اختلاق اسرائيل القديمة اسكات التاريخ الفلسطيني
لا تخفي الحركة الصهيونية منطلقاتها ومبرراتها الإيديولوجية في تبرير سيطرتها على فلسطين، فالفكر الصهيوني يقوم على فكرة إيجاد دولة يهودية نقية يجتمع فيها كافة يهود العالم، وهذه الدولة تمثل "الأرض التي وعدها الله لبني إسرائيل"، ويمثل هذا الزعم أساس الرواية الصهيونية عن فلسطين، فعلى هذه الأرض وقعت كل أحداث "التاريخ اليهودي"، وأسباط بني إسرائيل عاشوا على تلال وهضاب "أرض إسرائيل"، ولم ينقطعوا عنها شعوريًّا ولا ماديًّا.
وبالرغم من أن هذه الرواية تبدو "إيديولوجية رومانسية حالمة قافزة فوق حقائق التاريخ"، إلا أن الصهيونية الأكاديمية ممثلة عبر كتابها ومؤرخيها التوراتيين تمكنت من جعل هذا التصور الخيالي -غير القائم على دليل- "حقيقة علمية" لا تخضع للجدل، وبالتالي فقد بُنيت على "حقيقة أن هذه الأرض هي أرض التوراة، وهي نفسها اسرائيل القديمة"، إنها حقهم- أي اليهود- الذي يجب أن يسترجعوه.
حاول بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي أن يؤصل لوجوده في فلسطين بالاستناد إلى تلك الروايات حين قال في خطاب له: "اسمي الأول بنيامين ويرجع إلى آلاف السنين، لبنيامين بن يعقوب، والمعروف باسم إسرائيل، يعقوب وأولاده الاثنا عشر كانون يجوبون تلال يهودا والسامرة منذ 4000 عام مضت ومنذ ذلك الحين يعيش اليهود في هذه الأرض"، مضيفًا: "إن صلة الشعب اليهودي بأرض إسرائيل مستمرة منذ آلاف الأعوام، ويهودا والسامرة، الأماكن التي سار فيها إبراهيم وإسحق ويعقوب، وسليمان، هذه ليست أرضًا غريبة، إنها أرض آبائنا"، وهذا القول تعززه الزعيمة الصهيونية جولدا مائير بقولها: "لا يوجد شيء اسمه شعب فلسطيني، حتى أنه ليس علينا أن نأتي ونُخرجهم من البلاد، فهم ليسوا موجودين".