الانتخابات التشريعية الفلسطينية 2021.. آليات تحصين المسار وترتيب المشهد
لقراءة وتحميل الملف اضغط هنا
منذ صدور المراسيم الرئاسية الفلسطينية حول عقد الانتخابات التشريعية والرئاسية، واستكمال انتخاب المجلس الوطني من خلال مسار تتابعي، قفزت إلى السطح العديد من التساؤلات التي تفرضها قراءة الواقع، واحتمالات المستقبل.
أبرز هذه التساؤلات، هي ما حاول مركز رؤية للتنمية السياسية، البحث عن قراءة لها من خلال استقراء آراء شريحة من النخبة السياسية والخبراء، لعل في رؤيتهم ما يقدم وضوحا أكثر.
تنطلق هذه التساؤلات من محددات أساسية، أهمها: كيف يمكن العمل على جعل الانتخابات آلية لإنهاء الانقسام، وإعادة بناء مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية؟ وكيف يمكن تحصين المسار الانتخابي في ظل مجموعة من العصي التي توضع في دواليب المسيرة الديمقراطية، سواء في الجوانب القضائية أو السياسية أو الحريات العامة؟ وهل يُمكن للقرارات بقانون التي أصدرها الرئيس مؤخرًا، أن تُساعد في ترتيب المشهد السياسي بعد الانتخابات، أم سيكون تأثيرها سلبيا؟
وفيما يلي أبرز آراء الشخصيات التي تم استطلاع آرائها:
- الانتخابات هي أداة ضمن مجموعة أدوات لإنهاء الانقسام، ولا يمكن لها أن تنهيه، لكنها قد تؤسس لتوحيد إدارات المؤسسات.
- المطلوب إجراءات ديمقراطية شفافة، وعدم استخدام السلطات القضائية للإقصاء، وعدم وضع الشروط لتقييد المرشحين.
- الانتخابات يجب أن تقترن بوجود بيئة ضامنة لسيرها، وعدم استخدام المال والنفوذ.
- السلطة التنفيذية عملت على تغيير العديد من المفاهيم والوعي المجتمعي تجاه فكرة الفصل بين السلطات.
- القرارات بقانون التي أصدرها الرئيس عباس سيكون لها تأثير سلبي، ومن شأنها أن تُحدث حالة إرباك على المشهد الانتخابي.
- نزاهة الانتخابات ليست مرتبطة بيوم الاقتراع، وإنما بالبيئة السابقة والحاضنة للعملية الانتخابية برمّتها.
- تغوّل السلطة التنفيذية على السلطتين التشريعية والقضائية، يشكك في إمكانية أن تغيّر الانتخابات من الواقع.
- الوقوف في وجه الانتخابات ومعارضتها أمر غير مطلوب، لكن تجاهل متطلبات عقد انتخابات نزيهة أمر غير مبرّر.
- حماية المسار الانتخابي يحتاج مجموعة من الخطوات، أولها الحاجة لقضاء مستقل، فهو الضامن للفصل بين المنازعات الانتخابية، وهذا يفترض أن يكون القضاء بعيدًا عن كل التجاذبات السياسية.
- آن الأوان لكل الفصائل أن تغير معاييرها في اختيار المرشحين، وتقديم الكفاءة والخبرة في الملفات الوطنية، والسياسية، والمالية، والتشريعية، والمرأة والشباب، والبحث عن الشخصيات التي تقدم الحقيقة ومصلحة الوطن والقضية على الولاء للأفراد.
وفيما يلي آراء الشخصيات التي تم استطلاع آرائها:
د. دلال عريقات، أستاذة التخطيط الاستراتيجي، كلية الدراسات العليا، الجامعة العربية الأمريكية.
باعتقادي ربما نحاول تطويع العملية الانتخابية لتمهد الطريق أمام إنهاء الانقسام، وهنا مطلوب إجراءات ديمقراطية شفافة، وعدم استخدام السلطات القضائية، وعدم تقييد المرشحين بشروط من شأنها تقييد العملية الانتخابية.
السؤال المطروح هو: ما مدى سيطرة السلطة التنفيذية على السلطة القضائية، وبالتالي انعكاس ذلك على الانتخابات؟
ولتحصين مسار الانتخابات، ننطلق أولا من أن العملية الديمقراطية يجب أن تكون شمولية في خطواتها، وكذلك دمج جميع فئات المجتمع، والجميع مطالب، بشكل فردي أو مؤسسي، أكاديميين ونخبًا، أحزابًا وتيارات، ومؤسسات المجتمع المدني، بتحمل المسؤولية المباشرة في حماية المسار.
إضافة لما سبق، فالدول المانحة يمكن أن يكون لها دور في الضغط باتجاه استمرار مسار الانتخابات.
وما يتعلق بإصدار القرارات بقانون، وتأثيراتها على العملية الانتخابية والنظام السياسي، فأعتقد أنها ستكون ذات تأثير سلبي، ومن شأنها أن تُحدث حالة إرباك حتى للمواطن العادي، كما أنها ستؤثر على طبيعة المهام المتعلقة بالسلطتين التشريعية والتنفيذية.
أعتقد أن السلطة التنفيذية عملت على تغيير العديد من المفاهيم والوعي المجتمعي، تجاه أهمية الفصل بين السلطات، وقد انعكس هذا بشكل واضح في عدم ظهور أصوات مطالبة بإلغاء القرارات بقانون.
نهاد أبو غوش، مدير مركز المسار للدراسات، وعضو مجلس وطني سابق، ومسؤول الإعلام في الجبهة الديمقراطية
يُمكن للانتخابات أن تكون أداةً لإنهاء الانقسام، ولكنها لن تكون الحل النهائي؛ لأن ذلك مرتبط بمناقشة قضايا ومواضيع جدية تتعلق بأطراف الانقسام. وحتى تكون أداة ناجحة أيضا، لا بُد من احترام نتائجها ودوريتها، وهذا يتطلب منظومة متداخلة من الإجراءات، لذلك فإن الانتخابات كخطوة منفردة، هي أداة فقط.
والانتخابات يجب أن تقترن بوجود بيئة ضامنة لسيرها في الاتجاه الصحيح، مثل حرية الدعاية الانتخابية، وتوفير الأجواء المناسبة، وعدم استخدام المال والنفوذ بصرف النظر عن الجهة المستخدمة، والالتزام بالنزاهة والقانون. كذلك يجب تحصين مسار الانتخابات من خلال الالتزام بقانون الانتخابات، واحترام سلطة القضاء، ووجود رقابة شعبية ودستورية، ومنع استخدام الترغيب في الدعاية الانتخابية، كالوعود بالتوظيف وتحقيق الامتيازات.
الحديث عن قائمة مشتركة بين فتح وحماس، شيء غير منطقي، وكون الطرفين هم أسباب الانقسام، فالأصل أن يُترك الحكم للشعب، لا لقائمة مشتركة.
فيما يتعلق بالقرارات بقانون الأخيرة، فقد كانت محل اعتراضٍ واسعٍ أساسًا، من مختلف الجهات القانونية، ومنظمات حقوق الإنسان، وهناك خشية حقيقية من سيطرة السلطة التنفيذية. وكذلك هنالك توسيع لصلاحيات الرئيس، وهذا يُخل بتوازن العلاقة بين السلطات، وأعتقد أن ذلك سينسحب على المشهد السياسي بعد الانتخابات.
عبد الرحمن زيدان، عضو المجلس التشريعي السابق، ووزير الأشغال العامة في الحكومة العاشرة
يتطلب منا أولا أن نعرف حجم الفجوة الكبيرة، وتاريخ سلوك السلطة خلال السنوات الـ 15 الماضية، وهذا يجعلنا نعتقد أن مطلب السلطة بالتوجه للانتخابات غير مطمْئن، وأن أهدافه واضحة في إحكام السيطرة على كل مفاصل الحكم والعمل الشعبي، كما أن حالة الحريات بائسة، وهناك تغيير جذري ضروري لتصحيح المسار وإنكار الظلم والفساد، ولكن يصعب إصلاحه. ناهيك عن تأثير الأذى في ردع من يعارض الفئة المتسلطة. ولذلك ما لم تُستعاد هذه الروح، فإن جرأة الناس على خوض عملية تغيير حقيقية، ستكون محل شك. وحتى تكون الانتخابات ناجحة، يجب كسر هذه الرهبة وتبديد اليأس.
المحددات المطلوبة لأجل ذلك، هي تغيير حقيقي وعملي وملموس في حالة الحريات والتعبير والصحافة، وتكوين الأحزاب والتجمعات والجمعيات والنشاط الطلابي، وأهمها إعادة الحقوق التي صودرت، والرواتب التي قطعت، وإلغاء العقوبات عن قطاع غزة، ورفع الحظر عن المواقع الإلكترونية، ولجم تغول الأجهزة الأمنية على الأفراد والجماعات. ومن المتطلبات أيضا، إلغاء مراسيم عديدة صدرت على مدار السنوات الماضية، أهمها تجريم المقاومة 2007، وتشكيل المحكمة الدستورية 2017، وصلاحيات ديوان الرئاسة 2019، وكذلك القرارات بقانون حول ترتيبات القضاء رقم 39/40/41 لسنة 2021، والتعديلات على قانون الانتخابات 2021، الذي يتضمن فخاخا كثيرة. فالمطلوب تغيير واسع لصياغة بيئة حريات حقيقية، وهذا ما لم نلمسه حتى الآن، بل بالعكس كل يوم يخرج علينا الرئيس بفخ جديد.
باختصار، المطلوب هو الإصرار على إلغاء القرارات بقانون، ودراسة تعديلات قانون الانتخابات بعمق، والإصرار على محددات سياسية شبيهة بوثيقة الوفاق الوطني، واستعادة هيبة القضاء، والالتزام بالقانون الأساسي ليكون حكما في كل شيء، وإلا تحولنا إلى ملكية وراثية.
د. بلال الشوبكي، رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة الخليل.
إجراء الانتخابات لا يمكن أن ينهي الانقسام. جوهر الانقسام يكمن في صيغة العلاقة مع الاحتلال الإسرائيلي، وليس في آليات إدارة المؤسسات الرسمية الفلسطينية، وسلطاتها الثلاثة. كان من الممكن أن تكون الانتخابات تتويجًا لإنهاء الانقسام، لو سبقها إصلاحات، وضمان للحقوق والحريات السياسية.
حتى هذه اللحظة، ووفقا لتقارير الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، فإن الأراضي الفلسطينية تشهد انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، ولأسباب متعلقة بالانتماء السياسي. لذلك فإنّ مسألة نزاهة الانتخابات، ليست مرتبطة بيوم الاقتراع، وإنما بالبيئة السابقة والحاضنة للعملية الانتخابية برمّتها، وهو أمر مؤجل حتى هذه اللحظة، وإجراء الانتخابات دون ترتيب هذه القضايا الجوهرية، معناه إعادة إنتاج السلطوية، ومنحها الشرعية للحديث باسم شريحة من الفلسطينيين على الأقل.
كما أنّ ما جرى خلال السنوات الأخيرة، من تغوّل للسلطة التنفيذية على السلطتين التشريعية والقضائية، يشكك في إمكانية أن تغيّر الانتخابات القادمة من الأمر الواقع شيئا، بل سيكون بمقدور السلطة التنفيذية، ومن خلال الجهاز القضائي المعدّ مسبقا، أن تدفع المجلس التشريعي الجديد للتعثّر منذ اللحظات الأولى لتشكيله.
الوقوف في وجه الانتخابات ومعارضتها أمر غير مطلوب، لكن تجاهل متطلبات الانتخابات السابقة، أمر غير مبرّر، ولذلك يجب أن تترافق الدعوة إلى الانتخابات مع الإصلاحات القانونية اللازمة. كما يجب أن توضح الفصائل الفلسطينية لجمهورها، أنّ الانتخابات لن تكون الحل، وإنما جزء من الحل، الذي يجب أن يشمل البرنامج السياسي الجديد تحت مظلة منظمة التحرير الفلسطينية. لذلك، فإن على المجلس التشريعي القادم، أن يدفع باتجاه التخفيف من المهام السياسية للسلطة الفلسطينية قدر الإمكان، والاكتفاء بإدارة الحياة اليومية للمواطن الفلسطيني، مع ضرورة إصلاح المنظمة لتكون قادرة على احتضان البرنامج السياسي التوافقي، وبما أن هذا الأمر متعذر حتى اللحظة، فإنه يجدر بالمجتمع الفلسطيني الضغط باتجاه إعطاء الأولوية لإصلاح المنظمة، وتحديد الخيارات السياسية الممكنة.
سامر عنبتاوي، عضو القيادة السياسية للمبادرة الوطنية، ومنسق تجمع مؤسسات المجتمع المدني بنابلس
العربة وضعت أمام الحصان في الإعلان عن مواعيد الانتخابات قبل إنجاز الكثير من الملفات العالقة، ووضع أرضية الشراكة السياسية، وتهيئة الوضع من كافة النواحي لضمان سير الانتخابات بشكل ديموقراطي، وحر وشفاف. لذلك فإن اعتبار الانتخابات طريقا لإنهاء الانقسام وإعادة بناء المؤسسات، يشوبه الكثير من الشك والتعقيد، إذ من يستطيع ضمان احترام النتائج؟ ومن يستطيع ضمان إجراء الانتخابات بحرية؟ والسؤال الأهم: كيف ستجري الانتخابات ضمن سيطرة أحد طرفي الانقسام على كافة المناحي، وأهمها القضائية، والتدخل في القضاء، وإصدار القرارات المقيدة للقضاء والحريات؟
إن استمرار حالة الاستقطاب لدى الحزبين الكبيرين، سيعكس نفسه، وبقوة، على تشكيل القوائم واحتكار الأصوات، أو الذهاب للمحاصصة من خلال القائمة المشتركة، مما يزيد في حالة التحكم في السياسة والحكم، في ظل عدم نضوج المجتمع المدني لإفراز قوائم مستقلة قوية ومنافِسة، وكذلك في ظل الضعف والتراجع الكبير الذي أصاب أحزاب اليسار. والخوف هنا أن تتحول الانتخابات من وسيلة لإنهاء الانقسام، إلى عامل لإدارته، وتوزيع الامتيازات والحكم بين الطرفين في الضفة والقطاع.
إن عدم وجود قانون أحزاب، والتحكم المالي، ووجود أحزاب وقوائم قد لا تستطيع تغطية نفقات الحملة الانتخابية، خاصة القوائم المستقلة، سيؤثر بشكل كبير على الدعاية الانتخابية والقدرة على المنافسة، والحل هنا يكون في آليات العدالة في الصرف والتمويل؛ لتحقيق تكافؤ في الفرص، وعدم جعل العامل المادي سببًا في إحجام الأكفاء عن الترشح.
تحصين مسار الانتخابات يكون في إنجاح اجتماعات القاهرة، والالتزام بحل القضايا العالقة، والتوجه الحقيقي للشراكة السياسية، وإطلاق الحريات بالكامل، كالإفراج عن المعتقلين السياسيين لدى كلا الطرفين، وإعادة السماح بعمل المؤسسات، وحرية التعبير والإعلام، إضافة إلى وضع ضمانات حقيقية، إقليمية ودولية، لسير الانتخابات واحترام نتائجها، والتخلي عن لغة التهديد والتخويف والتراشق الإعلامي.
إن ارتهان البنية القضائية للسلطة الحاكمة، وعدم فصل السلطات، والتدخل المباشر في القضاء، من حيث تشكيلة المحكمة الدستورية، وبنية مجلس القضاء الأعلى، وتعيين القضاة حسب الولاءات، وإحالة المعارضين منهم للتقاعد المبكر، وعدم وجود محكمة خاصة بالانتخابات، كل ذلك سيلقي بظلاله الكبيرة على سير الانتخابات ونتائجها. لذلك فإن القرارات بقانون التي اتخذت مؤخرًا، توجه الحالة السياسية بعد الانتخابات نحو المزيد من التفرد في الحكم، وامتلاك صلاحيات الرئاسة على حساب التشريعي.
د. أحمد الأشقر، قاضي سابق، وأستاذ القانون في عدد من الجامعات الفلسطينية
يمكن للانتخابات العامة، سواء التشريعية أو الرئاسية، أن تساهم في إنهاء الانقسام، باعتبارها مدخلا رئيسا لتوحيد المؤسسات الفلسطينية على المستوى الإداري.
ولتعزيز المسيرة الانتخابية، لا بد من إطلاق الحريات، ووقف الاعتقال على الخلفية السياسية، لتكون الانتخابات التشريعية القادمة، مقدمة لحلحلة الإشكاليات المتعلقة بعمل المؤسسات الأمنية، التي كانت جزءًا لا يتجزأ من حالة الانقسام.
الأمر الثاني، يتعلق بالمؤسسة القضائية. ففي أعقاب الانقسام تم وقف عمل القضاة في قطاع غزة، وتشكيل مجلس قضاء أعلى وتعيين نائب عام. وكذلك في الضفة الغربية، تم تشكيل مجلس القضاء الأعلى والمحكمة الدستورية. بالتالي فإن المطلوب أن يوضع ملف القضاء على طاولة الحوار، وأن يتم إنهاء هذه الإشكاليات، وإلا فإن العملية الانتخابية ستكون مفرغة من مضمونها، ولن يكون هناك قضاء ضابط لها.
فيما يتعلق بشكل القوائم، المطلوب هو إطلاق حرية تشكيل القوائم دون قيود، بما يشمل كافة القطاعات الحزبية والوطنية والإسلامية، وإلغاء بند الكفالة المالية المرتفعة لكل قائمة مترشحة؛ لأن ذلك يعتبر تضييقا على قطاعات غير قادرة على دفع هذا المبلغ، من بينها القطاعات الشبابية والنخب، أو القطاعات المهنية والمستقلين.
حماية المسار الانتخابي يحتاج مجموعة من الخطوات، أولها الحاجة لقضاء مستقل، فهو الضامن للفصل بين المنازعات الانتخابية، وهذا يفترض أن يكون القضاء بعيدًا عن كل التجاذبات السياسية، وأن لا تفرض كتلة سياسية على كتلة أخرى شكلًا معينًا لمجلس القضاء الأعلى، الذي بدوره يشكل محكمة الانتخابات.
ما حدث من إصدار قرارات بقانون معدِّلة لأغلب التشريعات القضائية، بما فيها قانون السلطة القضائية، يشكل خيبة وانتكاسة لضمان تحصين نتائج الانتخابات من الطعن أمام هيئات قضائية، قد يشكك بها طرف سياسي دون آخر.
أشرف بدر، محاضر في جامعة بيرزيت، ومرشح لنيل درجة الدكتوراة في العلوم الاجتماعية
الانتخابات بحد ذاتها لا تنهي الانقسام، ويفضل أن يسبق الانتخابات توافق على برنامج وطني، مثل وثيقة الوفاق الوطني، فنحن في دائرة شهدت فترات طويلة من الحوارات، دون إحداث نتائج، والانتخابات بذلك قد تكون خطيرة، لأنها قد تؤدي إلى تأبيد الانقسام وتعميقه. وإذا أجريت الانتخابات على أساس تنافسي ما بين الأحزاب، فإنه سينتج لدينا حالة شبيهة بما حصل عام 2006.
وبما أنه لم يتم الاتفاق على برنامج وطني، فلا بد أن يتم في حوار القاهرة، التوافق على قوائم انتخابية، بحيث يكون هناك استفتاء على برامج هذه القوائم، والهدف من هذا التوافق، هو وضع برنامج وتنفيذه من قبل هذه القوائم، حتى لا تتحول إلى أداة لتعميق الانقسام.
أما حول كيفية تحقيق التغيير، فيمكن الاتفاق على إشراك الشباب، وذلك بتخفيض سن الترشح إلى 18 عاما بدلا من 25، وأن يتم إزالة اشتراط استقالة الموظف الذي ينوي الترشح للانتخابات من عمله، حتى لا نحرم شريحة كبيرة من الترشح.
ولضمان نزاهة الانتخابات، يمكن تشكيل حكومة وفاق وطني للإشراف على الانتخابات، ومحكمة متفق عليها، ويمكن ألا تقتصر على قضاة، وإنما أن تضم ممثلين عن التيارات السياسية الأساسية.
د. رائد الدبعي ، محاضر في قسم العلوم السياسية، جامعة النجاح الوطنية
الانتخابات يُمكن أن تكرس الانقسام، إذا لم تكن جزءًا من خارطة طريق واضحة تُحدد المستقبل الفلسطيني، وتُحدَّد من خلالها المفاهيم المختلف عليها بوضوح في المرحلة القادمة، لان الانتخابات هي إحدى أدوات الديمقراطية، وليست الديمقراطية بعينها، وهنا الفارق. وحتى تكون أداة ناجحة، يُفترض أن تكون هناك ضمانات حقيقية لاحترام نتائج الانتخابات، وفهْم جدي لما سيتغير بعد الانتخابات، سواءً في الضفة الغربية أو قطاع غزة، ولذك يُفترض أن تكون جزءًا من توافق وطني يؤدي إلى إنها الانقسام، وليس إدارته.
التمثيل النسبي هو الأكثر عدالة، وهو فرصة لحصول الحراكات المدنية على تمثيلها. ولكن كون نسبة الحسم 1.5%، فهنالك خشية من ظهور قوائم عشائرية يُمكن أن تستفيد من هذا التمثيل، وهذا قد يبعدنا عن الديمقراطية الحقيقية، إذا لم تكن القوائم الحزبية شاملة للكل. ومع أن التمثيل النسبي هو أفضل الطرق الموجودة، إلا أنه لا يخلو من العيوب، لذلك لا بد أن تكون القوائم المطروحة قادرة على إفراز الأفضل من حيث التركيبة والنوعية.
يجب أن يتم تمثيل الشباب، وكذلك وسائل الإعلام الحر وغير الحزبي، والنخب المثقفة. ويجب تنشيط الأغلبية الصامتة، التي ينبغي أن تتحول من مقاعد المشاهدين إلى لاعبين أساسيين، وهذا يشكل أحد عوامل تحصين مسار الانتخابات.
غالبًا سيكون للتغييرات القضائية الأخيرة تأثير سلبي، وهي تؤدي فعليًا إلى تقوية السلطة التنفيذية على حساب السلطة التشريعية الغائبة أصلًا. وهذه التغييرات تعرضت لانتقادات في الفترة الماضية وحتى اللحظة، ورُفضت من قبل المجتمع والفصائل، خاصةً من حيث شكلها ومضمونها وتوقيتها غير المناسب.
فيما يتعلق بالتعيينات الأخيرة، وكيفية انعكاسها على المشهد السياسي بعد الانتخابات، أو حتى على الانتخابات نفسها، فالأصل أن تكون القرارات الأخيرة جزءًا من توافقٍ وطني حقيقي جامع، وما لم يكن هنالك خارطة طريق وطنية، وقرارات يتم أخذها بشكل جماعي، ستبقى هنالك مواضيع خلافية، قد تؤدي إلى توتير الأجواء وإفساد الانتخابات.
مصطفى الشنار، أستاذ علم الاجتماع السياسي، جامعة النجاح الوطنية
الأصلح للوطن بخصوص تشكيل القوائم في هذه المرحلة، هي القائمة الوطنية التي تشمل الكل، أو أغلبية القوى، بما فيها حركة فتح.
الخيار الثاني هو قائمة وطنية مع الأطياف السياسية والشخصيات الوطنية النظيفة، دون حركة فتح في حال رفضها، وهذا ما يمكن أن يحدث في اللحظة الأخيرة، لتحقيق الإرباك في صفوف منافسيها.
أما خيار قائمة نقية “حزبية”، فهو غير عملي، ولا تتوفر له ظروف النجاح ما لم تتحقق ضمانات دولية وإقليمية، تجبر الاحتلال والسلطة وحركة فتح على تحصين الانتخابات برمتها، وتضمن التعاطي مع النتائج مهما كان شكلها.
فيما يخص بيئة الانتخابات؛ ينبغي الضغط على السلطة وحركة فتح من الكل الفلسطيني، لتحقيق بيئة آمنة للانتخابات، ووقف الملاحقات والاعتقالات، وكل ما من شأنه أن يعكر صفو العملية الانتخابية، كما ينبغي معالجة ملفات المظالم مع الحكومة قبل الانتخابات، ووضع المراسيم على الطاولة في الحوار حتى لا يُلدغ القوم من الجحر أكثر من مرة.
ما أقدم عليه الرئيس من إعادة بناء مجلس القضاء الأعلى، تشريعًا وأشخاصًا، جعل السلطة القضائية ألعوبة في أيديهم، يوجهونها حيثما أرادوا، ومتى وكيفما شاؤوا، لذلك ينبغي تمترس الكل باتجاه الاتفاق على محكمة انتخابات موثوقة، وغير قابلة للترهيب والترغيب، وضرورة تحييد المحكمة الدستورية، حتى لا تُبطل العملية برمتها إن أرادوا.
آن الأوان لكل الفصائل أن تغير معاييرها في اختيار المرشحين، وتقديم الكفاءة على الشهرة، والبحث عن كفاءات رجال الدولة، والخبرة في الملفات الوطنية، والسياسية، والمالية، والتشريعية، والمرأة والشباب، والبحث عن الشخصيات التي تقدم الحقيقة ومصلحة الوطن والقضية على الولاء للأفراد.
والمطلوب أيضا رفع العقوبات عن مختلف الشرائح في الوطن، وحيثما كانوا، سواء في غزة أو الضفة. ولضمان النزاهة، لا بد من مراقبين من الدول الضامنة، وكذلك توظيف الرقابة المجتمعية لكل أشكال السلوك المرافق لكل مراحل العملية الانتخابية برمتها، إلى ما بعد إقرار النتائج. إضافة إلى خلق جيش من الإعلاميين المجتمعيين، وتوثيق أي خروقات.