اجتماع الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية.. قراءة في السياقات والاحتمالات

لتحميل الملف اضغط هنا

ساري عرابي

ملخص

انعقد اجتماع للأمناء العامّين للفصائل الفلسطينية، وعلى نحو متزامن، في كلّ من رام الله وبيروت، في الثالث من أيلول/ سبتمبر 2020، وبرئاسة الرئيس الفلسطيني محمود عبّاس[1]، في خطوة بدت مهمّة للعديد من المراقبين والفاعلين[2]، بما في ذلك الفصائل الفلسطينية، وإنْ حفّها قدر من الشكّ في إمكانية أن ينجم عن الاجتماع قرارات جدّية[3]. بيد أن القرارات التي صدرت عن الاجتماع، تعاملت معها حركة حماس بقدر من الرضا[4]، ورأى فيها مراقبون أنّها قد تكون مفيدة لجسر الهوّة بين الفريقين الرئيسين في الساحة الفلسطينية، بالنظر إلى التباين في البرامج والسياسات، الذي ظهر بين فريقي التسوية والمقاومة، من خلال الكلمات التي طرحت في الاجتماع.[5]

تقرأ هذه الورقة في السياقات السياسية للاجتماع، وفي نتائجه ومقرراته، والاحتمالات المتوقعة لتنفيذ تلك المقررات، بعد أخذ السياقات السياسية، والمواقف المتعددة داخل الساحة الفلسطينية، بعين الاعتبار.

 

الطريق إلى اجتماع الفصائل

بعد إعلان بنيامين نتنياهو عن مشروعه لضمّ مساحات من الضفّة الغربية، أدارت حركتا حماس وفتح سلسلة حوارات[6]، أفضت إلى عقد مؤتمر صحفي مشترك بين القياديين الكبيرين في الحركتين، جبريل الرجوب وصالح العاروري، أعلنا فيه أنّ الحركتين ستواجهان معًا مشاريع الضمّ في إطار استراتيجية موحّدة في الضفّة الغربية وقطاع غزّة.[7]

أبدت الحركتان اهتمامًا في إشاعة الأجواء الإيجابية، ومحاولة تمييز هذا التلاقي عن غيره من المواقف السابقة، كانتا فيها سريعتي الافتراق، الأمر الذي ألقى بظلال من الشكّ لدى الجماهير الفلسطينية إزاء أيّ مظهر من مظاهر التلاقي بين الحركتين. غير أنّ المختلف في هذه الحالة، وما بدا مفاجئًا لعدد من المراقبين، هو حصول التقارب لأوّل مرّة منذ فشل اتفاق القاهرة الموقّع في تشرين أول/ أكتوبر 2017، وهو ما قد يشير إلى تحوّل، ولو كان محدودًا[8]، يمكن البناء عليه، أو محاولة شقّ أفق على مستوى الفاعلية الوطنيّة الذاتيّة، لإدراك الجميع الخطورة البالغة في سلسلة إجراءات التصفية، التي بدأت مع الاعتراف بالقدس عصمة لـ “إسرائيل”، وشرعنة المستوطنات الإسرائيلية، والإعلان عن خطّة ترامب، وصولًا إلى مشروع الضمّ الذي ينهي فعليًّا معنى وجود السلطة ومبرر استمرارها[9].

تبع ذلك المؤتمر، مشاركة حركتي حماس والجهاد الإسلامي في اجتماع “القيادة الفلسطينية” في رام الله، في 18 آب/ أغسطس[10]، بعد إعلان الولايات المتحدة، عن إنجاز اتفاق تطبيع إماراتي/ إسرائيليّ، مما يشير إلى بُطء واضحٍ في تطوير الإجراءات التي كان يُفترض أن تنطلق عقب مؤتمر الرجوب/ العاروري، وإلى استمرار سياسة الانتظار وردّ الفعل التي تنتهجها قيادة السلطة الفلسطينية، إلا أنّ مشاركة حركتي حماس والجهاد الإسلامي في هذا الاجتماع، كشفت من جهة أخرى، عن استمرار التقارب بين السلطة وفصائل المقاومة، ومحاولة تطوير العلاقات بين الطرفين، لإدارة تصوّر مشترك لمواجهة تحدّيات المرحلة.

وافق الرئيس عبّاس بعد ذلك على عقد اجتماع للأمناء العامّين للفصائل الفلسطينية، والذي كان يفترض، حسب إعلان القاهرة في آذار/ مارس 2005[11]، ثم حسب اتفاق القاهرة في أيار/ مايو 2011[12]، أن يُناط به، باعتباره إطارًا قياديًّا مؤقتًا لمنظمة التحرير، تفعيل المنظمة، إلا أنّ هذا الإطار لم يجتمع إلا مرّة واحدة، ثم استُعيض عنه باللجنة التحضيرية لعقد المجلس الوطني التوحيدي، والتي عقدت اجتماعًا واحدًا في كانون ثاني/ يناير 2017، حيث كانت قيادة حركة فتح ترفض فعليًّا هذا الإطار بوظيفته المشار إليها[13]، لاعتقادها أنّ إصلاح منظمة التحرير يكون بعد التحاق حماس والجهاد الإسلامي بها، لا قبل ذلك، ولأنّ عقد هذا الإطار، حسب حركة فتح، يعني ضمنيًّا قيادة بديلة لمنظمة التحرير.

عقْد اجتماع الأمناء العامّين، إذن، يحمل دلالة رمزية، ومن جهتين، الأولى التاريخ الطويل لارتباط هذا المفهوم باتفاقيات المصالحة، والثانية رفض فتح سابقًا عقْد هذا الإطار للأسباب سالفة الذكر. إلا أنّ الدلالة الرمزية والسياق السياسي، على أهميتهما، لا يكفيان لتبديد شكّ الجماهير، وللبدء بانطلاقة وطنية جديدة، وهو ما يستدعي استعراض أهمّ مواقف المجتمعين، والنظر في مقرّرات الاجتماع.

 

من الدلالات إلى القرارات

جاء اجتماع الفصائل بعد تحديين يمسّان، بعمق، مشروع السلطة الفلسطينية. وإذا كان مشروع السلطة محلّ إشكال فلسطيني، سواء في ظروف النشأة وملابساته، أم في وظيفتها وشروط استمرارها، فإنّ التحديين المشار إليهما، يندرجان في رؤية دولية/ إقليمية، لتصفية القضية الفلسطينية[14]. الأوّل مشروع الضمّ الذي تأجل دون رجوع عنه، والثاني التطبيع العربي قبل حلّ القضيّة الفلسطينية، وكلاهما جزء من الرؤية اليمينية الإسرائيلية المستندة إلى إدارة ترامب في هذا التوقيت، والمتوسلة في بعض أدواتها بالتطبيع العربي.

التزمت قيادة منظمة التحرير/ قيادة السلطة الفلسطينية، بكل ما أملته اتفاقية أوسلو، ثمّ بشروط الرباعية الدولية، وأدّى ذلك إلى إطالة أمد الانقسام الفلسطيني، وشلّ الفاعلية الفلسطينية لمواجهة مشاريع الاستيطان والضمّ والهندسة الاستعمارية، التي ظلّت تتصاعد منذ الانقسام الفلسطيني. وراهنت القيادة ذاتها في هذه الأثناء، على جملة من العوامل الخارجية، كالدفعة التي تلقتها في أنابوليس 2007، وعلى حكومة أولمرت، وإدارة أوباما، وعلى إمكانية التأثير على الانتخابات الإسرائيلية، وفوز حزب “أزرق أبيض” برئاسة بني غانتس[15]. وقد انتهت هذه الصورة المتعاكسة، إلى نسف مشروع التسوية تمامًا، ومن ثمّ التهديد الوجودي للسلطة أو لقيادتها، وكشف ظهور الفلسطينيين عربيًّا، واحتمالات تفكّك رهانات السلطة الإقليمية، التي كانت تعتمد فيها على النظام الرسمي العربي، والذي كان آخر مواقفه إسقاط مشروع فلسطيني في الجامعة العربية لإدانة التطبيع[16]، الأمر الذي تطلب بالضرورة تحوّلا في السياسات، يرتكز على الذات، لمواجهة تعاظم التهديدات الخارجية.

ينبغي أن يثير ذلك سؤالًا حول اجتماع الأمناء العامين للفصائل: هل هو تحوّل في توجّه قيادة المنظمة/ السلطة، ومراجعة حقيقية لسياساتها، أم مناورة تشتري بها القيادة الوقت، إلى حين إجراء الانتخابات الرئاسية الأمريكية؟ ويمكن استيضاح ذلك بثلاثة أدوات، هي: البحث في المواقف المعلنة، وتحليل السياقات السياسية، وقراءة نتائج الاجتماع.

 

في المواقف

أكّد الرئيس عباس في خطابه الذي ألقاه في اجتماع الأمناء العامّين، على الخطّ السياسي نفسه الذي ارتضته قيادة المنظمة، منذ انتهاجها التسوية السياسية طريقًا وحيدًا لحلّ القضيّة الفلسطينية، وذلك بدعوته لعقد مؤتمر دولي للسلام تحت مظلة الأمم المتحدة، تنطلق من خلاله مفاوضات على أساس قرارات الشرعية الدولية، ومبادرة السلام العربية التي أعلنتها قمة بيروت في عام 2002، رافضًا أحادية الوساطة الأمريكية، ومحللًا الوضع الراهن بأنه جمود صنعته الإدارة الأمريكية والحكومة الإسرائيلية، وذلك في حين دعا لتشكيل قيادة موحدة للمقاومة “الشعبية السلمية”.[17]

الموقف ذاته عبّر عنه الرئيس في اجتماع القيادة الذي حضرته الفصائل في رام الله في آب/ أغسطس، وأكد فيه على الالتزام بما أسماه الشرعية الدولية، وبالاتفاقات الموقعة، وبقرارات القمم العربية والإسلامية، وبمحاربة الإرهاب[18]، دون توضح ماهية الإرهاب المقصود في كلامه، وهو ما يعني أنّ الرئيس، وبالرغم من المخاطر التصفوية، يرى في الأزمة جمودًا سببه سياسات الإدارة الأمريكية، وتعنت حكومة نتنياهو، لا الخطّ السياسي الذي انتهجته قيادة منظمة التحرير، مما يعني أنه لا يمكن عدّ اجتماع الأمناء العامّين مراجعة كبيرة لمسار القيادة الفلسطينية السياسي.

على عكس خطاب الرئيس عباس، كان خطاب رئيس حركة حماس إسماعيل هنية، الذي شدّد على المقاومة الشاملة، وفي مقدّمتها المقاومة العسكرية، وإلغاء اتفاق أوسلو[19]. أما زياد النخالة، الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي، فقد رأى أن الخروج من الأزمة، يكمن في مبادرة النقاط العشرة[20]، التي كانت حركته قد طرحتها في عام 2016، والتي دعت إلى إلغاء اتفاق أوسلو، وسحب الاعتراف بالاحتلال، وإعطاء الأولوية للمقاومة، بما في ذلك المقاومة المسلحة.[21]

 

في القرارات

يمكن تكثيف أهم قرارات اجتماع الأمناء العامين للفصائل، في الاتفاق على المقاومة الشعبية خيارًا أنسب للمرحلة، وتشكيل لجنة وطنية موحدة لقيادة المقاومة الشعبية الشاملة، وتشكيل لجنة من شخصيات وطنية، تقدم رؤية استراتيجية لإنهاء الانقسام، وتحقيق المصالحة والشراكة في إطار منظمة التحرير، خلال مدة لا تتجاوز خمسة أسابيع، لتقديم توصياتها للجلسة المرتقبة للمجلس المركزي الفلسطيني، وبمشاركة الأمناء العامين.[22]

وعلى مستوى الديباجة السياسية، تبنى البيان مقررات وثيقة الوفاق الوطني لعام 2006، من حيث إقامة الدولة المستقلة كاملة السيادة على حدود الرابع من حزيران عام 1967، والقدس المحتلة عاصمتها، مما يبدو وكأن البيان يجعل من إقامة الدولة الفلسطينية في الضفّة والقطاع هدفًا أساسيًّا. وقد أكد البيان أيضًا على حلّ قضية اللاجئين، وحقهم في العودة إلى ديارهم التي هُجّروا منها، وعلى أساس القرار 194.[23]

وفي حين رأى مراقبون أنّ هذه القرارات، على محدوديتها، من شأنها، إن توفرت الإرادات لتنفيذها، أن تجسر الهوّة بين الفرقاء، بالرغم من المسافات الواسعة بينهم، حتى لو كان التنفيذ بطيئًا. وفي المقابل، ولأنّ الرهان على الإرادات أكثر منه على النصوص[24]، رأى مراقبون آخرون أن رؤية قيادة مشروع التسوية، هي التي سيطرت على جوهر البيان الختامي، وأن وثيقة الوفاق الوطني التي أحال إليها البيان، مليئة بالتناقضات، وغير صالحة لتأسيس موقف موحد عليها، وأنّ البيان الختامي أغفل اعتراف منظمة التحرير بـ “إسرائيل”.[25]

في الاتجاه نفسه، رأى مراقبون آخرون أنّ البيان عبّر عن رؤية الحدّ الأدنى المشترك بين حركتي حماس وفتح، التي جرى تصميمها في اللقاءات المشتركة بين الطرفين منذ لقاء الرجوب/ العاروري، وعلى نحو جعل من نهج التسوية وقيادته، المرجعية السياسية للعمل السياسي الفلسطيني في هذه المرحلة، وهو ما أكده إسماعيل هنية بقوله: إن مرجعية اللجان التي ستتشكل هو الرئيس أبو مازن. ويعزّز هؤلاء المراقبون نقدهم للاجتماع وقراراته، بالتذكير بكون البيان لم يأت على مطالبة منظمة التحرير بسحب اعترافها بـ “إسرائيل”، ولا التنصل من المبادرة العربية، مما يجعل رؤية البيان محكومة بسقف التسوية.[26]

يمكن ملاحظة التفاوت في تقييم الاجتماع، ونتائجه ومقرّراته، على مستوى الفاعلين الأهم في ساحة المقاومة. فقد أبدت حماس رضاها عن الاجتماع ونتائجه، على لسان نائب رئيس الحركة صالح العاروري، الذي نوّه إلى ثلاثة مسارات خرج بها الاجتماع، وهي تشكيل قيادة موحدة للمقاومة الشعبية، وآلية فعالة لتحقيق الوحدة وإنهاء الانقسام، وإنجاز رؤية متفق عليها خلال خمسة أسابيع للمصالحة، مما سيُحدث، في حال تطبيقه، تغييرًا استراتيجيًّا عمليًّا، ميدانيًّا ووطنيًّا.[27]

في المقابل، وبعد أن أكدت حركة الجهاد الإسلامي على كل الخطوات العملية التي وردت في البيان الختامي للاجتماع، فإنّها أكدت كذلك على موقفها الثابت برفض حل الدولتين، ورفض اقتصار البيان على حصر الدولة الفلسطينية على حدود 67.[28]

نظرة في الاحتمالات

التأكيد على الخطوات العمليّة الذي جاء في بيان حركة الجهاد الإسلامي، وكذلك في بيان لفصائل المقاومة[29]، يمثّل كلمة السرّ لتحويل الاجتماع ومقرّراته، والتواصل المستمرّ بين حركتي حماس وفتح، إلى تحول حقيقي في المسار، بالرغم من البطء الشديد في توجه قيادة السلطة وفتح نحو خطواتٍ أكثر وضوحًا وأهمّية، وفي ضعف الفعاليات في الميدان. فبالنسبة لحماس، فإنّ الديباجة المنتقَدة من حركة الجهاد الإسلامي وعدد من المراقبين، لا تمسّ بثوابت الحركة طالما أنّها تمثل الحدّ الأدنى المشترك وفق وثيقة الوفاق الوطني، ولا تمثّل برنامج حماس الكامل، بمعنى أنّها محاولة من حماس لخلق تصور مشترك يساعد حركة فتح على التغيير في موقعها على أرضية عمليّة مشتركة، هي المقاومة الشعبيّة، ودون أن تتنازل حماس عن سلاحها في قطاع غزّة.

وحسب ما يرى عدد من المراقبين، فإنّ السلطة لا ترغب في المواجهة، وذلك بالنظر إلى بنيتها التي تحوّلت، منذ الانقسام على الأقل، إلى هدف قائم بمعزل عن أيّ أفق سياسيّ، ووجود طبقة حاكمة مستفيدة من الوضع القائم، والتغيير الكبير الذي طرأ على كادرها ومؤسساتها منذ انتفاضة الأقصى وحتّى اللحظة، واستمرار قيادتها في التأكيد على خطّها السياسيّ، وانتهاجها الانتظار وتعبئة الفراغ السياسي بالمناورات الخطابية. غير أنّها في المقابل، هي الفاعل الذي لا بدّ منه لفسح المجال لسياسات مواجهة المشاريع التي تستهدف القضيّة الفلسطينية بالتصفية، مما يتطلب التعامل معها بواقعية، وعدم الانشغال بمناكفتها، طالما أمكن توفير بيئة للنقاش ومحاولة الاتفاق على برنامج مشترك، يراعي مخاوفها، وحرصها على اجتناب أيّ مواجهة مع الاحتلال.[30]

يبدو في التحليل النهائي، أنّ رؤية حماس، تقوم على العمل لأجل التحرك في الممكن، ومحاولة تعزيز ذلك الممكن، باعتبار ذلك أكثر ما هو متاح وطنيًّا، وذلك منعًا للبديل الأسوأ عن التقارب، وهو استعادة الخصومة والتصعيد الداخلي. فمن المتوقع أنّ تعوّل حماس، والحال هذه، على أن يؤدي التطور في المقاومة الشعبية إلى تعظيم فرص المصالحة الوطنية. بمعنى أن تدفع الخطوات العملية نحو انفراجات أوسع في الملف الأكثر صعوبة وتعقيدًا، وهو المصالحة.

وإذا كان هذا هو الممكن، وإذا كانت فتح تبدي قدرًا من المرونة في الصياغات المشتركة مع حماس، والتزامًا بتنفيذ نتائج البيان[31]، أو على الأقل جعْل التقارب الوطني خيارًا موازيًّا لخطّها السياسي ورهاناتها الأخرى، فإنّ الرهان الحقيقي يتمثل في الرهان على الخطوات العمليّة. وبينما يُتوقع بالنظر إلى صعوبة الملف وتعقيده، ألا تظهر نتائج سريعة، ولا حتّى في الوقت المحدّد لذلك، لإنجاز المصالحة الوطنيّة، فإنّه يمكن للخطوات العمليّة، في إطار المقاومة الشعبية، أن تبدأ بالفعل، ثم تفتح المجال لبقية الملفات.

في الإطار العملي، أصدرت القيادة الوطنية الموحدة للمقاومة الشعبية بيانها الأول في 13 أيلول/ سبتمبر، ودعت فيه لعدد من الفعاليات ذات الطابع الرمزي، في أيام 15 و17 و18 من شهر أيلول/ سبتمبر[32]، وهو ما رأى فيه مراقبون قصورًا عن إدراك خطورة اللحظة ومتطلبات المقاومة الشعبيّة الجادة، منوّهين إلى ضعف الاستجابة الشعبية لهذا النداء.[33]

لم يكن متوقعًا أن تكون الاستجابة الشعبية أكبر وأسرع، فالواقع الجماهيري الراهن، هو، في بعضه، نتاج سياسات السلطة في السنوات الأخيرة، والتي هدفت إلى تحييد الجماهير عن القيام بواجبها النضالي، يضاف إلى ذلك ضعف الحركة الوطنية، نتاج السياسات سالفة الذكر، والتي منها تفكيك بنى الفصائل، وتجريف منابر التعبئة الوطنية، وإضعاف الحركة الطلابية، وتفريغ المجال العام من أيّ نشاط ذي معنى. ولتغيير الواقع الراهن لاستنهاض الجماهير، لا بدّ من خطوات أكبر وأضخم، تُستعاد بها ثقة الجماهير بالفاعلين الأساسيين، وتعزّز بها خطابات التعبئة الوطنية، وتستعيد بها القوى الوطنية عافيتها، وتبدأ بعد ذلك بمدّ المقاومة الشعبية على الجغرافيا الفلسطينية، بأدوات جديدة تناسب اللحظة الراهنة، وتكون أكثر قابلية للاستمرار، والتأثير على الاحتلال.[34]

وتبقى إرادة قيادة السلطة الفلسطينية، التي هي نفسها قيادة فتح والمنظمة، العامل الأهمّ للدفع نحو هذا التحوّل، وإن كان بطء التنفيذ والتمسك بالخيار السياسي نفسه، وعدم دفع حركة فتح منذ اعتراف ترامب بالقدس عاصمة لـ “إسرائيل”، نحو فعاليات شعبيّة مؤثّرة، يرجح لدى العديدين أن قيادة السلطة تناور في الفراغ انتظارًا للانتخابات الأمريكية.

[1]. برئاسة الرئيس: بدء اجتماع الأمناء العامين للفصائل، وكالة وفا، 3/9/2020، https://bit.ly/3kdOA9r

[2]. فصائل المقاومة: اجتماع الأمناء العامين خطوة مهمة على طريق استعادة الوحدة، موقع وكالة معا، 2/9/2020، https://bit.ly/3bTrDoS

[3]. اجتماع الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية يلتئم الليلة: لقاء بلا قرارات؟، موقع صحيفة العربي الجديد، 3/9/2020، https://bit.ly/2ZUeGGD

[4]. العاروري للأناضول: راضون عن نتائج اجتماع “الأمناء العامين”، موقع وكالة الأناضول، 4/9/2020، https://bit.ly/2RF8Nc2

[5]. ساري عرابي، اجتماع الأمناء العامّين للفصائل الفلسطينية.. مسافات مملوءة بالخطابة!، موقع عربي21، 8/9/2020، https://bit.ly/35OysHv

[6]. رئيس الوزراء يرحب بالأجواء الإيجابية التي أشاعها لقاء “فتح و” حماس”، وكالة وفا، 2/7/2020، https://bit.ly/35NgOUy

[7]. الرجوب والعاروري: “فتح” و”حماس” ستواجهان معا مشاريع الضم، وكالة وفا، 2/7/2020، https://bit.ly/33IRI6G

[8]. هاني المصري، ما بعد مؤتمر الرجوب – العاروري؟، موقع مركز مسارات، 7/7/2020، https://bit.ly/3hGUQow

[9]. ساري عرابي، ماذا بعد تأجيل قرار الضمّ؟ سياقات ومآلات، موقع مركز رؤية للتنمية السياسية، 13/7/2020، https://bit.ly/2FLKEOr

[10]. الرئيس خلال ترؤسه اجتماع القيادة: الشعب الفلسطيني يقف صفا واحدا ضد المؤامرة وضد كل من يريد أن يعتدي على قضيتنا، موقع وكالة وفا، 18/8/2020، https://bit.ly/35PUNV6

[11]. النص الحرفي “لإعلان القاهرة” الصادر عن الفصائل الفلسطينية في 17/3/2005، موقع وكالة وفا، https://bit.ly/35R6o6n

[12]. لمناسبة مرور عام على توقيعها: ‘وفا’ تنشر أهم وثائق اتفاق المصالحة الفلسطينية، وكالة

 وفا، 15/9/2015، https://bit.ly/3kLuVy3

[13]. هاني المصري، مغزى انضمام الأمناء العامين لاجتماع القيادة، موقع عرب48، 25/8/2020، https://bit.ly/2ZRwbaC

[14]. محمد عبد الحكيم دياب، التطبيع الإماراتي وخطة ترامب/ نتنياهو لتصفية القضية الفلسطينية!، موقع صحيفة القدس العربي، 21/8/2020، https://bit.ly/33JinQK

[15]. ساري عرابي، تقدير موقف: خيارات السلطة الفلسطينية في ظرفها الأشدّ حرجًا، موقع مركز رؤية للتنمية السياسية، 21/8/2020، https://bit.ly/33ItI3v

[16]. الجامعة العربية تُسقط مشروعا فلسطينيا يدين التطبيع.. وردود، موقع عربي21، 9/9/ 2020، https://bit.ly/3hOc1oj

[17]. خطابات الرئيس محمود عباس “أبو مازن” 2020″.. كلمة الرئيس محمود عباس خلال ترؤسه اجتماع الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية 3 أيلول 2020، موقع وكالة وفا، https://bit.ly/3mNqEMi

[18]. المصدر السابق، كلمة الرئيس محمود عباس خلال ترؤسه اجتماع القيادة في مقر الرئاسة بمدينة رام الله بتاريخ 18/8/2020.

[19]. هنية يعرض استراتيجية من 3 مسارات ويحذر من تهديد ثلاثي!، موقع صحيفة فلسطين، 3/9/2020، https://bit.ly/3cjXqjk

[20]. خلال كلمته في مؤتمر الأمناء العامين: النخالة يطرح مبادرة “النقاط العشرة” للخروج من الأزمة!، موقع صحيفة فلسطين، 3/9/2020، https://bit.ly/2FTer7E

[21]. تعرّف إلى النقاط العشر في مبادرة شلح، موقع المركز الفلسطيني للإعلام، 25/10/2016، https://bit.ly/2RLldPs

[22]. الأمناء العامون للفصائل يؤكدون رفضهم المطلق لجميع المشاريع الهادفة لتصفية قضيتنا الوطنية وتجاوز حقوقنا المشروعة، وكالة وفا، 3/9/2020، https://bit.ly/2RFvpZY

[23]. المصدر السابق.

[24]. ساري عرابي، اجتماع الأمناء العامّين للفصائل الفلسطينية.. مسافات مملوءة بالخطابة!، مصدر سابق.

[25]. عبد الستار قاسم، بيان الأمناء العامين طعنة جديدة في ظهر الشعب الفلسطيني، موقع رأي اليوم، 4/9/2020، https://bit.ly/35S6hY1

[26]. عليان عليان، مؤتمر الأمناء العامون: مهرجان استعراضي ولا يستجيب للتحديات التي تعصف بالقضية الفلسطينية، موقع الهدف، 5/9/2020، https://bit.ly/2FRqS3S

[27]. العاروري: مؤتمر “الأمناء” خرج بـ 3 مسارات ننطلق بقوة لتطبيقها، موقع المركز الفلسطيني للإعلام، 4/9/2020، https://bit.ly/3iSPp7i

[28]. تصريح صحفي حول البيان الختامي لاجتماع الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية، موقع حركة الجهاد الإسلامي، 4/9/2020، https://bit.ly/32Mf23U

[29]. فصائل المقاومة تدعو لتنفيذ عملي لمخرجات لقاء “الأمناء العامين”، موقع المركز الفلسطيني للإعلام، 7/9/2020، https://bit.ly/3mCG31Q

[30]. ساري عرابي، اجتماع الأمناء العامّين للفصائل الفلسطينية.. مسافات مملوءة بالخطابة!، مصدر سابق.

[31]. الشيخ: فتح ملتزمة بمخرجات اجتماع الأمناء العامين، موقع صحيفة الحدث، 13/9/2020، https://bit.ly/3hLwNF2

[32]. بيان رقم (1) القيادة الوطنية الموحدة للمقاومة الشعبية، 13/9/2020.

[33]. حيدر عيد، إلى القيادة الوطنية الموحدة للمقاومة الشعبية، موقع عرب48، 20/9/2020، https://bit.ly/2FX1JVj

[34]. القيادة الموحدة.. هل تشكل بادرة أمل لإنعاش المقاومة في الضفة؟ موقع شبكة قدس، 4/9/2020، https://bit.ly/2HlXwvr

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى