شؤون إسرائيلية

أبعاد ودلالات التهديدات “الإسرائيلية” باغتيال قادة حماس

د. عدنان أبو عامر

  • المقدمة:

تداولت وسائل الإعلام “الإسرائيلية” في الأيام الأخيرة، تهديدات باغتيال قادة حماس في الداخل والخارج، في حال استمرت العمليات الفدائية في قلب الجبهة الداخلية للاحتلال، الذي بدوره أبلغ حلفاءه في المنطقة وأوروبا بأنّه يحضر فرق اغتيالات لهذا الغرض، فيما تلقت حماس تحذيرات بهذا الشأن، حيث يتهمها الاحتلال بتحريض الفلسطينيين على تنفيذ الهجمات، ويحاول إرسال رسالة واضحة لرفع سقف المواجهة مع الحركة، ودخول مرحلة جديدة من الحرب عليها.

تسليط السطور التالية الضوء على هذه التهديدات “الإسرائيلية” ومدى جديتها، وأي من قيادات حماس سوف تطال، سياسية أم عسكرية، وما هي الجغرافيا المرجحة لتنفيذ الاغتيالات، داخل الأراضي المحتلة أم خارجها، وكيف سيكون رد فعل الحركة في حال نفذ الاحتلال تهديداته ضد قادتها، ومدى جدواها الفعلية على الأرض في وقف هجمات المقاومة.

  • خلفية التهديدات:

صدرت التهديدات “الإسرائيلية” ضد قادة حماس بعد تلقي دولة الاحتلال عدة ضربات متلاحقة خلال الأسابيع القليلة الماضية، منذ أواخر مارس وحتى أوائل مايو، إذ نفذ الفلسطينيون عدة عمليات فدائية، في مدن بئر السبع والخضيرة وتل أبيب وأريئيل وإلعاد، أوقعت قرابة 20 قتيلا “إسرائيليا” وعشرات الجرحى.

تسببت هذه العمليات بتحويل الجبهة الداخلية للاحتلال إلى حالة من الاستباحة المكشوفة أمام الفلسطينيين، مما زاد من حملة التحريض “الإسرائيلي” للعودة إلى سياسة الاغتيالات التي أوقفها الاحتلال منذ عهد “أريئيل شارونـ” واغتيال قادة حماس بين عامي 2002-2004 في ذروة انتفاضة الأقصى، رغم وقوع عدة اغتيالات في الخارج لاحقاً، شملت محمود المبحوح في دبي، ومحمد الزواري في تونس، وفادي البطش في ماليزيا، ومحاولات اغتيال أخرى فاشلة، وجميعهم من القادة والكوادر العسكريين للحركة، مع العلم أن إطلاق التهديدات “الإسرائيلية” باستئناف سياسة الاغتيالات؛ يحمل في ثناياه مضامين كثيرة؛ منها الحد من تطور ظاهرة انتشار الهجمات المسلحة ضد الجيش والمستوطنين، أو الحد من نشاطات منفذيها، من خلال تقليل تحركاتهم، أو بقصد تراجعهم؛ خوفًا من انكشافهم وتعرضهم للاغتيال.

تشير الدلالات إلى امتلاك الاحتلال أذرعاً أمنية وعسكرية، قادرة على الوصول إلى الأهداف المقصودة المرشحة للاغتيال، واستمرار قدرة أجهزته الأمنية برصدها، وجمع المعلومات اللوجستية، وهي الركيزة الأولى لنجاح الاغتيالات، فضلًا عن محاولة فاشلة لضرب الروح المعنوية للشعب الفلسطيني، التي تمثل القوة الحقيقية التي يستند إليها في الصراع الدائر في ظل غياب المعادل الموضوعي، أو القوة العسكرية المتكافئة.

لا يتورع الاحتلال في الحديث عن رغبته في إبقاء المقاومين في حالة تفكير في أنفسهم، والبقاء في حالة تخفٍ عن عيون الاحتلال وراداراته الموزعة في الداخل والخارج، مما سيشغلهم عن التخطيط لتنفيذ عمليات ضده، ويجعل التصفيات والاغتيالات واجبة في ظل الوضع الحالي للاحتلال، الذي يواجه أزمة حقيقية في تدهور واقعه الأمني.، مع العلم ان المراسلين الذين أوردوا هذه التهديدات يمتلكون شبكة علاقات واسعة مع أجهزة أمن الاحتلال، مما قد يمنح تقاريرهم مصداقية من جهة، كونها قادمة من مخابرات الاحتلال، وفي الوقت ذاته قد تصنف على أنها تسريب أمني مقصود يراد منه شن حرب نفسية على حماس، وليس بالضرورة تنفيذ تلك الاغتيالات.

  • الترجمة الميدانية:

دفع الضغط الأمني الذي سببته العمليات الفلسطينية الأخيرة بالأوساط “الإسرائيلية” إلى إصدار تهديداتها ضد حماس، بزعم أنها تقف خلفها، أو تحرض عليها، أو تقوم بتمويلها، رغم عدم وجود أدلة أمنية مركزة، مما يأخذنا باتجاه فرضية سائدة، وهي أن عددًا من هذه التهديدات إنما انطلقت في إطار المزاودة الداخلية بين “الإسرائيليين”، لاسيما اتهام الحكومة ورئيسها بالفشل أمام المقاومة الفلسطينية، مما جعل المستويين الأمني والعسكري يتحفظان على هذه الدعوات؛ نظرًا لردود حماس المتوقعة على أي اغتيال.

في الوقت ذاته، يمكن للحكومة “الإسرائيلية” التي تعاني فقدان أغلبيتها البرلمانية، أن تهرب إلى الأمام باغتيال عدد من قادة حماس لتصدير أزمتها إلى الخارج، تمامًا كما حصل مع “بنيامين نتنياهو” في ولايته الأولى في 1996 حين نفذت حماس عمليات “الثأر المقدس”؛ انتقاما لاغتيال مهندسها الأول يحيى عياش، فقرر اغتيال خالد مشعل زعيم حماس في حينه، رغم أنه كان مقيمًا في الأردن، التي كانت قد وقعت مع الاحتلال في حينها اتفاق سلام، وكادت هذه المحاولة الفاشلة قد تتسبب بانهيار علاقاتهما، لولا إنقاذ حياة مشعل في اللحظات الأخيرة.

إنّ الخيارات “الإسرائيلية” على صعيد التوزيع الجغرافي المتوقع للاغتيالات، إن حصلت، فقد تتوزع بين استهداف قيادة حماس في الداخل، خاصة في غزة، وتحديدا القيادات العسكرية، وفي هذه الحالة قد يكون رد حماس بالفعل حربا مفتوحة، كما هددت جادّة، وليس مبالغة، وبين اختيار “إسرائيل” لتنفيذ اغتيالاتها في الخارج.

يحظى اغتيال قيادات حماس العسكرية، لاسيما محمد الضيف، قائدها العسكري الأعلى، ويحيى السنوار قائد الحركة في غزة، بإجماع “إسرائيلي”، بسبب ماضيهما العسكري، وفي الوقت الذي يريد القادة “الإسرائيليون” تهدئة الرأي العام الداخلي الغاضب عليهم، من خلال الحصول على ما يسمونها “صورة الانتصار” المتمثلة باغتيال شخصيات كبيرة كهذه؛ تمثل تحدياً عنيدًا للاحتلال، بوصفهم الرجال الأقوياء في الحركة، ولهم نفوذ واسع على قادتها، ويمثل اغتيالهم فقدان حماس لثقل عسكري ومعنوي، قد يردّ للاحتلال ردعه المفقود بعد العمليات الأخيرة، فإنهم في الوقت ذاته يعتقدون أن الإقدام على هذا الاغتيال يعني فتح بوابات جهنم عليهم، وهذا هو التخوف الحقيقي!.

أما في حال اختيار “إسرائيل” لتنفيذ اغتيالاتها في الخارج؛ فالخيارات قد تتراوح بين الشيخ صالح العاروري قائد حماس في الضفة الغربية، ونائب رئيس مكتبها السياسي، وعدد ممن تسميهم “إسرائيل” قادة الجناح العسكري للحركة في الضفة، ويقيم معظمهم في الخارج، مع أن العلاقات التي تربط الاحتلال بعدد من الدول التي يقيمون فيها؛ قد تجعله ينأى عن التورط بسفك دمائهم على أراضيها؛ خشية تكرار الأزمة مع الأردن عام 1997، ويكتفي في هذه الحالة باستمرار الضغوط عليها لطردهم منها، مع أن هناك عواصم أخرى أثبتت الاغتيالات السابقة أن الاحتلال قد يستهدف قادة حماس فيها، وهناك سوابق وقعت بالفعل.

يرتبط اتخاذ القرار “الإسرائيلي” في تنفيذ الاغتيال، بطبيعة رد حماس، التي لم تتوانَ في التحذير بأن أي اغتيال قد يقع، دون تحديد مستواه، سيؤدي إلى إطلاق وابل من الصواريخ تجاه دولة الاحتلال، وحينها لا أحد يعلم مآلات هذه المواجهة، إن وقعـت، وفي هذه الحالة ستقع “إسرائيل” أمام استباحة كاملة لجبهتها الداخلية من أقصاها إلى أقصاها، مما يكلفها خسائر بشرية وأضرارًا اقتصادية وتبديدًا لردعها، بعد أن كانت تواجه عمليات فردية هنا وهناك، وحينها سيسأل “الإسرائيليون”: ماذا صنعنا بأنفسنا؟!.

  • التنفيذ المحتمل:

ليس سراً أن الأسماء الواردة أعلاه من قادة حماس المرشحين لتنفيذ عمليات الاغتيال بحقهم، موضوعون على أجندة الاستخبارات “الإسرائيلية” على مدار سنوات عديدة، والتي تعمل بشكل منهجي لجمع معلوماتها عنهم، وتضع خططها لاستهدافهم، كلّ وفق بيئته الجغرافية الملائمة، ويجري العمل على فهرسة أي عنصر جديد من المعلومات المجموعة، من المعلومات العلنية أو السرية، وأرشفتها، في حالة الحاجة إليها يومًا ما، ويتضمن ذلك التفاصيل التي تبدو تافهة مثل عناوين السكن والعمل وأسماء أفراد الأسرة وزملاء الدراسة.

إن قراءًة تقييمية لعمليات الاغتيال التي نفذها الاحتلال “الإسرائيلي” ضد قادة حماس في سنوات وعقود سابقة، تظهر كم أن اغتيالات الماضي بدت معقدة للغاية، وتطلبت وجودًا ماديًا على الأرض لتنفيذ الجزء الأكبر منها، أو تنشيط العملاء المرسلين لجلب معلومات محددة، لكن التكنولوجيا اليوم جعلت الاغتيالات أسهل بكثير، حيث يحتفظ معظم المستهدفين بحياتهم على الهاتف والكمبيوتر وشبكات التواصل، بحيث بات بالإمكان اقتحام كل هذه المعلومات، للحصول على صورة جيدة للهدف المطلوب، ولذلك قد تساعد ثروة البيانات التي يُحصل عليها من عدة مصادر، في بناء صورة استخباراتية للأهداف المستقبلية.

يعد الدور البارز لقيادات  حماس المستهدفة أمرًا مهمًا، لا سيما بعد العمليات الفدائية الأخيرة التي تشكل تهديدًا حقيقيًا يمس الاحتلال، ومن المؤكد أن لكل قيادي من حماس ملف في الأجهزة الأمنية في الداخل لدى جهاز الأمن العام “الشاباك”، وفي الخارج لدى جهاز العمليات الخاصة “الموساد”، بجانب جهاز الاستخبارات العسكرية “أمان”، بوحداته العديدة، وفي هذه الحقيبة تجمع كل المعلومات الشخصية المستهدفة: مهنية، عائلية، شخصية، السيارة التي يتنقل بها، والأشخاص الذين يوصلونه إلى مكتبه، ويعملون معه، صديقات زوجته، من أين يشتري الملابس، والمطاعم التي يحب تناول الطعام فيها، وهواياته، ولا يُعرف أبدًا أيٌّ من هؤلاء الأفراد سيتحول للحلقة الضعيفة، التي يمكن استخدامها للأغراض الاستخبارية؛ لجمع المعلومات عن الشخصية المستهدفة، وصولًا إلى اغتياله وتصفيته، وتعد هنا التكنولوجيا لاعبًا رئيسًا، فيكفي أن نقرأ عن برنامج الهجوم السيبراني الذي تبيعه الشركات “الإسرائيلية” حول العالم، ولنتأمل القدرات التي تمتلكها المخابرات “الإسرائيلية”، وما يسمح لها بالقيام به، مع أن المعلومات قد تبقى حبيسة هذه الملفات لسنوات طويلة، وفي بعض الحالات، لا تستخدم أبدا.

في الوقت ذاته، لا تبدي الأوساط الأمنية “الإسرائيلية” استخفافًا بالاحتياطات الأمنية التي يجريها قادة حماس حول أنفسهم، ورغم جميع الاحتياطات والضوابط؛ فإن عتبة المخاطر في مثل هذه العمليات مرتفعة للغاية؛ لأنها قد تقع في حوادث غير متوقعة دائمًا، ولنا أن نعيد رسم سيناريوهات عمليات اغتيال قادة حماس السياسيين والعسكريين في الداخل والخارج، التي أظهرت أنها كانت بعيدة كل البعد عن السهولة؛ لأنها في كثير من الأحيان تطلبت إجراء عمليات احتيال معقدة وإعداد مطول، بما في ذلك التدريب والعمليات التحضيرية؛ لضمان النجاح، ودراسة متأنية للتضاريس، والتخطيط لكل مرحلة، من المتابعة الأولية والانسحاب، دون ترك بصمة قد تكشف الجناة، أو مرسليهم.

لقد نفذ الاحتلال عددًا غير قليل من الاغتيالات في الماضي، بعضها جاء مفيدًا له حين تعجز أي منظمة عن توفير وريث حقيقي يملأ مكان من اغتيل، وبعضها جاءت أقل فائدة مما كان متوقعًا، بحيث ملأ ورثتهم أمكنتهم بسرعة، وبعضها جاءت سلبية حين تلقى الاحتلال قادة جددًا أقسى ممن اغتيلوا سابقا، وهناك اغتيالات تاريخية وخطيرة، توصف بأنها مفصلية، بحيث “قتلت الرجل، ودمرت التنظيم”، وأدى مقتله إلى حدوث شلل في التنظيم لفترة طويلة، حتى يستغرق الأمر وقتًا طويلًا حتى يتعافى، وربما لا يتعافى أبدُا.

  • جدوى الاغتيالات:

فشل أمن الاحتلال في وقف عمليات المقاومة، وعجز عن وضع حد لها، فقد ارتأت أوساطه الهرب إلى الأمام بالدعوة إلى استئناف الاغتيالات ضد القادة الفلسطينيين، خاصة من حماس، بزعم تحريضهم على تنفيذ العمليات، دون أن توفر هذه الاغتيالات، في حال حصلت، “بوليصة تأمين”؛ لطي صفحة الهجمات الميدانية التي أرّقت مضاجع الاحتلال، واخترقت جبهته الداخلية.

جديد التهديدات “الإسرائيلية” بالاغتيالات، أنها “وسعت” دائرة الاستهداف بالوصول إلى قيادات سياسية عسكرية رفيعة المستوى، بما يتعارض مع وثيقة صادرة في سنوات سابقة عن هيئة رئاسة أركان الجيش، سبق لها أن حددت الأشخاص الذين ينطبق عليهم لقب “جاهزون للتصفية”، وهم منفذو العمليات مباشرة، ومن يساعدونهم بصور مباشرة، ومن يقومون بإرساله، والمخططون للفكرة الميدانية، ومن يجندونهم.

أشارت ذات الوثيقة المذكورة التي أعدها “عاموس يادلين” رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية السابق، إلى الجهات غير المشمولة ضمن المرشحين للتصفية، وهم المرتبطون بالعمليات بصورة غير مباشرة، ومنهم ممولوها، والخطباء الذين يمتدحونها، والمتبرعون بالأموال لعائلات منفذيها، دون التدخل في التخطيط لها.

تطرح الدعوات “الإسرائيلية” الأخيرة بتنفيذ جملة من الاغتيالات ضد قادة حماس، جملة من الأسئلة الكبيرة، ومنها: هل باتت الأدوات المسماة اغتيالات، تصفيات، إحباطات مفيدة ومجدية، أم أن الأصل أن يُقضى على منظومة كاملة من العمليات والهجمات، وليس فقط قتل شخص معين، مهما بلغت درجة تأثيره، وهل تعد الاغتيالات المركزة مفيدة فعلا في حفظ الأمن “الإسرائيلي”، وكم يمكن لغياب بعض هذه القيادات أن يمنع من وقوع المزيد من العمليات، وكم سيحقق من الردع، خاصة أن هذه الاغتيالات تحمل بين طياتها آمالًا ومخاطر جمة، يفترض أخذها بعين الاعتبار عند إصدار قرار الاغتيال، رغم الادعاء “الإسرائيلي” بأن الاغتيال قد يشكل ردعًا للعدو، وأي أحد من قادة المقاومة الفلسطينية لا يريد أن يكون اسمه التالي في قائمة الاغتيالات، على الأقل وفق المزاعم “الإسرائيلية”، وأياً كانت الشخصيات المستهدفة بالاغتيالات “الإسرائيلية” التي يهدد بها في هذه الآونة، فإن التغذية الراجعة من التصفيات الجسدية السابقة لا تمنح الاحتلال “البشارة” التي يبحث عنها، ويسعى إليها، وهي وقف الهجمات الفدائية، بدليل أنه قتل العشرات من قادة المقاومة الفلسطينية في عمليات اغتيال سابقة، لكن الهجمات تواصلت، ولم تتوقف عقب الاغتيالات، رغم أنه لا يبدي أحد لدى الاحتلال أسفه على غياب العديد من قادة حماس عن صورة المشهد بسبب اغتيالهم.

يعدُّ كل ما تقدم من معطيات إثباتًا إلى أن هذه الاغتيالات إنما تأتي في سياق “فشة الخلق” “الإسرائيلية”، وتفيد من واقع التجربة التاريخية أنها لم تؤدِّ إلا لتعاظم خسائر الاحتلال، وتوفر المسوغات لحركات المقاومة إلى مضاعفة عملياتها، وجعلها أكثر ضراوة، مع أن استمرار تسابق قادة الاحتلال في إطلاق التهديدات ضد قادة حماس، لا ينفي وجود اعترافات “إسرائيلية” تشير إلى أن عمليات التصفية لا توفر دماء “الإسرائيليين”، بل تزيد منها، وتشكل الوقود الذي يؤجج نار المقاومة، وجعل عملياتها أكثر خطورة، وأشد تصميماً.

 

  • الخاتمة:

تنطلق السياسة “الإسرائيلية” لتنفيذ الاغتيالات من قاعدة اسمها “من قام إلى قتلك، بادره بالقتل”، وحين تقرر دولة الاحتلال تصفية قائد ما؛ فهي تقرر بالأساس قطع قدراته على المساس بها، رغم أن الثمن الذي قد تدفعه جراء هذا الاغتيال، أو ممن سيأتي في القيادة بعده، قد يكون أخطر من الاغتيال ذاته، لكن الفكرة الكامنة خلف منظري أسلوب الاغتيالات في المنظومة الأمنية “الإسرائيلية” مفادها أن القضاء على هذا القيادي أو ذاك سيؤدي حتماً إلى وقف العمليات والهجمات المضادة، مع أن اغتيال شخص ما مهمة واضحة من الناحية الفيزيائية الملموسة، لكن اغتيال الجاهزية والدافعية والأيديولوجية أمر آخر، وهذه فكرة راسخة لدى الملايين ممن يتبعون هذه الأيديولوجيات والأفكار، لأنهم يعتنقونها انطلاقًا من قناعات وتعليم وتاريخ، ولأن صاروخًا أو طلقة قد تقتل قائدا ما، لكنها لا تقنع شاباً ألا يستل سكيناً أو يحمل مسدساً؛ لاستهداف جنود الاحتلال والمستوطنين، وهذه قناعة سائدة فيما يمكن تسميتها أوساط “عقلانية” في مراكز البحث ومخازن التفكير “الإسرائيلية”، لكن خروج القرار من “المعدة الساخنة وليس العقل البارد”، قد يدفع الاحتلال لمخالفة هذه القناعات المنطقية، ويذهب باتجاه تنفيذ سياسة الاغتيالات التي هدد بها أكثر من مرة خلال الآونة الأخيرة.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى