مركز رؤية ينظم ندوة بعنوان “تغيّرات ما بعد طوفان الأقصى واتجاهاتها”

نظّم مركز رؤية ندوة بعنوان “تحوّلات وسيناريوهات ما بعد طوفان الأقصى”، في محاولة لفهم التغيرات الحاصلة ومستقبل اتجاهاتها في خضم أجواء من الضبابية التي تحيط بمستقبل ما بعد حرب طوفان الأقصى. شهدت هذه الندوة مشاركة كل من الدكتور سامي العريان، والدكتور أيمن يوسف، وعصمت منصور، وسعد الوحيدي.
تناول المشاركون في هذه الندوة موضوعات متنوعة وحيوية تتعلق بالتحولات الإقليمية والدولية عقب معركة طوفان الأقصى. تضمنت هذه الموضوعات التأثيرات السياسية للحرب على المنطقة بشكل عام وغزة بشكل خاص، وكذلك الدور الأمريكي في الصراع. بالإضافة إلى مناقشة أهم السيناريوهات الممكنة للمعركة وما بعدها.
غزة:
يعيش قطاع غزة ومواطنوه، وفقًا لسعد الوحيدي، حالة كارثية من الناحية الصحية والإنسانية في ظل القصف الوحشي للمخيمات والمستشفيات، ولا يخفى على المتابع أن القصف والعدوان الإسرائيلي يتمركز على الجهة الشمالية من قطاع غزة، حيث تسعى إسرائيل إلى تهجير سكان قطاع غزة إلى صحراء سيناء، من خلال نقل الكتلة البشرية من شمال القطاع إلى جنوبه بداية ثم إلى سيناء. بالتزامن مع انتقال منظمات الإغاثة مثل الأونروا وغيرها إلى جنوب القطاع مما يصعب مهمة الصمود في شمال القطاع.
يؤكد سعد الوحيدي أن معركة طوفان الأقصى تختلف عن الحروب السابقة بأن إسرائيل قد أعلنت حالة الطوارئ في إسرائيل، مستخدمة جميع طرق الحصار والإبادة الجماعية في محاولة لإلحاق هزيمة بالمقاومة في قطاع غزة. وأكد أن التعويل الآن على صمود سكان غزة ومقاومتهم ضد العدوان الإسرائيلي.
التغيرات على الساحة الإسرائيلية:
دفعت معركة طوفان الأقصى، وفقًا لعصمت منصور، الإسرائيليين إلى تشكيل حكومة طوارئ مشتركة للتعامل مع المعركة بعد حالة الانقسام، ويأتي استدعاء جنرالات مقربة من الإسرائيليين لإدارة المعركة في سياق لمحاولة احتواء الغضب الشعبي وتوحيد الجبهة الداخلية الإسرائيلية.
يلوح الجيش الإسرائيلي بالاجتياح البري في محاولة لترميم صورة هيمنة القوة الإسرائيلية التي كسرتها معركة طوفان الأقصى. حيث تهدف إسرائيل من خلال هذه الحملة العسكرية إلى بناء صورة نصر على المقاومة، ومحاولة تدمير حركة حماس في قطاع غزة. ومن الجدير بالذكر أن اقتحام حماس للأراضي المحتلة جعل الإبقاء على كتلة بشرية كبيرة على محيط غلاف غزة أمرًا صعبًا.
أكد عصمت منصور أن انتفاض فلسطينيي الداخل ليس خيارًا محتملًا نظرًا لتصاعد الحقد والتوتر من الإسرائيليين تجاه الفلسطينيين. ويأتي ذلك في الوقت الذي يسلح فيه الجيش الإسرائيلي الإسرائيليين والمستوطنين بشكل كامل، الأمر الذي قد يزيد من إمكانية حدوث مجازر في حال انطلق حراك فلسطيني مساند للمقاومة، أو مناقض لتوجه الحكومة الإسرائيلية في الداخل.
الساحة الفلسطينية:
يشير الدكتور أيمن يوسف إلى أنه في ظل الانقسام الذي تعيشه الحالة الفلسطينية، وفي أجواء يغيب فيها التنسيق الداخلي الفلسطيني، تجد غزة نفسها وحيدة في مواجهة الأحداث الجارية على الصعيدين العسكري والسياسي، بالرغم من وحدة بعض الساحات الشعبية، سواء داخل الضفة الغربية أو في ساحات الخارج.
وأشار أيضًا إلى أن الغضب الشعبي المتزايد والزيادة في حالات الانفلات الأمني في الضفة الغربية، ووجود فصائل مسلحة مثل “عرين الأسود” و”كتائب جنين”، من الممكن أن يزيد الضغط على السلطة الفلسطينية للمضي نحو مصالحة داخلية.
أما على الصعيد الدبلوماسي، فإن التقرب من دول مثل روسيا والصين قد أصبح خيارًا محتملًا للفلسطينيين، خاصة بعد بروز الموقف الأوروبي الصارخ في دعم إسرائيل.
أضاف الدكتور أيمن يوسف بأن المعركة قد أعادت تسليط الضوء على القضية الفلسطينية وزيادة وعي الشعوب بها.
الولايات المتحدة والموقف الدولي:
يعتبر الدعم الأمريكي لإسرائيل، وفقًا لسامي العريان، اللاعب الأساسي في السياسة الإقليمية والدولية. حيث إن إسرائيل تجسد مصلحة الولايات المتحدة في الإبقاء على الشرق الأوسط في حالة من التشتت والإذعان لإسرائيل وجيشها، وهذا ما يساعد في فرض الهيمنة الأمريكية على المنطقة وبالتالي العالم. إضافة إلى أن الولايات المتحدة قامت بفتح خزانة أسلحة الولايات المتحدة لإسرائيل في حربها ضد غزة، وذلك للحفاظ على هيمنتها في المنطقة.
أوضح الدكتور سامي العريان أن القضاء على حزب الله قد يكون الخطة القادمة لإسرائيل في حالة القضاء على القوة العسكرية في قطاع غزة. وذلك لأن القضاء على القوة العسكرية لحزب الله يعد خيارًا استراتيجيًا للولايات المتحدة كما هو لإسرائيل، حيث إن حزب الله يشكل ذراع قوة لإيران وواحدًا من أدواتها لفرض نفوذها في المنطقة.
أشار الدكتور سامي العريان أن المعارك الجانبية التي تشترك فيها الولايات المتحدة تشتت انتباهها وإنجازها في سباق التنافس العالمي مع الصين. حيث إنّ الصين قد قطعت شوطًا كبيرًا خلال العقود العشرين الماضية، تزامنًا مع مشاركة الولايات المتحدة في حروب متعددة في الشرق الأوسط ومناطق أخرى.
اختتمت الندوة باستعراض لنقاط عامة حول الاحتمالية لما ستؤول إليه الأحداث الحاضرة أهمها:
- الإنهاء على القوة العسكرية لحماس في قطاع غزة يعد هدف إسرائيل الأساسي، ولكن هذا يعني الإضرار بالمصالح الإيرانية، وبالتالي احتمال تدخل القوى الإقليمية التابعة لإيران مثل حزب الله من الجبهة الشمالية في حال الاجتياح البري للقطاع.
- الإطالة في وقت الحرب يطيل أمد تعطل عجلة الاقتصاد الإسرائيلية؛ مما يشكل عبئًا كبيرًا على الولايات المتحدة وخزينتها الداعمة للكيان الصهيوني.
- تحرك الضفة الغربية والداخل الإسرائيلي يعد عاملًا حاسمًا في معادلة المعركة، ولكنه لا يعد سيناريو مرجحًا؛ نظرًا لإطباق القبضة الأمنية سواء من قبل السلطة في الضفة الغربية أو الشرطة الإسرائيلية والمستوطنين في الداخل الإسرائيلي.
- لا يوجد سيناريو مؤكد لكيفية انتهاء الحرب وإلى أين ستؤول، وسيكون تعويل إسرائيل على تحقيق عنصر مفاجأة في هجومها. بالإضافة إلى أن تدخل قوى إقليمية مثل إيران لا يعد سيناريو متوقعًا.
- في حال وًجّهت ضربة كبيرة للقوة العسكرية لحماس، سينتج ذلك جيلًا حمساويًا جديدًا أكثر قربًا لتوجه العمل، وفقًا لحلول سياسية.
- ستمنح الولايات المتحدة إسرائيل فترة محدودة الزمن لإنهاء حربها على غزة، وتحقيق أهدافها من وراء الحرب، وقد تستمر هذه الفترة لمدة ٣-٤ أشهر.