“إسرائيل“ في عام 2020
لتحميل الملف من هنا
مقدمة
مضى عام 2019 على غير ما اشتهى المؤسسون الإسرائيليون الأوائل، داخليًا وخارجيًا، إقليميًا ودوليًا، في ظل إقليمٍ مضطربٍ بالثورات والثورات المضادة، ووضعٍ دوليٍ مرتبك، بسبب صعود قوى جديدة منافسة. فعدا عن الانقسامات التي صاغت المجتمع الإسرائيلي منذ بداية القرن العشرين، عبر تجميع اليهود من أنحاء العالم، ومن جنسيات مختلفة، وقوميات متعددة، وبلغات وثقافات وعادات مختلفة، ومعتقدات سياسية، وأيديولوجيات متعاكسة، واجهت “إسرائيل” في السنة الأخيرة، انقساماتٍ غير معهودة في حدتها وعمقها، أسقطت حكومة، ومنعت تشكيل حكومة بديلة، رغم إجراء الانتخابات العامة للمرة الثانية خلال ستة أشهر فقط، ومنعت تشكيل حكومة بعد الانتخابات الثانية أيضا، مما دفع باتجاه انتخابات ثالثة خلال أقل من عام.
وأبرز هذه الانقسامات اثنان:
- الأول بين اليمين واليسار، والذي منع تشكيل حكومة وحدة وطنية، تضم على الأقل حزب الليكود الذي يقود معسكر اليمين، مع حزب “أزرق أبيض” الذي يضم يساريين في صفوفه، ويقود معسكر اليسار والوسط.
- والثاني بين العلمانيين والمتدينين، والذي منع تشكيل حكومة يمينية، تضم أحزاب اليمين العلمانية والدينية معا، بعد أن رفض حزب “إسرائيل بيتنا” اليميني العلماني بزعامة ليبرمان، الجلوس في حكومة واحدة مع الأحزاب الدينية من الحريديم.
وربما الأخطر من الانقسامين، ما نتج عنهما، وهو التشكيك بما يمكن اعتباره أحد أهم أسس دولة “إسرائيل”، وهو النظام الديموقراطي والقضاء وسلطة القانون، حيث انقسم المجتمع بشأن هذه القيم، على خلفية توجيه تهم بالفساد لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، الذي شن هجومًا ضد منظومة القضاء وأجهزة فرض القانون، وشكك بها، واتهمها بترتيب محاولة انقلاب ضده، مما دفع عشرات الآلاف من مؤيديه للتظاهر، ومهاجمة القضاة والمحققين والإعلام.
هذا فضلًا عن الانقسامات التقليدية، وزيادة التطرف والانزياح نحو اليمين والتدين عمومًا، وفضلًا عن التهديدات الخارجية، العسكرية منها والسياسية، التي تواجه “إسرائيل” اليوم، كما لم تواجهها من قبل. كما أن الطريق المسدود الذي وصلت إليه عملية التسوية مع الفلسطينيين، يشكل تحديًا، وربما تهديدًا، رغم مؤشرات التطبيع المتزايدة، مع أنظمة عربية وإسلامية.