“إسرائيل”: دراما سياسية برعاية الكورونا آذار/ مارس 2020
للتحميل الملف هنا
الكاتب : صلاح الدين عواودة
مقدمة
جرت الانتخابات الإسرائيلية للكنيست الـ 23، في الثاني من آذار/ مارس 2020، وذلك للمرة الثالثة خلال أقل من عام. ومع انتشار وباء الكورونا في العالم، وتفشيه في “إسرائيل”، التي اكتُشفت فيها أول إصابة في السابع والعشرين من شهر شباط/ فبراير الماضي، نشأت أمام الاحتلال تحديات جديدة وخطيرة، إضافة إلى التحديات الموجودة أصلًا، وأهمها الأزمة السياسية منذ نهاية عام 2018، الناجمة عن الانقسامات الاجتماعية والسياسية. وفي ظل هذه الظروف الصعبة، وعدم حسم نتائج الانتخابات لصالح طرف يستطيع تشكيل حكومة بمعزل عن الخصم، بدا لكثير من المراقبين، أن أزمة الكورونا قد تهز الدولة كلها، وليس فقط تودي بحياة آلاف الأشخاص. فـ “إسرائيل” في عقدها الثامن، تشهد أزمات أعمق من أزمة الكورونا، وقد تكون الكورونا، كما أسماها بعض الكتاب، الفيروس الصغير، الذي قد يشعل حريقا كبيرًا.
مكّنت هذه الأجواء رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو من ركوب الموجة، فعطل الكنيست الذي هدد استمرار حكمه، وعطل جهاز القضاء الذي أراد محاكمته، وأكثر من الحديث عن أهمية إقامة حكومة وحدة وطنية برئاسته، بل ومارس الترهيب وفقا لكثير من معارضيه، وهو ما أوصله في النهاية إلى التأثير على خصمه بيني غانتس، وإقناعه بالانضمام إليه. وأثناء ذلك، استنفرت “إسرائيل” كل قدراتها الاستخبارية لمواجهة الكورونا، حيث تدخلت أجهزة الشاباك والموساد في المعركة، إلى جانب الجيش ووزارة الصحة. الشاباك للمساعدة في محاصرة انتشار الفيروس، وفرض الحجر الصحي، والموساد لجلب مستلزمات طبية من الخارج، بأساليبه الاستخبارية المعهودة، في ظل حرب عالمية على كل جهاز تشخيص، أو جهاز تنفس، أو حبة علاج.
ومع ذلك، لم تخفف الكورونا من وطأة التهديدات الأمنية الخارجية في الجبهات المختلفة، وإن أدت إلى هدوء مؤقت بسبب انشغال جميع الأطراف بأزمة الكورونا، وسبل مواجهتها، بل طرحت سيناريوهات سوداء من قبل خبراء الأمن والاستراتيجية، حول التغيرات على البيئة الاستراتيجية لـ “إسرائيل”، منها مثلا سقوط أنظمة عربية مجاورة، وتدهور الوضع الأمني في الضفة الغربية وقبالة قطاع غزة، وفقدان الأمن على حدود دول مجاورة، كانت آمنة حتى اليوم.