الآثار الاقتصادية الناجمة عن تدمير القطاع الزراعي في قطاع غزة بعد السابع من أكتوبر 2023

رامي وليد الزايغ

مقدّمة

        تسبَّبت حرب الإبادة التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة في شل وتدمير مناحي الحياة كافة، لاسيما القطاعات الاقتصادية، وفي القلب منها القطاع الزراعي، وقد اتبعت إسرائيل في ذلك سياسات تدميرية ممنهجة ومتعمدة طالت بنيته الإنتاجية ومكوناته كافة، وذلك من خلال تجريف الأراضي الزراعية، وتدمير البنية التحتية الزراعية وما يرتبط بها، وقضم الأراضي ومصادرتها، وغيرها من السياسات.

تسعى الورقة إلى استعراض أهمية القطاع الزراعي، ومكوناته، وأنشطته، ومساهماته في القطاعات الاقتصادية المختلفة.

تستعرض هذه الورقة ماهية الأضرار التدميرية التي تعرض لها القطاع الزراعي نتيجة للعدوان الإسرائيلي الشامل والمدمر على غزة، وكيف عملت إسرائيل على تدمير هذا القطاع، وكيف تعمل على خلق بيئة طاردة للحياة في غزة من خلال سياساتها وممارساتها العدوانية.

تركز الورقة على الآثار الاقتصادية الناجمة عن تدمير القطاع الزراعي على الاقتصاد الفلسطيني، والغزي منه على وجه التحديد، وعلى المواطنين في غزة، وأثر هذا التدمير الممنهج على مستويات الأمن الغذائي. وكيف ساهم تدمير هذا القطاع في انعدام مستويات الأمن الغذائي ووصوله إلى مستويات غير مسبوقة، وفقًا للمؤسسات الدولية والإنسانية المختصة.

تطرقت الورقة إلى أثر تدمير القطاع الزراعي على القوى العاملة ونسب البطالة، وحجم الصادرات الزراعية، وأسعار السلع والمنتوجات الزراعية، ومتوسط الإنفاق والاستهلاك للأسر في قطاع غزة، والقوة الشرائية للمواطن، وكيف تساهم هذه الآثار في أضرار اقتصادية بليغة على المدى البعيد، وتخلق ضغوطات معيشية واقتصادية كبيرة.

تستند الورقة إلى أحدث ما صدر من إحصاءات وبيانات ومعلومات من الجهات المختصة، مثل الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، ومنظمات الأمم المتحدة، والدراسات الأخرى ذات العلاقة، للفترة الزمنية من بداية العدوان الإسرائيلي أكتوبر/2023م، حتى سبتمبر/2024م.

أولًا: خصائص القطاع الزراعي

        يُعتبر القطاع الزراعي من ركائز الاقتصاد الفلسطيني، ويلعب دورًا محوريًا في التنمية الاقتصادية، ويمتاز عن غيره من القطاعات بأنه عنوان للتشبث بالأرض، ويشكل رمزية كبرى للصمود الفلسطيني في وجه المحتل الإسرائيلي، ويتكـون مـن أنشـطة متعددة أهمها نشاط الإنتاج النباتـي، ونشاط الإنتاج الحيوانـي.

تبلغ مساحة الأراضي الزراعية حوالي 41%[1] من مساحة قطاع غزة، تُزرَع بشتى أنواع السلع الزراعية، التي تساهم بشكل رئيس في توفير الأمن الغذائي للسكان من خلال توفير الغذاء لسكان القطاع كافة.

يساهم النشاط الزراعي وما ينتج عنه من روابط مع قطاعات أخرى إنتاجية وصناعية وتجارية، بشكل حيوي وفعال في الاقتصاد الفلسطيني والغزي منه على وجه التحديد، من حيث تشغيل آلاف من الأيدي العاملة، وتصدير السلع الزراعية إلى العالم الخارجي كأوروبا ودول الخليج، وغيرها من المساهمات الأخرى غير المباشرة.

ثانيًا: آثار العدوان الإسرائيلي على القطاع الزراعي

تعرّض القطاع الزراعي في قطاع غزة خلال العدوان الإسرائيلي إلى تدمير ممنهج وغير مسبوق، حيث لم يقتصر على تدمير وتجريف الأراضي والحيازات الزراعية بل طال أيضًا البنية التحتية الزراعية، وسلاسل التوريد، ومدخلات الإنتاج، والصناعات الزراعية، وبحسب تقرير صادر عن وزارة الزراعة الفلسطينية بلغت خسائر القطاع الزراعي بعد عام من العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة حوالي مليار دولار أمريكي (جسور بوست، 2024).

يستعرض الباحث حجم الخسائر والأضرار التي تعرض لها القطاع الزراعي منذ بدء العدوان وحتى سبتمبر/2024م، وفقًا لأحدث ما صدر عن مركز الأمم المتحدة للأقمار الصناعية “يونوسات” (UNOSAT، 2024).

  • الأضرار التي لحقت بقطاع الإنتاج النباتي:

        بلغت قيمة الإنتاج النباتي خلال العام 2022م حوالي 310 ملايين دولار، ويعادل ذلك حوالي 54% من قيمة الإنتاج الزراعي (الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، 2023)، ويشمل البستنة الشجرية، والخضروات، والمحاصيل الحقلية، وفيما يلي الأضرار التي لحقت بقطاع الإنتاج النباتي:

  • مساحة أضرار الأراضي الزراعية حسب المحافظة

جدول رقم (1): الأضرار الزراعية حسب المحافظة

م

المحافظة

مساحة الأضرار بالدونم

النسبة (%)

1.               

شمال غزة

24,480

78.2

2.               

مدينة غزة

23,910

76

3.               

دير البلح

16,470

64

4.               

خانيونس

25,890

61.5

5.               

رفح

11,080

56

الإجمالي

101,830

68

المصدر: UNOSAT ، 2024م.

تعتبر محافظة شمال غزة أعلى نسبة أضرار بين المحافظات، ومحافظة خانيونس أعلى مساحة في الأضرار بين المحافظات، ونسبة الأضرار 68% من مساحة الأراضي الزراعية في قطاع غزة، والبالغ مساحتها حوالي 150,530 دونمًا.

لم تقتصر السياسات الإسرائيلية على التدمير والتجريف بل أضرت كثيرًا في الأراضي الزراعية وصلاحيتها للزراعة مستقبلًا وقد حذرت إيمان جرار، مدير عام الخدمات الزراعية بوزارة الزراعة الفلسطينية، من أن “القنابل الفسفورية التي يلقيها الاحتلال الإسرائيلي على الأراضي الزراعية في غزة ستؤثر بشكل كبير، وعلى المدى البعيد، على إنتاجيتها، وقد أوضحت أنَّ “الأضرار هائلة، وغير مسبوقة، بسبب المواد الكيميائية، ولا يمكننا حصرها بشكل دقيق، قبل إجراء الفحوصات اللازمة”. وتوقعت جرار أن تنعكس هذه المعطيات على الإنتاج الزراعي مستقبلًا “بسبب الحرب ومخلفاتها، ومن الممكن ألا تعود بعض الأراضي صالحة للزراعة (الشرق، 2023).

وأكدت ذلك الأمم المتحدة المتحدة بأن حوالي 68٪ من حقول المحاصيل الدائمة في القطاع أظهر انخفاضًا كبيرًا في الصحة والكثافة في أيلول/سبتمبر2024م. (الأمم المتحدة، 2024)

  • حجم الأضرار الزراعية حسب فئات المحاصيل

جدول رقم (2): الأضرار الزراعية حسب فئات المحاصيل

م

المحافظة

المساحة بالدونم

النسبة من الأراضي الزراعية (%)

مساحة الأضرار بالدونم

نسبة الأضرار (%)

1.               

البساتين والأشجار الأخرى

 88,560

59

 63,020

71.2

2.               

الخضروات

 32,070

21

 18,750

58.5

3.               

المحاصيل الحقلية

 9,900

20

 20,050

67.2

الإجمالي

130,530

100

101,820

68

المصدر: UNOSAT ، 2024م.

أحدث العدوان الإسرائيلي أضرارًا كبيرة في فئة البساتين والأشجار الأخرى نسبتها (71.2%) من المساحة المزروعة (منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة، أكتوبر 2024)، وتندرج أشجار الزيتون تحت هذه الفئة من المحاصيل حيث دمر الاحتلال حوالي 75% من إجمالي أشجار الزيتون المزروعة (وكالة الأناضول، 2024). ويُشكل القمح الأكثر عرضة للأضرار من المحاصيل الحقلية. (الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، 2023).

  • أضرار الآبار الزراعية

جدول رقم (3): عدد الآبار الزراعية المتضررة جراء العدوان

م

المحافظة

عدد الآبار المتضررة

النسبة (%)

1.               

شمال غزة

319

52

2.               

مدينة غزة

413

67.8

3.               

دير البلح

168

36.2

4.               

خانيونس

229

55.9

5.               

رفح

59

36

الإجمالي

1,188

52.5

المصدر: UNOSAT ، 2024م.

بلغ إجمالي الآبار المدمرة حوالي 1,188 بئرًا زراعيًا، بما نسبته 52.2% من إجمالي الآبار في قطاع غزة، واستحوذت محافظة غزة على أعلى نسبة من الدمار تليها محافظة خانيونس.

  • أضرار الدفيئات الزراعية

جدول رقم (4): أضرار الدفيئات الزراعية

م

المحافظة

عدد الدفيئات المتضررة بالدونم

النسبة (%)

1.               

شمال غزة

671

89.7

2.               

مدينة غزة

378

99.7

3.               

دير البلح

903

40.7

4.               

خانيونس

2,580

49.7

5.               

رفح

1,247

27.7

الإجمالي

5,779

44.3

المصدر: UNOSAT ، 2024م.

بلغ إجمالي أضرار الدفيئات الزراعية المتضررة حوالي 5,779 دونمًا، بما نسبته 44.3% من إجمالي الدفيئات الزراعية، واستحوذت محافظة غزة على أعلى نسبة من الأضرار تليها محافظة شمال غزة.

  1. الأضرار التي لحقت بقطاع الإنتاج الحيواني

        بلغت قيمة الإنتاج النباتي خلال العام 2022م حوالي 265 مليون دولار، ويعادل ذلك حوالي 46% من قيمة الإنتاج الزراعي، ويشمل اللحوم، والصيد والثروة السمكية، وتبلغ نسبة كل منهما حوالي 52%، و26%على التوالي (الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، 2023)، وفيما يلي الأضرار التي لحقت بقطاع الإنتاج الحيواني:

  • الثروة الحيوانية

        تسبّب العدوان في نفوق 95% من الماشية، وذبح جميع العجول، وتبقى حوالي 43%، 37%، 1%، من الخراف والماشية والدواجن على التوالي على قيد الحياة، وتوقف معظم الإنتاج التجاري، وأصبح الإنتاج محصورًا في الأسر المعيشية للاستهلاك الذاتي (منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة، أكتوبر 2024)، ومنع الاحتلال أيضًا إدخال الأعلاف إلى القطاع، وقد اضطر المواطنون في قطاع غزة إلى القيام بذبح الحيوانات لأكلها لعدم وجود غذاء للإنسان، فضلًا عن عدم وجود غذاء لها أصلًا.

  • الصيد والثروة السمكية

أما فيما يخص قطاع الصيد، لم ينجُ قطاع الصيد في غزة، الذي يُعيل أكثر من 4,054 صيادًا، نصفهم من شمال القطاع من وطأة العدوان الإسرائيلي؛ يُنتج القطاع سنويًا نحو 4,600 طن من الأسماك، بحسب تقارير وزارة الزراعة في غزة، إلاّ أن هذا الإنتاج توقف بالكامل وتعرض قطاع الصيد للدمار الشامل، إذ أُدرج ضمن أهداف الاحتلال الرئيسة. وتشير التقارير الميدانية الأولية إلى أن مدينة غزة وحدها شهدت تدمير 98% من قطاع الصيد، أمّا في رفح ودير البلح، فقد تم تدمير أكثر من 70% من قطاع الصيد، بتدمير أكثر من 600 قارب (أبوسيف، 2024)، وقد تعرض للتجريف والتدمير أيضًا مزارع تفريخ وإنتاج الأسماك في القطاع التي كانت تغطي جزءًا مهمًا من استهلاك السكان.

يوجد في قطاع غزة ميناء واحد هو ميناء غزة يقع غرب مدينة غزة، ويعتبر مركزًا مهمًا للنشاط الاقتصادي، ومزارًا سياحيًا مهمًا في قطاع غزة، وخلال العدوان تعرض لتدمير بليغ حيث تم تدمير معظم البنية التحتية للميناء والسفن ولا يزال غير عامل.

  1. أضرار البنية التحتية الزراعية

لم تقتصر الأضرار التي أصابت القطاع الزراعي على تجريف ومصادرة الأراضي، بل تعدت ذلك إلى أضرار عميقة وبليغة في البنية التحتية الزراعية، التي تعتبر عاملًا مهمًا في تنمية وتطور القطاع الزراعي وديمومته، وتعد محافظة خانيونس أكثر المحافظات التي تعرضت للأضرار في البنية التحتية الزراعية، ومن خلال الجدول رقم (5)، يرصد الباحث أهم الأضرار التي لحقت في البنية التحتية الزراعية:

جدول رقم (5): الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية الزراعية

م

البنية التحتية الزراعية

العدد

1

الحظائر المنزلية

606

2

مزارع الدجاج اللاحم

538

3

مزارع الأغنام

427

4

مستودعات ومخازن زراعية

452

5

البرك الزراعية

214

6

ملاجئ حيوانات

213

7

أخرى

222

الإجمالي

2,672

المصدر: UNOSAT ، 2024م.
  1. المنطقة العازلة والأراضي الزراعية

منذ عام 2008 كان يسمح بحركة الفلسطينيين مسافة 300 متر فقط من السياج الحدودي مع الاحتلال ويمكن للمزارعين الاقتراب حتى مسافة 100 متر من السياج الحدودي (سلطة جودة البيئة، 2024).

منذ شن إسرائيل عدوانها على قطاع غزة عملت على إقامة منطقة عازلة على حدود ووسط القطاع حيث تشير تقارير إعلامية إسرائيلية ودولية (أجنبية) إلى أنه ابتداء من أكتوبر 2023، تعمل إسرائيل على إنشاء “منطقة عازلة جديدة” تشكل ما لا يقل عن 16٪ من إجمالي الأراضي في قطاع غزة (57 كيلومترًا مربعًا)، وستغطي نحو كيلومتر واحد من المناطق الواقعة غرب السياج… ستغير سلبًا طبيعة اقتصاد غزة، وستضر بمصادر الغذاء التي اعتمد عليها سكانها في الماضي، وتلك التي سيعتمدون عليها في المستقبل (مسلك، 2024)، وبالإجمال فإنَّ المنطقة العازلة التي تنوي إسرائيل استقطاعها حسب أحدث التقارير تشكل ما مساحته 35 % من الأراضي الصالحة للزراعة في قطاع غزة (سلطة جودة البيئة، 2024).

تكمن مخاطر هذه المنطقة في إحداث تغيرات ديموغرافية وجغرافية في قطاع غزة، ومن أبرز صورها سلب ومصادرة الأراضي الصالحة للزراعة في قطاع غزة، حيث تتركز فيها معظم الأراضي الزراعية، والأراضي التي تستخدم للمراعي ومزارع الحيوانات مثل العجول والأغنام في المناطق الملاصقة للأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948م، والتي تنوي إسرائيل استقطاعها، وبهذا تقضي إسرائيل على أي نهضة مستقبلية للقطاع الزراعي.

ثالثًا: الآثار الاقتصادية

يستعرض الباحث في هذا الجزء من الدراسة أهم التأثيرات الاقتصادية الناجمة عن تدمير القطاع الزراعي باعتباره جزءًا مهمًا من الاقتصاد الفلسطيني، وأهم مكونات الناتج المحلي الإجمالي، من خلال النشاط الزراعي نفسه، ومساهمته في عديد من الأنشطة والصناعات الأخرى من خلال مجموعة من الترابطات بقطاعات اقتصادية أخرى، كتحفيز القطاع الصناعي (مثلًا: رُبّ البندورة يُنتج من فائض البندورة، واللحوم المصنعة تُصنع من فائض اللحوم)، وتشغيل جزء من القوى العاملة، بالإضافة لمساهمته في الأمن الغذائي من خلال توفير معظم السلع الغذائية الزراعية الأساسية للأسر، والتجارة الخارجية من خلال الصادرات والواردات الزراعية.

  1. الأمن الغذائي

عانى القطاع الزراعي، منذ سنوات طويلة، من مجموعة من الإجراءات والسياسات التعسفية من قِبل الاحتلال الإسرائيلي والتي من أهمها التجريف، ومصادرة الأراضي، والحصار، والتحكم بسلسة التوريد والإنتاج الزراعي، إلا أنه وبالرغم من ذلك استطاع القطاع الزراعي تحقيق اكتفاء ذاتي من بعض السلع الزراعية كالخضروات، الفواكه، البيض، والدواجن، حيث وصلت نسبة الاكتفاء إلى 95%، 100%، 72%، 98% على التوالي (وكالة الأناضول، 2024)، ويعزز ذلك ما ذكرته منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فاو) أنَّ غزة كانت في السابق مكتفية ذاتيًا إلى حد كبير في إنتاج الخضروات ومنتجات الألبان والدواجن والأسماك، كما كانت تنتج جزءًا كبيرًا من اللحوم الحمراء والفاكهة التي يستهلكها السكان (منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة، أغسطس 2024).

وعليه فإنّ القطاع الزراعي يلعب دورًا كبيرًا ومباشرًا في تحقيق الأمن الغذائي من خلال توفير الغذاء للمواطنين، وتوفير الدخل للمزارعين والعاملين في القطاع الزراعي، إلا أنّ حرب الإبادة المستمرة التي تقوم بها إسرائيل في قطاع غزة عملت بشكل متعمد وممنهج في تدمير القطاع الزراعي ومكوناته بشكل كامل، وجعل سكان القطاع يعتمدون بشكل كليّ على ما يتم إدخاله من خلال المعابر والمنافذ التي يتحكم بها الاحتلال الإسرائيلي، سواء كانت مساعدات إنسانية أو سلعًا تجارية.

وقد عمل هذا وغيره على ارتفاع نسبة البطالة لمستويات غير مسبوقة، الأمر الذي أدى إلى انخفاض الدخل لعشرات الآلاف من الأسر، فوفقًا لمنظمة الفاو فإنّ الأسر التي تعتمد على الزراعة قد عانت من انخفاض الدخل بنسبة 72% (منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة، يونيو 2024)، نتج عن ذلك انعدام الأمن الغذائي في قطاع غزة، وبحسب الجهاز المركزي للإحصاء لعام 2022م فإنَّ 44% من استهلاك الأسر النهائي للسلع الزراعية مصدره الإنتاج المحلي للمنتجات الزراعية التي يتم إنتاجها، في حين أنّ بقية الاستهلاك النهائي ونسبتها 56% تعتمد على الواردات من السلع الزراعية التي توقفت خلال العدوان الأخير على قطاع غزة. الأمر الذي يشير إلى أن الإنتاج الزراعي في الوضع الطبيعي لا يكاد يفي بمتطلبات الاستهلاك الأسري النهائي، مما يعني انعدام الأمن الغذائي والاكتفاء الذاتي من المحاصيل الزراعية المنتجة محليًا في قطاع غزة، وتفاقم الوضع مع قصف المناطق الزراعية مما أثّر على قدرة الإنتاج المحلي على الإيفاء بالاستهلاك الأسري، ناهيك عن منع المزارعين من الوصول إلى أراضيهم الزراعية (الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، 2023) وهذا يعني أنَّ قوات الاحتلال تعمل على هدم مقومات البقاء في الأرض من خلال سياساتها التدميرية والتخريبية الممنهجة.

لقد وصلت نسبة الأضرار التي تكبدتها الأراضي الزراعية في قطاع غزة إلى مستويات غير مسبوقة، وهذا يطرح مخاوف كبيرة حول إمكانية إنتاج الأغذية الآن وفي المستقبل، لأنّ المعونة الغذائية وحدها لا يمكن أن تلبي الاحتياجات اليومية لسكان غزة. وتؤدي هذه الأضرار إلى مفاقمة خطر الانتشار الوشيك للمجاعة في كامل قطاع غزة (منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة، أكتوبر 2024)

وفي ذات السياق تشير توقعات تحليل التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي[2] إلى أنّ 1.95 مليون شخص في غزة (91 ٪ من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد (المرحلة 3 من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي أو أسوأ) خلال الأشهر المقبلة (IPC, 2024). وذكر التقرير أيضًا أنّ 345 ألف شخص سيواجهون مستويات كارثية من الجوع (المرحلة الخامسة من التصنيف)، و876 ألف شخص (41 % من سكان قطاع غزة) سيواجهون مستويات الطوارئ من الجوع (المرحلة الرابعة من التصنيف) (WFP، 2024).

تجدر الإشارة إلى أنَّ محافظتي شمال قطاع غزة ومدينة غزة، نظرًا لحدة العمليات العسكرية الإسرائيلية فيهما منذ بداية حرب الإبادة، تعانيان من شحّ حادّ وتامّ للسلع الغذائية الأساسية مثل الخضروات والفواكه واللحوم والدواجن وغيرها طوال أشهر العدوان المستمر.

  1. الناتج المحلي الإجمالي

سجل النشاط الزراعي في قطاع غزة تراجعًا حادًا في القيمة المضافة نسبته 93% خلال الربع الثاني من العام 2024م، مقارنة مع الربع المناظر له خلال العام 2023م (الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، 2024)، يأتي هذا التراجع بسبب السياسات التدميرية الممنهجة التي تعرض لها القطاع خلال العدوان المستمر على غزة، وهذا سيخلف آثارًا سلبية على أنشطة اقتصادية أخرى.

شكل رقم (1): مساهمة النشاط الزراعي في قطاع غزة في الناتج المحلي الإجمالي

المصدر: (الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني – أ، 2024)

انخفضت مساهمة النشاط الزراعي في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 55%، خلال الربع الرابع من العام 2023م، مقارنة مع الربع الثالث من العام 2023م، إلا أنَّ هذه النسبة تراجعت قليلًا إلى 50% خلال الربع الثاني من العام 2024م مقارنة مع الربع الثالث من العام 2023م.

تجدر الإشارة إلى أنّ الإحصاءات الرسمية المتعلقة بمساهمة الزراعة في الصادرات والناتج المحلي الإجمالي لا تعبّر تعبيرًا تامًا عن أهمية هذا القطاع، فهي لا تأخذ في حسبانها تأثيره في القطاعات الأخرى، ولا فرص العمل غير الرسمي الكثيرة التي يتيحها لآلاف العمال الفلسطينيين. (الأونكتاد، 2015)

  1. الاستهلاك النهائي للأسر

        تشير بيانات الحسابات القومية المعتمدة على آلية جداول العرض والاستخدام للعام 2022م إلى أنّ 44% من استهلاك الأسر النهائي للسلع الزراعية مصدره الإنتاج المحلي للمنتجات الزراعية التي يتم إنتاجها، وتشكل المنتجات الزراعية المستوردة حوالي 56% من الاستهلاك النهائي للأسر، حيث بلغت القيمة الأولية للواردات الزراعية إلى قطاع غزة في العام 2022 حوالي 238 مليون دولار، حيث إنّ 46.3% من واردات القطاع الزراعي كانت من أنشطة زراعة الزيتون والفواكه والجوزيات والمحاصيل التي تستخرج منها المشروبات والتوابل مقابل 17.3% من نشاط زراعة الخضروات ومنتجات البستنة والمشاتل، (الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، 2023) وعليه فإنّ العدوان وتداعياته قد أدى إلى فقدان الأسر الغزية مصادر إنتاجها واستهلاكها بشكل كامل تقريبًا، سواء ما يتم إنتاجه محليًا من خلال التجريف والتدمير، أو من خلال إغلاق المعابر وإطباق الحصار على القطاع، ويؤكد ذلك حديث السيدة Beth Bechdol، نائب المدير العام لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو): “لقد وصلت نسبة الأضرار التي تكبدتها الأراضي الزراعية في قطاع غزة إلى مستويات غير مسبوقة. وهذا يطرح مخاوف كبيرة حول إمكانية إنتاج الأغذية الآن وفي المستقبل، لأنّ المعونة الغذائية وحدها لا يمكن أن تلبي الاحتياجات اليومية لسكان غزة. وتؤدي هذه الأضرار إلى مفاقمة خطر الانتشار الوشيك للمجاعة في كامل قطاع غزة (منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة، أكتوبر 2024).

  1. الصادرات

     بلغت القيمة الأولية للصادرات السلعية المرصودة من قطاع غزة للعام 2022 م ما قيمته 32.8 مليون دولار، بحيث شكلت الصادرات الزراعية ما نسبته 55% من إجمالي الصادرات، وتركزت الصادرات الزراعية من قطاع غزة قبل العدوان في نشاط زراعة الخضروات ومنتجات البستنة والمشاتل بواقع 16.1 مليون دولار.

        وأما من حيث المنتجات فقد تركزت الصادرات الزراعية خلال العام 2022 في ثمار البندورة حيث شكلت 33.1 % من إجمالي الصادرات الزراعية لعام 2022، تلاها الخيار بنسبة 33%  من إجمالي الصادرات الزراعية. (الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، 2023)

        وعليه فإنَّ تدمير القطاع الزراعي في غزة سيتسبب في خفض الصادرات بشكل كامل، وما يلحق ذلك من أضرار سلبية بليغة في الاقتصاد الفلسطيني، وقد ظهر ذلك جليًا خلال العدوان بالاعتماد الكامل على الاستيراد من الخارج للسلع والمنتوجات الزراعية، فضلًا عن القيام بتصديرها مستقبلًا.

  1. القوى العاملة

        بلغ عدد العاملين في القطاع الزراعي في قطاع غزة خلال عام 2022م حوالي 19,500 عامل، بما يُشكل حوالي 6.8% من إجمالي القوى العاملة (الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، 2023) وبسبب تأثيرات العدوان وما خلفه من تدمير للقطاع الزراعي فإنَّ هؤلاء العاملين أصبحوا عاطلين عن العمل، عدا عن العاملين في القطاعات الاقتصادية الأخرى كالقطاعين التجاري والصناعي اللذين لهما ارتباطات بالقطاع الزراعي بمجموعة من الترابطات الأمامية أو الخلفية، مما سينعكس سلبًا على الاقتصاد الفلسطيني.

  1. أسعار المنتجات الزراعية والحيوانية

        تأثرت أسعار السلع الزراعية بشكل كبير نتيجة للعدوان وما ترتب عليه من هدم وتجريف وتدمير وإغلاق للمعابر. الجدول رقم (6) أدناه يحتوي على مجموعة من السلع الزراعية ومتوسط سعرها خلال فترة العدوان من أكتوبر/2023 حتى سبتمبر/2024م[3]، ومقارنتها مع متوسط السعر خلال العام 2022م، ونسب الزيادة التي طرأت عليها خلال فترة المقارنة، وذلك حسب البيانات المتوفرة من الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني:

جدول رقم (6): يوضح مقارنة أسعار السلع خلال العدوان مع أسعارها قبل العدوان ونسب الزيادة

الصنف

متوسط السعر خلال الفترة

متوسط السعر خلال عام 2022

نسبة الزيادة

بندورة عناقيد

15

2.5

490

بطاطا

13

2

560

فلفل حار

29

5

470

بيض

71

13

449

دجاج

29

16

80

لحم عجل طازج

143

42

241

لحم غنم

94

54

74

برتقال

17

2

771

خيار

13

2

558

فليفلة خضراء

28

6

367

     المصدر: الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، سنوات متعددة.
  • جميع السلع أعلاه شهدت نسب زيادة سعرية عالية جدًا تراوحت ما بين (74-770%)، وقد بلغ متوسط نسبة الزيادة للسلع أعلاه كافة حوالي (400%) عما كانت عليه قبل العدوان، تجدر الإشارة أنَّ كثيرًا منها كانت تحقق غزة منه اكتفاءً ذاتيًّا مثل اللحوم والبيض، وبعضها الآخر يعدّ من أهم صادرات القطاع الزراعية مثل البندورة والخيار والبطاطا اللواتي شهدن نسب زيادة سعرية حوالي 490%، و558% و560% على التوالي.
  • هذه الارتفاعات في الأسعار نجمت عن تدمير القطاع الزراعي والأنشطة المرتبطة به، وسياسة التجويع والإغلاق التي تنتهجها سلطات الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، وبالأخص في محافظتي غزة والشمال.
  • هذه الارتفاعات في الأسعار ستؤدي إلى حرمان فئة كبيرة من السكان منها مما سيؤثر على صحة الإنسان الغزي.
  • تأثُر هذه السلة ومكوناتها سينعكس أيضًا سلبًا على باقي أوجه الإنفاق والاستهلاك الشهري للأسرة.
  • الدجاج كان أغلب الفترة مفقودًا من الأسواق، بعدما كانت غزة تحقق اكتفاءً ذاتيًّا منه على مدار السنوات الماضية.
  • من المتوقع أن تستمر الأسعار بالتذبذب ارتفاعًا وانخفاضًا حتى بعد انتهاء العدوان وخضوعها مستقبلًا لأسعار الدول المُصدِّرة، وذلك للأثر البليغ الذي تعرض له القطاع الزراعي، وتوقف الاستيراد للمواد والمستلزمات الزراعية، وأثر القنابل والمتفجرات التي تم ألقيت على الأراضي مما يؤثر سلبًا على خصوبتها وكثافتها الزراعية كما ذكرت العديد من المنظمات والمؤسسات الدولية المختصة.
  • اتسمت هذه السلة بتذبذبات كبيرة في الأسعار خلال فترة الحرب ارتفاعًا وانخفاضًا، متأثرة في ذلك بعوامل متعددة سببها العدوان وما يترتب عليه من تجريف للأراضي والمساحات الزراعية، وإغلاق المعابر، والحصار، وبالتالي يصبح الاعتماد بشكل كلي تقريبًا على الاستيراد من الخارج من خلال المعابر التي يتحكم بها الاحتلال مما يخلق تأثيرات سلبية كبيرة على الأمن الغذائي، وحجم الإنفاق للمواطنين، وبالتالي تأثر الاقتصاد الوطني بالعموم.
  • يمكن القول إنَّ باقي أصناف الخضروات والفواكه بلغت نسبة التغير فيها مثل الأصناف في الجدول أعلاه.
  1. غلاء المعيشة ومتوسط إنفاق واستهلاك الأسر

        يُعزى السبب الرئيس لارتفاع مؤشر غلاء المعيشة في قطاع غزة خلال فترة العدوان؛ إلى ارتفاع أسعار مجموعة المواد الغذائية والمشروبات غير الكحولية، التي تحتوي في معظم مكوناتها على المنتجات والسلع الزراعية، مثل الخضروات والفواكه وبيض المائدة واللحوم، وتشكل أهميتها النسبية حوالي 28.15% من سلة المستهلك (الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، سنوات متعددة) وقد شهد مؤشر غلاء المعيشة في قطاع غزة ارتفاعات حادة خلال فترة العدوان فقد ارتفع بنسبة 283% منذ السابع من أكتوبر وحتى شهر 09/2024م (الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، سنوات متعددة) ومن المتوقع أن يستمر هذا الارتفاع في مستويات غلاء المعيشة لفترات زمنية أطول نظرًا للظروف القائمة، وبالتالي سيعمل ذلك على زيادة نسب الفقر والاضطرابات، ويستدعي ذلك أيضًا تدخلات حكومية من خلال زيادة الإنفاق الحكومي، ورفع علاوة غلاء المعيشة، ورفع الحد الأدنى للأجور، وتسهيلات اقتصادية أخرى، في ظل ما يعانيه القطاع الحكومي من عجز مالي يزداد ويتراكم سنويًا، ويتطلب دعمًا أوسع للقطاعات المتضررة من قِبل المؤسسات الإغاثية والمانحة.

وفقًا لإنفاق واستهلاك الأسرة عام 2017م الصادر عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، فإنَّ إنفاق واستهلاك الأسرة الشهري في قطاع غزة على (اللحوم، الدواجن، الأسماك، الألبان ومنتجاتها، البيض، الفواكه، الخضروات) وهي التي ذُكِرَت في جدول رقم (6)، تُمثل حوالي 46% من متوسط إنفاق واستهلاك الأسرة على الطعام، وحوالي 17% من إجمالي الإنفاق النقدي الكلي للأسرة في قطاع غزة، وتعد هذه المنتوجات الأكثر تضررًا من العدوان وتداعياته، وعليه فإنَّه من المتوقع أن تشكل هذه الزيادة في الأسعار عوامل ضاغطة على الأسر في قطاع غزة، مما سيؤثر على إنفاقها على الطعام وبالأخص الطعام الصحي والضروري، وبالتالي يتأثر متوسط الإنفاق والاستهلاك بشكل سلبي مستقبلًا، وهذا الارتفاع سينعكس سلبًا أيضًا على بعض السلع وأوجه الانفاق الأخرى.

  1. القوة الشرائية

        انخفضت القوة الشرائية للمواطن في قطاع غزة متأثرة بعوامل عدة، حيث تسبّب ارتفاع معدلات البطالة والبطالة المقنعة إلى جانب التضخم في انخفاض سريع في القوة الشرائية للأسر في كل من غزة والضفة الغربية (البنك الدولي، 2023) وبحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني فقد انخفضت القوة الشرائية بنسبة 11%، 16%، 11%، 10%، 21%، 20% على التوالي للأشهر من أكتوبر/2023، حتى مارس/2024م، وبنسبة تراكمية 62% خلال الشهور الستة الأولى من بداية العدوان (الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، سنوات متعددة)، ومن المتوقع أن تستمر على هذا المنوال طالما استمرت الظروف كما هي، مما سيخلق تأثيرات اقتصادية سلبية عميقة مستقبلًا على المواطن والاقتصاد الفلسطيني ككل.

شكل رقم (2): النتائج المترتبة على تدمير القطاع الزراعي على الاقتصاد الغزي

الشكل من إعداد الباحث

خاتمة

        خلصت الورقة إلى أنَّ العدوان الإسرائيلي أدّى إلى تدمير القطاع الزراعي، وبالتالي تسريح العاملين فيه ودخولهم إلى حيز البطالة، ما أدى إلى ارتفاع نسبة البطالة، بالإضافة إلى أنّ تدمير الزراعة عمل على حدوث ندرة في عرض السلع والمنتجات الزراعية، مما أدى إلى ارتفاع الأسعار، وأدت البطالة إلى انخفاض دخل الأسر، وتسبب ذلك في انخفاض مستويات الإنفاق والاستهلاك للأسر مما أدى إلى انخفاض القوة الشرائية.

تسبب تدمير القطاع الزراعي أيضًا في توقف الصادرات الزراعية، مما أضر بشكل مباشر وغير مباشر بقطاعات اقتصادية أخرى كالقطاع الإنتاجي والصناعي والتجاري، مما أدى إلى انخفاض الناتج المحلي الإجمالي. وقد خلُصت الورقة أيضًا إلى أنَّ القطاع الزراعي قد تعرض لتدمير ممنهج ومتعمد، فاق أي عدوان إسرائيلي سابق، وقد خلّف هذا العدوان ندوبًا طويلة الأمد في القطاع الزراعي وبنيته وإنتاجيته في المستقبل، مما يعني أنَّ هذه السياسات التدميرية هدفها قتل مقومات العيش وإنهاء سبل الحياة.

وقد توصلت إلى أنَّ الاقتصاد الغزي قد تأثر بشكل سلبي بليغ جراء تدمير القطاع الزراعي من حيث انعدام الأمن الغذائي، والانخفاض البليغ وطويل الأمد في حجم الصادرات الزراعية، والارتفاع الكبير في أسعار السلع الأساسية وتحديدًا الزراعية منها، ودخول آلاف من القوى العاملة إلى حيز البطالة المرتفعة أصلًا، والذي أدى إلى انخفاض الدخل لآلاف الأسر، وارتفاعات حادة في مؤشر غلاء المعيشة، مما أدى إلى انخفاض مستويات الإنفاق والاستهلاك للأسر، وقد عمل هذا كله على انخفاض القوة الشرائية للأسر الغزية المُنهكة أصلًا.

        ويستنتج الباحث أنَّ السياسات الإسرائيلية التدميرية الممنهجة والمتعمدة للقطاعات كافة في غزة، وبالأخص القطاع الزراعي منها، لم يكن الهدف منه تدمير الاقتصاد الفلسطيني فحسب، بل خلق بيئة طاردة للحياة وللسكان الفلسطينيين، وذلك من خلال خلق مجموعة كبيرة من المشاكل المركبة والمُعقدة، كالحصار المطبق والشامل، وقتل مقومات وسبل الحياة، إلى التحكم بأصغر جزئيات العيش والبقاء، وذلك لتسهيل مخططات التهجير وإعادة احتلال الأرض، وعليه يوصي الباحث بمنح القطاع الزراعي الأولوية القصوى في مرحلة التعافي وإعادة الإعمار، والتركيز على دعم المزارعين والعاملين بالقطاع الزراعي وتعويضهم، والبناء على تجارب الزراعة الذاتية المُوسعة التي ظهرت خلال العدوان كتجربة الزراعة في بيت لاهيا التي عملت على سد حاجات المواطنين الغزيين خلال العدوان بشكل كبير.

المصادر والمراجع

المصادر العربية:

الأونكتاد. (2015). قطاع الزراعة الفلسطينية المحاصر. مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية. تم الاسترداد من: https://unctad.org/system/files/official-document/gdsapp2015d1_ar.pdf

البنك الدولي. (2023). آثار الصراع في الشرق الأوسط على الاقتصاد الفلسطيني. تم الاسترداد من: https://thedocs.worldbank.org/en/doc/4f3289d88c344b6a1fb4e70e8e7f3762-0280012023/original/2CLEAN-ARA-Synopsis-GazaEeconomic-Note-DEC12-EZ.pdf

الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني. (2023). الإحصاء الفلسطيني يصدر بيانا صحفيا حول أثر عدوان الاحتلال الإسرائيلي على القطاع الزراعي في قطاع غزة. تم الاسترداد من: https://www.pcbs.gov.ps/postar.aspx?lang=ar&ItemID=4660

الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني. (سنوات متعددة). مؤشر غلاء المعيشة. رام الله، فلسطين.

الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني. (2024). الإحصاء الفلسطيني يعلن النتائج الأساسية للحسابات القومية الربعية للربع الثاني 2024. بيان صحفي. تم الاسترداد من: https://www.pcbs.gov.ps/postar.aspx?lang=ar&ItemID=5838

الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني – أ. (2024). التقرير الصحفي للتقديرات الأولية للحسابات القومية الربعية (الربع الثاني، 2024م). تم الاسترداد من: https://www.pcbs.gov.ps/portals/_pcbs/PressRelease/Press_Ar_QNAQ22024A.pdf

وكالة الأناضول. (2024). منظمة التحرير: عدوان إسرائيل على غزة دمر 75 بالمئة من أشجار الزيتون. تم الاسترداد من: https://www.aa.com.tr/ar/

الشرق. (2023). الحرب على غزة تصل الزراعة.. غارات إسرائيل تدمر “التين والزيتون”. تم الاسترداد من: https://asharq.com/reports/

برنامج الغذاء العالمي (WFP). (2024). تقييم جديد للأمن الغذائي في غزة يشير إلى استمرار خطر المجاعة وسط القتال المستمر وتقويض عمليات الإغاثة. تم الاسترداد من: https://ar.wfp.org/news/

سلطة جودة البيئة. (2024). حصر الأضرار البيئية الناجمة عن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة. رام الله، فلسطين.

أبوسيف، فؤاد. (2024). تدمير القطاع الزراعي في غزة: آثار الحرب الإسرائيلية ومسارات النهوض والسيادة الغذائية. مؤسسة الدراسات الفلسطينية. رام الله. فلسطين.

منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو). (يونيو, 2024). منظمة الأغذية والزراعة تدق ناقوس الخطر بشأن ارتفاع مخاطر حدوث مجاعة في جميع أنحاء قطاع غزة وسط قيود على وصول المساعدات الإنسانية. تم الاسترداد من: https://www.fao.org/neareast/news/details/fao-sounds-alarm-over-high-risk-of-famine-across-gaza-strip-amidst-humanitarian-access-constraints/ar

الأمم المتحدة. (2024). تحذير من تأثير موسم الأمطار على تفاقم الظروف المعيشية في غزة. تم الاسترداد من: https://palestine.un.org/ar/

منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو). (أغسطس, 2024). تقييد الإنتاج المحلي للأغذية يفاقم الأزمة الإنسانية في قطاع غزة. تم الاسترداد من منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة: https://www.fao.org/newsroom/story/restricted-local-food-production-exacerbates-the-humanitarian-crisis-in-the-gaza-strip/ar

منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو). (أكتوبر، 2024). غزة: البيانات الجغرافية المكانية تظهر الأضرار الجسيمة التي لحقت بالأراضي الزراعية. تم الاسترداد من: https://www.fao.org/newsroom/detail/gaza-geospatial-data-shows-intensifying-damage-to-cropland/ar

مسلك. (2024). المنطقة العازلة بين إسرائيل وغزة تواصل التوسع. تم الاسترداد من: https://gisha.org/ar/the-ever-expanding-gaza-buffer-zone-ar/

جسور بوست. (2024). تراجع الاكتفاء الذاتي يهدد الأمن الغذائي.. الحرب تدمر الزراعة في غزة. تم الاسترداد من:  https://jusoorpost.com/ar/posts/47206/tragaa-alaktfaaa-althaty-yhdd-alamn-alghthayy-alhrb-tdmr-alzraaa-fy-ghz

المصادر الأجنبية:

UNOSAT. (2024). Damage assessment of agricultural areas in Gaza Strip using satellite imagery. Retrieved December 28, 2024, from https://unosat.org/products/3985

[1] تبلغ مساحة قطاع غزة حوالي 365 كيلو مترًا مربعًا، وبحسب منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فاو)، تبلغ إجمالي الأراضي الزراعية حوالي 150,530 دونمًا، وبذلك تشكل الأراضي الزراعية حوالي 41% من مساحة القطاع (UNOSAT ، 2024).

[2] يعمل في التصنيف خبراء من 19 وكالة تابعة للأمم المتحدة – من منظمة الصحة العالمية إلى منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) – وأربعة بلدان مانحة تساهم معًا في جمع البيانات وتحليلها؛ لقياس انعدام الأمن الغذائي وتوجيه الاستجابات الفعالة بشكل أفضل، ويتكون من خمس مراحل: المرحلة الأولى: هي الحد الأدنى من الضغوط المرتبطة بالأمن الغذائي أو عدم الإبلاغ عن أي ضغوط، المرحلة الثانية: بعض الأشخاص يواجهون ضغوطًا في العثور على الطعام، المرحلة الثالثة:  هي أزمة الغذاء، المرحلة الرابعة: حالة الطوارئ، والمرحلة الخامسة: وضع كارثي أو مجاعة.

[3] أوضح الجهاز المركزي أنَّ المستوى السعري في قطاع غزة موزون، بحيث يشكل السعر في شمال غزة ووسطها ما نسبته 0.25% من المتوسط السعري الكلي بينما في رفح وخانيونس ودير البلح يشكل 0.75%، حيث إن معظم عمليات الشراء تتم في المنطقة الوسطى والجنوبية من القطاع.       

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى