أحمد نمر حمدان

وُلد أحمد محمد نمر حمدان في قرية بَشِيت المُهجَّرة قضاء الرملة المحتل في الرابع من تشرين الثاني/ نوفمبر عام 1939. درس المرحلتين الأساسية والثانوية في مدارس خانيونس، وحصل على الثانوية العامة، ونال درجة البكالوريوس في اللغة العربية من جامعة القاهرة عام 1964. عمل مدرسًا للغة العربية ومديرًا في مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا” حتى عام 1982، ثم عمل باحثًا اجتماعيًا في مراكز التموين التابعة للأونروا حتى تقاعده عام 1999.
انخرط حمدان في العمل الدعوي في شبابه المبكر، وانضم لجماعة الإخوان المسلمين عام 1954، وكان من قيادة الصف الأول فيها في قطاع غزة، وعُرف لسنوات طويلة بنشاطه الدعوي والتربوي وخطبه القوية المؤثرة التي تشمل أبعادًا دينية وتعبدية واجتماعية ووطنية، سيما خطبه في مسجد الرحمة في حي الأمل في خانيونس والذي تولى الخطابة فيه منذ عام 1979، وقد اعتاد افتتاح خطبه بالقول ” “هنا صوت الاسلام.. صوت الكلمة الطبية.. صوت الفقه الميسور.. صوت العبادة الخالصة لله من الشرك والانحراف.. صوت الرؤية الواضحة لواقع المعاناة.. صوت الرؤية الكاشفة لأعداء الله.. أيها الإخوة المرابطون على حدود الله والوطن”، وقد تأثر بخطبه ومواعظه ودروسه التربوية عدد من القيادات الشبابية في الحركة الإسلامية، والتي أصبح لها دور بارز في حركة حماس وفي جناحها المسلح وفي العمل الدعوي والاجتماعي والمؤسسي داخل فلسطين وخارجها.
وكان حمدان ممن اقترحوا على حركة حماس في بداية انطلاقتها اختصار اسم حركة المقاومة الإسلامية بـ ح. م. س، وممن اشتهروا بموقفهم العلني الرافض لاتفاقية أوسلو ومنتجها المؤسسي، وخاض مواجهات فكرية وسياسية في هذا الشأن، وممن احتضنوا يحيى عياش في بيته، أثناء مكوثه في قطاع غزة، ورُزق العياش بولده براء في بيته، وقد كانت القابلة والدته الحاجة خديجة.
ومع اندلاع الانتفاضة الثانية، رفض حمدان تسليم نفسه للسلطة، ودعا إلى العصيان المدني ضدها، واستأنف الخطابة دون موافقتها، ومن مواقفه أنَّه كان من المعارضين لمشاركة حركة حماس في الانتخابات التشريعية عام 2006.
شارك حمدان في مسيرات العودة وكسر الحصار التي انطلقت في شهر آذار/ مارس عام 2018، رغم مرضه وتقدمه في العمر، وكان يحث الجماهير على التمسك بحق العودة إلى قراهم ومدنهم التي هُجّروا منها عام 1948، وعُرف بين الناس أيضًا بـ “والد الشهداء والأسرى”، إذ كان له ابن شهيد، وكان يقوم بتجهيز شهداء خانيونس قبل دفنهم، وكان له أولاد أسرى.
عانى حمدان في حياته، فقد عايش نكبة فلسطين الأولى عام 1948، واضطر للهجرة مع أهله إلى قطاع غزة، والعيش في مخيم خانيونس للاجئين الفلسطينيين، وتعرض للملاحقة والاستدعاء من قبل السلطات المصرية، وتمَّ منعه من دخول مصر بعد عام 1967، وحرمانه من دراسة الماجستير، كما ضَيَّق عليه الاحتلال حيث هدم بيته عام 1976، وأجبر الاحتلال الأونروا على تغيير طبيعة عمله فيها، وحاول قناص صهيوني اغتياله عام 1981، أثناء إلقائه خطبة الجمعة، واخترقت الرصاصة المنبر على مقربة من رأسه، وتعرّض لملاحقات و واستجوابات وتحقيق واعتقالات متكررة من سلطات الاحتلال عام 1985، وعام 1990، وصدر بحقه قرار بالإبعاد مع سبعة من كوادر الفصائل الوطنية عام 1991، إلا أن المحكمة عدلت عن قرارها وحولته للاعتقال الإداري، ثمَّ أبعدته إلى مرج الزهور في جنوب لبنان ضمن مجموعة كبيرة من قيادات وكوادر حركتي حماس والجهاد الإسلامي أواخر عام 1992، حيث قضى عامًا كاملًا في الإبعاد، وقد اعتقلته السلطة الفلسطينية ثماني مرات، ومنعته من الخطابة، وقد عانى من المرض حتى أنه توقف عن الخطابة في المساجد عام 2016.
توفي في الخامس من آب/ أغسطس عام 2019.