احتجاز جثامين الشهداء الفلسطينيين: الجريمة المركبة

يمارس الاحتلال منذ بدايته، كل الانتهاكات بحق الأرض والإنسان، كالقتل المتعمد والاغتيال، والاعتقال والاحتجاز، والإبعاد والتهجير، ومصادرة الأرض وهدم المنازل، ومنع السفر واقتحام دور العبادة، والاستيطان والتهويد، وغيرها من الممارسات التي تؤكد أن الصراع الفلسطينيّ الاسرائيليّ هو صراع على الأرض بالدّرجة الأولى، ويقوم على فرض السيادة على هذه الأرض.

ولتحقيق ذلك، يعمل الاحتلال على نفي الوجود الفلسطينيّ، مستخدما أدواتٍ غاية في العدوانية والوحشية، حيث لا تطال الأحياء فقط، وإنما الأموات أيضا، منتهِكة كافة المعايير الدوليّة والقيم الإنسانيّة والأخلاقيّة، دون أدنى اعتبار لمشاعر أسر الشهداء، وقيمهم الدينيّة. من جهة أخرى، أجابت إحدى أمهات الشهداء المحتجزة جثامينهم لدى سلطات الاحتلال الإسرائيلي، "إبني لم يستشهد، لم أرَ ضريحه، لم أقم بدفنه، أعتبره مسافرًا لكنه لم يمت" (خلة، 2013).

تتناول هذه الورقة إحدى الأدوات التي تستخدمها المنظومة الإسرائيليّة في حربها على الشعب الفلسطيني، وهي احتجاز جثامين الشهداء. ويُشار هنا إلى الاحتلال كمنظومة؛ لأنها سياسة متعددة الأطراف، لا تقتصر على جيش الاحتلال وأدواته، وإنما تلجأ إلى شرعنة ذلك من خلال سن قوانين تبرر إجراءات الاحتلال.

تتضمن هذه الورقة كلا من الإطار النظري لمفهوم احتجاز الجثامين، والتسلسل الزمني لهذه السياسة التعسفية منذ بدايتها وحتى اليوم، والجوانب المتعددة لهذه الجريمة، والنقاش القانوني حولها.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى