعني المزيد من التمرد والانفلات، ما يعني انتهاء هيبة السلطة”، مردفًا: “هناك بالطبع تعاطف من داخل السلطة وحركة فتح، لكنه لا يمثل الموقف الرسمي”.
ونوه إلى أن “من مميزات هذه الظاهرة هو أنها تخلق رموزها بنفسها، مثل رمزية أبو رعد، والشهداء الذي يرتقون، والمقاومون، هم الرموز الجدد، وهذا ينعكس على الصور التي ترفع والتحيات التي تُرسل”. وزاد: “هذه الظاهرة مهمة جدًا في كل الأحوال، لأنه إذا أصبح هناك فراغ فإن إسرائيل ستنجح في مسألة فرض الأمن للعلاقة مع السلطة الفلسطينية، وإنهاء أي بعد سياسي”، مشيرًا إلى أن الظاهرة “تُبقي على الأمل لدى الفلسطينيين”.
وختم بالقول إن “هناك عدة سيناريوهات أمام هذه الظاهرة، يتمثل السيناريو الأول في أن الظاهرة تنتهي كونها موجة، وتبدأ بعدها موجة أخرى، والسيناريو الثاني هو أن تستمر هذه الظاهرة، خاصة إذا حدث تغير في موقف السلطة والقيادة والفصائل، وهذا مستبعد جدًا”.
من جهة أخرى، قال عصمت منصور في حديثه حول نظرة الاحتلال إلى هذه الظاهرة من البعد السياسي والاستراتيجي والميداني، إن “البعض يرى الأمر على أن ما يقوم به الاحتلال هو مجرد محاولة لكسب الانتخابات وبعض الأصوات”. وأضاف: “نحن لا ننكر أن أي حدث يؤثر على الانتخابات ويتأثر بها، وربما التأثير الأكبر هو أن الانتخابات تقيد قادة الاحتلال من القيام بخطوة ذات بعد استراتيجي أو لاحتواء المسألة مع الطرف الفلسطيني”.
وأشار إلى أن “التحريض على جنين قديم، ولم يبدأ حديثًا أو بعد بداية سلسلة العمليات التي حدثت في الداخل، حيث سبق هذه العمليات موجة تحريض على شمال الضفة وجنين تحديدًا”.
ولفت إلى أن “عملية (كاسر الأمواج) العسكرية التي نفذها الاحتلال في شمال الضفة لمواجهة هذه الظاهرة كانت لها ميزات خاصة، منها أنها عملت على إغلاق الخط الأخضر، بإعادة تموضع للجيش ونشره بشكل كثيف على طول الخط الأخضر”. وتابع: “هدفت العملية -أيضًا- إلى إدخال هذه المجموعات المقاومة في عملية دفاع دائم، لاستنزافها، عبر القيام بعمليات اقتحام سريعة خاطفة بوحدات خاصة، لقتل وتصفية أكبر قدر من هذه المجموعات وجمع معلومات عبر حملات اعتقالات واسعة”. وبيّن أن “هذه الحملة العسكرية، كان لها إيجابيات وسلبيات، وتنطوي على مخاطر تكتيكية واستراتيجية، من منظور إسرائيلي”.
وأردف أن “الإسرائيليين يرون أن الإيجابيات كثيرة، وتحقق نتائج، وخسائرها بنسبة 0 ٪ تقريبًا، كما انتقلت المواجهة من شاب فلسطيني مسلح يهاجم في الداخل المحتل إلى جندي مسلح هو الذي يباغت المسلح الفلسطيني، في مدن ومخيمات الضفة”.
وأوضح أن “إسرائيل ترى، عبر هذه العملية (كاسر الأمواج)، أنها استعادت المبادرة والردع على الأرض، حيث إن بعض هذه الاقتحامات تأخذ طابعًا استعراضيًا، خاصة التي تجري منها في النهار، وفي الساعات غير المتوقعة”.
وأشار إلى أن “سلبيات هذه العملية هو أن الدخول المتكرر والاقتحامات المستمرة يؤديان إلى إضعاف السلطة الفلسطينية، ما يترتب عليه آثار استراتيجية قد تقود إلى انهيارها في النهاية”. وتابع: “أيضًا يترتب على هذه العملية تقوية تيار المقاومة وكل تشكيلاتها، سواءً العفوية أو المنظمة، سواء الجهاد الإسلامي في جنين أو حماس في نابلس”.
ونوّه إلى أن “إسرائيل تميز بين نابلس وجنين، إذ إنهم ينظرون إلى شباب الضفة على أنهم مشكلة، لكنهم ينظرون إلى نابلس على أنها أخطر، رغم الخطورة العسكرية الأكبر لجنين”. وبيّن أن هذه النظرة تعود “لأن نابلس محاطة بمستوطنات على عكس جنين، كما أن لحماس وجودًا قويًا في نابلس، ما ينطوي على خطورة سياسية داخلية فلسطينيًا”.
ولفت إلى أن “الميزة الأساسية لهذه الحملة هي عدم وجود أصوات منتقدة لها داخل إسرائيل، لأنها لا تنطوي على خسائر كبيرة، أي أن إسرائيل لا تحصي أعدادًا لا في القتلى ولا الموارد ولا المعدات، بالتالي يعطيها هامشًا أوسع للتحرك”. وتابع: “لكن إذا انقلبت الآية، وتطورت وتوسعت المواجهة، ما يعني بدء حدوث عمليات في الداخل أو في الضفة تسفر عن سقوط قتلى إسرائيليين، عندها كل المزاج الإسرائيلي والهامش المعطى للحكومة والأمن سيتناقص”.
وأضاف أن “من السلبيات أيضًا هو أنه ترتب على العملية أيضًا نشر 26 كتيبة من الجيش في أنحاء الضفة، ما خلق حالة احتكاك غير مسبوقة مع الفلسطينيين، واستنزافًا للجيش أيضًا”.
وأردف: “من ضمن السلبيات أيضًا أن عناصر من فتح والأجهزة الأمنية بدؤوا ينضمون إلى هذه المواجهة، ما يعني أنه من الممكن أن تبدأ أجهزة السلطة بالتقهقر والتراجع، إذا أضفنا لذلك أزمة السلطة المالية”.
وأشار إلى أن الانتخابات الإسرائيلية، وعدم ثقة “إسرائيل” بالسلطة، ونظرية “تقليص الصراع”، كلها عوامل تدفع “إسرائيل” إلى عدم محاولة احتواء المشهد الحالي، ومحاولة القضاء على المجموعات المسلحة واجتثاثها.
وأكّد منصور على أن “علينا الانتباه إلى استخدامنا لمصطلح تقليص الصراع، الذي تتواطأ الإدارة الأمريكية في الاتجاه إليه مع إسرائيل، وهو يتطلب سلطة مدجّنة ضعيفة، تزداد تبعيتها الأمنية لإسرائيل بالإضافة إلى تبعيتها القائمة في القضايا الأخرى”.