أزمة مخصصات ذوي الاحتياجات الخاصة حديث الشارع الإسرائيلي

خلال الأشهر الأخيرة تعالت الأصوات المطالبة برفع مخصصات ذوي الاحتياجات الخاصة، وفي ظل تأخر الكنيست والحكومة في سن قوانين وإقرار تشريعات لرفع مخصصاتهم، خرجت مسيرات شاركت فيها أعداد كبيرة منهم، حيث قاموا بتعطيل الطرق، وإغلاق شوارع هامة وحيوية في الدولة، إلى جانب تنفيذ بعض الاعتصامات أمام مقر رئاسة الوزراء، الأمر الذي حوّل القضية إلى قضية رأي عام.

ويطالب ذوو الاحتياجات الخاصة، برفع مخصصاتهم من 2343 شيقلاً شهريا ( 650 دولاراً)، إلى 5300 شيقل ( 1470 دولاراً)، وهو الحد الأدنى للأجور في "إسرائيل"، ويُشار هنا، إلى أن "إسرائيل" تُعاني من ارتفاع في غلاء المعيشة، وتُصنف ضمن الدول الأكثر غلاءً، الأمر الذي يجعل مخصصات ذوي الاحتياجات الخاصة غير كافية لتوفير الحياة الكريمة لهم  (ميلمان، 2017).

معلومات عن ذوي الاحتياجات الخاصة

وفق المعطيات الإسرائيلية فإن عدد من يعانون من مشاكل تحد من قدراتهم، يبلغ حوالي 880 ألفاً، إلا أن عدد المصنفين على أنهم من ذوي الاحتياجات الخاصة، حوالي 230 ألفاً ( 4.7% من مجموع السكان)، يتقاضون مخصصاً شهرياً من الحكومة الإسرائيلية، ويُحَدَّد هذا المبلغ بناءً على درجة الإعاقة التي يُعاني منها المريض  (روخرلبرجر، 2016).

ووفق المعطيات فإن عدد من يُصنفون على أنهم من ذوي الإعاقة الكاملة، 185 ألفاً، ويتقاضون مخصصاً شهرياً بواقع 650 دولاراً، فيما يصل عدد من يُصنفون على أنهم ذوو إعاقة من درجات مختلفة إلى 45 ألفاً يتقاضون مخصصاً شهرياً يتراوح بين 400- 470 دولاراً، فيما تُخصص الحكومة مبلغاً إضافياً رمزياً لحوالي 600 ألف آخرين، يعانون من إعاقات بسيطة  (شفلتسر، 2016).

ردود الفعل السياسية على الموضوع

عند الحديث عن قضية ذوي الاحتياجات الخاصة، فإنها تُعتبر ضمن القضايا الكفيلة بتشويش الائتلاف الحكومي، حيث يطالها الكثير من الخلافات الداخلية، بين الأحزاب وحتى داخل بعض الأحزاب نفسها، وكانت كل كُتل الكنيست الائتلافية وكذلك المعارضة، اتفقت سابقاً بضرورة رفع المخصص الشهري لذوي الاحتياجات الخاصة إلى نحو 1470 دولاراً، الأمر الذي تتلكأ الحكومة في تطبيقه.

أقرّ رئيس الوزراء الإسرائيلي وزعيم الليكود بنيامين نتنياهو، رفع مخصصات جزء ممن يعانون إعاقة دائمة (حوالي 100 ألف شخص)، إلى نحو 4000 شيقل ( 1100 دولار)، وسيُطبَّق قراره في مطلع العام 2018، وهذا ما يدعمه أيضاً وزير المالية وزعيم كولانو، موشيه كحلون، الذي يُشير إلى أنه لا يوجد ميزانيات لتقوم الحكومة بتخصيص مبالغ أكثر من ذلك، وخلال جلسة الكنيست الأخيرة، كان من المُفترض أن يجيب عن أسئلة أعضاء الكنيست، وزير الرفاه يسرائيل كاتس من الليكود، إلا أن نتنياهو منع كاتس من ذلك، كون الأخير يدعم مطالب ذوي الاحتياجات الخاصة برفع مخصصاتهم بما يتساوى مع الحد الأدنى للأجور.

 من جانبه هدد موشيه جفني (حزب يهودات هتوراه)، رئيس لجنة المال في الكنيست، بأن حزبه لن يدعم التعديلات على الميزانية العامة للدولة دون أن تشمل مخصصات ذوي الاحتياجات الخاصة، الأمر الذي من شأنه أن يُهدد الائتلاف القائم. يدعم موقف بقية أعضاء الائتلاف الحكومي مطالب المتظاهرين، ولكنه في الوقت نفسه متفهم لقرارات الحكومة، وما تُتيحه لها الإمكانات، حيث يدعمون المطالب علناً، ويصوتون ضدها أثناء الجلسات، على وقع عدم قدرة الميزانية تغطية ذلك.

على الطرف الآخر، فإن المعارضة الإسرائيلية بوسطها ويسارها، تدعم مطالب المتظاهرين، حيث أشار رئيس حزب العمل الجديد آبي جباي إلى أن حزبه سيطبق رفع مخصصات ذوي الاحتياجات الخاصة إلى الحد الأدنى للأجور، مضيفاً أن الحكومة تُنفق أموالاً في غير مكانها، وهذا ما تبناه زعيم يوجد مستقبل، ووزير المالية السابق يائير لبيد، الذي علل عدم تطبيق ذلك خلال ولايته المالية، بأن الميزانيات لم تكن تسمح، ليظهر لبيد بمظهر الداعم لمطالب المتظاهرين، وفي الوقت نفسه جزءاً ممن خذلهم سابقاً.

من جانبه فإن حزب ميرتس، هو من يقف وراء مشروع قانون رفع المخصصات إلى الحد الأدنى للأجور، ويقف وراء المشروع تحديداً رئيس الكتلة البرلمانية للحزب إيلان جلاؤون، وتدعم الأحزاب العربية في الكنيست مطالب المتظاهرين، وكانت من ضمن الكتل التي طالبت برفع مخصصاتهم.

كم تحتاج الميزانية الإسرائيلية لرفع مخصصات ذوي الاحتياجات الخاصة.

تبلغ الميزانية الإسرائيلية، حوالي 110 مليار دولار، ووفق التقديرات التي أصدرتها اللجنة المكلفة بدراسة الموضوع برئاسة الاقتصادي الدكتور يرون زليخا، بتكليف من وزير المالية موشيه كحلون، فإن تطبيقًا كاملاً لرفع ميزانيات المتظاهرين إلى الحد الأدنى للأجور سيكلف خزينة الحكومة 15 مليار شيقل إضافي ( 4.25 مليار دولار)، فيما تصل تكلفة تطبيقه بناء على اقتراح رئيس الوزراء إلى نحو مليار ومئة مليون دولار  (ايلان، 2017).

السؤال الأبرز، الذي وُجِّه للمتظاهرين وكذلك لداعميهم من الجمهور ونواب الكنيست، هل هناك إمكانية لرفع الضرائب على بقية الشرائح لرفع مخصصات ذوي الاحتياجات الخاصة؟ الإجابة على هذا السؤال كانت واضحة من خلال السلوك الحزبي، حيث دعمت الأحزاب هذا التوجه، وصوتت ضده في الحكومة، متفهمةً صعوبة رفع الضرائب، في ظل سعي الحكومة لإنزالها وليس العكس.

 

كيف ستتعامل الحكومة مع القضية

الأزمة المتراكمة دفعت نتنياهو إلى أخذ زمام المبادرة في الموضوع. قد يبدو ذلك للعلن، أن نتنياهو يريد إنقاذ خصمه السياسي وشريكه في الائتلاف الحكومي وزير المالية كحلون من هذه الأزمة، إلا أن الواقع يقول، أن الحكومة في النهاية ستوافق على تطبيق جزئي لمطالب المتظاهرين، ولا يريد نتنياهو أن يمنح كحلون قدرة اتخاذ القرار بإضافة أكثر من مليار دولار للميزانية.

الواضح أن السيناريو الأبرز لتعامل الحكومة سيكون من خلال الإقرار بشرعية مطالب المتظاهرين، ولكنها في الوقت نفسه لن تستطيع البدء بتطبيق تلك المطالب كلها دفعة واحدة، الأمر الذي سيقود إلى مشروع قانون جديد، بعد انتهاء عطلة الكنيست في آخر شهر تشرين الأول، ومن المتوقع أن يمنح القانون إضافة للميزانية بواقع مليار إلى مليار ونصف المليار دولار، لرفع مخصصات ذوي الاحتياجات الخاصة، لكنها لن تصل إلى الحد الأدنى للأجور.  

انعكاسات القضية

قضية ذوي لاحتياجات الخاصة، باتت قضية رأي عام، ومن المتوقع أن استجابة الحكومة، التي ستكون مع مطلع العام القادم، وإن كانت جزئية، لمطالب المتظاهرين، ستصب في صالح اليمين الحاكم، وتحديداً شخص نتنياهو، الذي بات من الواضح بأنه يستطيع اقتناص الفرص وتثبيت شعبيته لدى شرائح واسعة من الجمهور الإسرائيلي.

لكن من جانب آخر، فإن الدولة العبرية تعيش في السنوات الأخيرة، تراجعاً في نسبة النمو، وهذا العام تحديداً يُسجل نسبة نمو أقل من بين الأعوام الثلاثة الأخيرة، بالتالي فإن اتخاذ مثل هذا النوع من القرارات سيكون على حساب قطاعات أخرى، قد تُعيد إلى الواجهة أزمات مالية، عانت منها الحكومة سابقاً، كرفع ميزانية الدفاع، وتقليص الضرائب على الشقق للأزواج الشابة، الأمر الذي سينقذ الحكومة من جانب، ويدخلها إلى حلبة مواجهة جديدة.

المراجع:

اشار روخرلبرجر. (17 تشرين ثاني, 2016). انشيم عم موجبليوت بيسرائيل 2016، عوني، بديدوت فمعات تكفاه ( اشخاص مع احتياجات خاصة في اسرائيل، فقر، عزلة وقليل من الأمل ). تم الاسترداد من يديعوت احرونوت: http://www.ynet.co.il/articles/0,7340,L-4880484,00.html

اليعزر شفلتسر. (5 كانون اول, 2016). تيؤور فنيتوح نتونيم عل مكبلي كتسباؤوت نخوت فزكنا ( وصف وتحليل مستلمي المخصصات من المعاقين والعجزة ). مركز البحث والمعلومات – الكنيست.

شاحر ايلان. (12 ابريل, 2017). هعلئات كتبؤوت هنخيم للو توخنيت للو يعديم ( رفع مخصصات المعاقين دون خطة واهداف ). تم الاسترداد من كلكلست: https://www.calcalist.co.il/local/articles/0,7340,L-3711309,00.html

عمري ميلمان. (9 تموز, 2017). مأباك هنخيم: مفجينيم حسمو ات كبيش اربع بشارون فهبعيروا تسميجيم ( كفاح المعاقين: المتظاهرين اغلقوا الحاجز رقم 4، واشعلوا اطارات السيارات ) . تم الاسترداد من كلكلست: https://www.calcalist.co.il/local/articles/0,7340,L-3716724,00.html

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى