تدكس (TEDx) في فلسطين، أفكار شبابية تستحق الانتشار وفقًا للمعايير العالمية

مقطع عرضي لجدارية عُلِّقت على المبنى الخارجي لمسرح سمو الأمير تركي بن عبد العزيز في الحرم الجامعي لجامعة النجاح الوطنية، الذي شهد فعاليات مؤتمر تدكس جامعة النجاح (TEDx AN-NAJAH UNIVERSITY)، والذي أُقيم بترخيص من منظمة تدكس العالمية في 16 إبريل الماضي. تصوير ظافر الخياط (حصري لمركز رؤية للتنمية السياسية). 
 

بوستر من تصميم الفنان الفلسطيني المُقيم في الخارج مصعب الشوربجي، يُعبِّر فيه عن احتفائه بمؤتمر تدكس شجاعية (tedxshujayia) الذي نظّمه فريق شبابي في غزة بتاريخ 29 أكتوبر 2015. يُظهر البوستر حرف X شامخًا بين الركام الذي خلفته الحرب الإسرائيلية في العام 2014 على حي الشجاعية، ووفقًا لقوانين منظمة تدكس العالمية فإن حرف "X"  يعني حدثًا عُقِد بترخيص من المنظمة  (X =Independently Organized Event) المصدر هبة ماضي (حصري لمركز رؤية للتنمية السياسية).
 

 صورة لمنصة تدكس النجاح قبل بدأ فعاليات المؤتمر- تصوير أحمد تميم (حصري لمركز رؤية للتنمية السياسية)
 

الفريق الشبابي القائم على مؤتمر تدكس شجاعية أثناء إعداد وتحضير منصة العرض. (المصدر tedxshujayia)
 

لوحة تعريفية وضعها المنظمون لمؤتمر تدكس النجاح على مدخل مسرح الأمير تركي الذي شهد فعاليات المؤتمر. يَظهَر في اللوحة شعار (logo) المؤتمر وهو عبارة عن مصباح مضيء ليتناغم والموضوع العام  لفقرات المؤتمر الذي حمل عنوان "Bright Minds". يهدف المؤتمر لطرح مجموعة من الأفكار الملهِمة لتفتح آفاقًا جديدة في عقول الشباب، وتساعدهم على بناء مستقبل أكثر نجاحًا وتميزًا. تصوير ظافر الخياط (حصري لمركز رؤية للتنمية السياسية)
 

صورة توضيحية لمنصة المتحدثين والتصميم الداخلي لقاعة مؤتمر تدكس شجاعية، وهي من تصميم فريق صالون ديزاين”Salon Design” . في الواجهة الخلفية للمنصة رسومات تُظهِر مدينة الشجاعية، ورسمة ثلاثية الأبعاد لأكثر المعالم المميزة للمدينة وهي الشجرة المعمرة الكائنة في تلة المنطار، وهي من أكثر الأشجار المعروفة في قطاع غزة حيث يزيد عمرها عن مائة عام، أما في واجهة المنصة فيَظهَر شعار المؤتمر وهو عبارة عن كلمةTEDx  مكتوبة بالحجارة المكسرة للتدليل على الدمار والخراب الذي خلفته الحرب الإسرائيلية الأخيرة على المدينة. المصدر هبة ماضي (حصري لمركز رؤية للتنمية السياسية).
 

الفريق التطوعي من طلاب وطالبات جامعة النجاح الوطنية أثناء التحضيرات النهائية لمؤتمر تدكس النجاح. تصوير ظافر المصري (حصري لمركز رؤية للتنمية السياسية)
 

أحد المحاضرين في تدكس النجاح، رجل الأعمال والخبير في تطوير الأعمال الدولية حسني الخفش، يتحدث عن تجربته الخاصة كمدير إقليمي للعديد من الشركات مثل مايكروسوفت وجوجل وياهو مكتوب. تصوير ظافر الخياط (حصري لمركز رؤية للتنمية السياسية)
 

الأستاذة هبة ماضي – رئيس الفريق الشبابي المُنظِّم لمؤتمر تدكس شجاعية تلقي كلمة في ختام فعاليات المؤتمر، تضم الصورة أيضًا أعضاء الفريق المُنظِّم، بالإضافة إلى المتحدثين في المؤتمر. المصدر هبة ماضي (حصري لمركز رؤية للتنمية السياسية).
 

  صورة تذكارية في ختام أعمال مؤتمر تدكس النجاح تجمع الدكتور محمد العملة نائب رئيس الجامعة للشؤون الأكاديمية واللجنة المنظمة للمؤتمر، والفريق التطوعي من طلاب وطالبات جامعة النجاح الوطنية مع المتحدثين والمحاضرين في المؤتمر. تأخذ أيدي الشباب وضعية حرف X للتدليل بأن هذا المؤتمر بترخيص من منظمةTED  العالمية. تصوير أحمد تميم (حصري لمركز رؤية للتنمية السياسية).
 

 مُتحدثًا في مؤتمر تدكس النجاح، الشاب سعيد قفاف، طالب في قسم هندسة البرمجيات، أول يوتيوبي عربي من ذوي الاحتياجات الخاصة، له عدة مقالات باللغة الإنجليزية- المصدر  (tedx Annajah University). 
 

ياسمين النجار، 19 عامًا، الطالبة في جامعة النجاح الوطنية، عاشت تجربة تسلق جبل كلمنجارو بساقها الصناعية مرة أخرى لتُلهِم الحضور في مؤتمر تدكس النجاح، يُذكر أن ياسمين هي أول عربية تسلقت قمة الجبل بساق صناعية بعد بتر ساقها في سن الثالثة – المصدر ياسمين النجار (حصري لمركز رؤية للتنمية السياسية)
 

 الأسير المُحرر أحمد الفليت، حاملاً رسالة أسرى فلسطين في السجون الإسرائيلية إلى العالم، متحدثًا في مؤتمر تدكس شجاعية. يظهر الرقم 9 مكررًا ثماني مرات على شاشة العرض في الخلف، والذي يُمثِّل عدد سنوات السجن التي صدرت بحق الفليت من قِبل محكمة الاحتلال. الفليت هو أحد محرري صفقة وفاء الأحرار (صفقة شاليط) حيث أُفرج عنه في العام 2011 بعد مرور 20 عامًا على اعتقاله. المصدر (tedxshujayia).
 

الصورة التي تصدَّرت عرض "شق نحو القمر" (Crack to the Moon) الذي قدّمه الأسير المحرر أحمد الفليت في مؤتمر تدكس شجاعية، وهي صورة حقيقية التقطها بعض الأسرى للقمر من داخل إحدى زنازين السجون الإسرائيلية، تُعبِّر الصورة عن حالة الحرمان المتواصل التي يعاني منها الأسرى لتكون أكثر لحظاتهم سعادة حين يرون القمر!. المصدر الأسير المحرر أحمد الفليت.

الإعلامي تامر المسحال، مراسل قناة الجزيرة الفضائية في قطاع غزة، أحد متحدثي تدكس شجاعية، حيث كانت محادثته بعنوان "جنسية غير مُعرفة" (Undefined Nationality )، وتناولت دور وثيقة التنقل التي كان يُصدِرها الاحتلال في ثمانينيات القرن الماضي، في تغيير وجهته في الحياة، ليتحوّل من رائد في كرة القدم إلى رائد في مجال الإعلام. المصدر هبة ماضي (حصري لمركز رؤية للتنمية السياسية). 
 

صورة لوثيقة التنقل للإعلامي تامر المسحال، والتي كان يُصدِرها الاحتلال الإسرائيلي لأبناء الشعب الفلسطيني في الثمانينيات من القرن السابق بديلاً عن جواز السفر، وقد وُضِعت كلمة Undefined في خانة الجنسية، للتدليل بأن الشعب الفلسطيني مجهول الهوية غير مُعرّف الجنسية. المصدر (tedxshujayi).

1 الأستاذة إسراء ياسين، عضو الفريق الشبابي المُنَظِّم لمؤتمر تدكس شجاعية ومسؤولة ملف المتحدثين، متحدثة في إحدى الورش التي نظمها الفريق للتعريف بالمؤتمر. المصدر (tedxshujayia) 
 

صورة تذكارية تجمع بعض المتحدثين في تدكس النجاح مع بعض الحضور في نهاية فعاليات المؤتمر.  المصدر ياسمين النجار (حصري لمركز رؤية للتنمية السياسية).

توطئة

من الطرق التي سلكها الشبابُ الفلسطيني مؤخرًا لإثبات ذاتهم الفلسطينية ومقاومة أساليب الإقصاء والتهميش التي تنتهجها سلطات الاحتلال الإسرائيلي ضد الهُوية الفلسطينية بشكل عام وحضورها في العالم الغربي بشكل خاص؛ تنظيم مؤتمر تدكس (TEDx) في فلسطين، بترخيص من منظمة "تيد" (TED) العالمية.

فقد نظَّمت جامعة النجاح الوطنية، ممثلة في مكتب نائب الرئيس لشؤون العلاقات الخارجية والدولية بالتعاون، مع وحدة تنمية الكفاءات وبالاستعانة بفريق تطوعي من طلاب وطالبات الجامعة؛ مؤتمر "تدكس جامعة النجاح" (tedx an-najah university)، الذي أقيم في 16 إبريل الماضي، في مسرح سمو الأمير تركي بن عبدالعزيز في حرم الجامعة الجديد (جامعة النجاح الوطنية، 17 إبريل 2016)، في حين نَظّم فريق شبابي في قطاع غزة مؤتمر "تدكس شجاعية" (tedxshujayia) للمرة الأولى في القطاع في 29 أكتوبر 2015 (tedshujayia، 2015).

 تيد (TED): مجتمع العقول المُلهِمة

ترفع منظمة TED العالمية شعار "أفكار تستحق الانتشار" (Ideas Worth Spreading)، فيؤمن القائمون عليها بقدرة الفكرة على تغيير المعتقدات والسلوكيات، وفي النهاية تغيير العالم؛ فيسعَون لأن تكون المنظمة منبرًا للإنتاج الفكري، ومركزًا للتبادل المعرفي، ومجتمعًا تلتقي فيه كل العقول الملهمة والأرواح المؤَثِّرة عبر العالم (TED.com).

تهدف المنظمة أيضًا إلى نشر هذه الأفكار بأفضل الطرق والسُبل الممكنة، وذلك من خلال عقد مؤتمرين سنويين، ودعوة الشخصيات الأكثر تأثيرًا عبر العالم للمشاركة فيهما، ومنح تراخيص لإقامة مؤتمرات مشابهة لمؤتمرات المنظمة السنوية في كل دول العالم، وهو ما يُعرف بمؤتمرات TEDx (المصدر السابق).

تُوفَّر هذه المؤتمرات والمحادثات للمشاهدة المجانية على الموقع الرسمي للمنظمة على شبكة الإنترنت، وتُترجم إلى العديد من اللغات، كما تخصِّص المنظمة منذ العام 2013 جائزة سنوية تُمنح لشخص واحد حتى يستطيع تطبيق أفكاره التي تهدف إلى تغيير العالم.

 في الإعداد: شهور من العمل المتواصل

استمرت رحلة الإعداد لمؤتمر "تدكس شجاعية" عشرة أشهر، كانت الستة الأولى منها جهودًا متواصلة للحصول على ترخيص معتمد من قبل "تيد" (TED) لإقامة المؤتمر، في حين استغرقت الترتيبات الإدارية واللوجستية والتنظيمية الأشهر الأربعة الأخيرة، كما أشارت إلى ذلك هبة ماضي، رئيسة الفريق الشبابي المُنظِّم (ماضي، 2016).

وحول البدايات الأولى للإعداد قالت ماضي: "إن ما يجمع أعضاء الفريق الثمانية هو حبهم لمنظمة «تيد» (TED)، وإيمانهم بالرسالة التي تحملها، ورغبتهم في تعريف العالم بأن الشباب الفلسطيني في غزة، برغم ما يعانيه من ويلات الحروب وظروف إنسانية استثنائية، فإنهم يمتلكون أيضًا قصصًا وأفكارًا تستحقُ الانتشار" )المصدر السابق). 

بهذه الرؤية الواضحة وهذا الهدف الجليل، بدأ الفريق مراحل الإعداد المختلفة ابتداء من تعبئة نموذج طلب إقامة المؤتمر عبر الموقع الإلكتروني للمنظمة، وعقد اللقاءات التعريفية مع أعضاء الفريق المُنظِّم من قبل القائمين عليها عبر"سكايب"، مرورًا بالمهمة الأصعب وهي اختيار المتحدثين.

وأضافت هبة ماضي: "في سبيل الحصول على أكثر الأفكار إلهامًا وتأثيرًا قمنا بدايةً بعقد عدد من الورش التدريبية التي تهدف لتعريف الشباب بالمؤتمر، ثم فتحنا باب استقبال الطلبات للراغبين في التحدّث. وصلنا أكثر من مائة طلب تم فرزها وتقييمها بنزاهة وموضوعية تامة، ثم كانت المرحلة التالية وهي إجراء المقابلات، والتي استعنّا فيها ببعض الشخصيات ذات الخبرة والكفاءة من خارج الفريق المُنظِّم إلى أن تم اختيار المتحدثين". 

أما فيما يتعلق بالإعداد لمؤتمر "تدكس جامعة النجاح"، فقد أوضحت كرم أبو غزالة، من مكتب نائب رئيس الجامعة لشؤون العلاقات الخارجية والدولية، أن "المؤتمر جاء ثمرة جهد مشترك بين المكتب ومركز تنمية الكفاءات استمر أربعة أشهر، هدفنا من خلاله لأن نسجل مشاركة باسم الجامعة في مثل هذه المؤتمرات العالمية، كوننا نُمثل مؤسسة تعليمية فلسطينية رسمية، مما يعني إطلاع العالم على جزء مما يمتلكه شبابنا الفلسطيني من قدرات، وما توصّل إليه من نجاحات نوعية".

وأضافت أبوغزالة: "جاء المؤتمر أيضًا ضمن رؤية إدارة جامعة النجاح، وما خططت له من برامج لتطوير كفاءات طلابنا وطالباتنا، فأتاح للطلبة فرصة التعّرف على بعض الشخصيات الفلسطينية البارزة، والاطلاع على تجاربهم ونجاحاتهم، الأمر الذي يفتح آفاقًا جديدة في أذهان الشباب، ويساعدهم على بناء مستقبل أكثر تميزاً ونجاحًا".

المتحدثون: تجارب فريدة وأفكار ملهِمة

للمُتحدثين في مؤتمري تدكس الشجاعية وتدكس جامعة النجاح حضورهم المُتميّز، وتجاربهم الفريدة، فقد ألهموا العقول باستعراض تجاربهم الخاصة وما تميزت به من طابع إبداعي متجاوز للمعهود، وما قامت عليه من أفكار ومعارف ساهمت في تصحيح بعض المفاهيم وتحريرها من سلطة الصورة النمطية، كما وشكّلت في أحيان أخرى الحلقة المفقودة التي كانت تحول دون تمام الإدراك ووضوح الرؤية. وعلى سبيل المثال سنعرض لنموذجين من الأفكار التي عرضها المتحدثون.

أ‌- في معنى الوطن والاحتلال: 

الأسير المحرر أحمد الفليت والصفحي تامر المسحال، تحدثا في معنى "الوطن وفلسطين" في "تدكس الشجاعية". تناولت "الجنسية غير المُعرّفة" (undefined nationality) للصحفي المسحال جانبًا من سلب الاحتلال للهوية والذات الفلسطينية، بينما كشفت "شق نحو القمر" (crack to the moon) للمحرر الفليت عن انتهاك سُلُطات الاحتلال لحقوق الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية (الفليت، 2016).

تحدّث الفليت إلى العالم باللغة التي يفهم، واستطاع أن يوصل رسالة الأسرى عبر هذه المنظمة العالمية دون الخروج عن قوانينها التي تمنع الحديث في السياسية، من خلال استعراض صور ومقاطع من حياة الأسير الفلسطيني تفتقر إلى الحد الأدنى من الإنسانية. فالأسير الفلسطيني هو الشخص الذي يقف في طابور طويل ليرى القمر عبر شق صغير في الزنزانة، وهو مَن يبتهج لرؤية البرتقالة، وهو الذي يصنع حلوى العيد من غير طحين ولا تمر، بل من البصل (المصدر السابق).

 تجاوز المتحدثان الطرح التقليدي للقضية والقائم على الاستجداء وإتقان دور الضحية إلى الجمع بين الجانب الإنساني في حياة الإنسان المُحتَل، وقدرة هذا الإنسان على المقاومة والانتصار في أشد الظروف استثنائية، فالأسير الفلسطيني يخلق حياته من أبسط أدواتها ومقوماتها، في واقع الأصل فيه المنع والاستثناء هو المسموح، لأنه وكما عبّر الفليت: "في لحظةٍ ما أنت تحتاج لاتخاذ قرار الحياة، لأن الاستسلام يعني حكمًا شخصيًّا بالإعدام والموت" (الفليت، 2016).

استطاع الفليت أن يكمل دراسته في سجون الاحتلال فحصل على شهادة البكالوريوس بتخصص علاقات دولية وحصل على الماجستير تخصص إدارة عامة (المصدر السابق). أما الصحفي تامر المسحال استطاع أن يتحول من شخص بلا جنسية إلى إعلامي يحمل هم الإنسانية، وعبَّر المسحال عن ذلك بقوله: "فإن كانت الوثيقة التي كنتُ أحملها غير قادرة على أن توفر لي حرية التنقّل لأنها بلا جنسية، فإن الإعلام هو وسيلتي إلى الحرية (tedxshujayia, 2015).

ب‌- في معنى الإرادة

يجلس سعيد قفاف على كرسيه المُتحرك، وتقف ياسمين النجار على ساقها الاصطناعية، ويجتمع الاثنان على منصة المتحدثين في مؤتمر تدكس النجاح. ياسمين النجار هي أول فتاة عربية تسلقت قمة جبل كلمنجارو بساق صناعية، بعد أن بُتِرت ساقاها في سن الثالثة (النجار، 2016)، أما سعيد قفاف فهو أول يوتيوبي عربي من ذوي الاحتياجات الخاصة، يقدم برامج تثقيفية بأسلوب كوميدي (قفاف، 2016).

يهدف كل من النجار وقفاف إلى تصحيح مفهوم الإرادة، وتحرير الإنسان، والخروج من سلطة المجتمع حين تحدّ من قدرات الفرد، وتقيّد نجاحاته، فأنت من وجهة نظر النجار هو "ما تراه في نفسك، وما تَخُطّه لحياتك، لا ما يرونه فيك، وما يخطه لك مجتمعك" (النجار،2016).

أما القفاف -الذي يتميّز بروحه الإيجابية وابتسامته الدائمة- فقد تحدّث عن سر ثقته بنفسه، وقدرته على الاندماج في المجتمع فقال: "علمتني عائلتي بأنها لا تستطيع أن تُحصّن المجتمع ضد حاجاتي ولكنها تستطيع أن تحصنني ضد المجتمع" (قفاف، 2016).

يرفع القفاف شعار "التوعية من الصفر" ويسعى من خلال ما يقدمه من فيديوهات على اليوتيوب إلى دمج الأشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة في المجتمع العام، لا خلق مجتمع خاص بهم (المصدر السابق).

تيدكس: قيم اعتبارية وأصداء عالمية

يقتضي التنويه أخيرًا إلى القيم الاعتبارية لمشاركة الشباب الفلسطيني في هذا المحفل العالمي، وما نتج عنه من مؤتمرات دولية، والتي يمكن الإشارة إلى بعضها كما يلي:

أولاً: إن القيمة الاعتبارية الأولى للمؤتمر هي باعتباره نافذة يوصل من خلالها الشباب الفلسطيني رسائله إلى العالم، حيث تحظى منظمة "تيد" (TED) بشهرة عالمية واسعة، فوفقًا لإحصاءات العام 2011 فقد بلغ عدد مشاهدة الفيديوهات المنشرة على موقع المنظمة الإلكتروني أكثر من 500 مليون مشاهدة (mashable، 2011).

تمت متابعة مؤتمر "تيدكس شجاعية" من قِبَل عدة جهات عربية وأوروبية تصدّرتها عربيًا دول المغرب العربي، وعالميًّا بريطانيا (الفليت، 2016)، في حين حصد فيديو "شق نحو القمر" (crack to the moon) للمحرر الفليت، الذي تناول جزءًا من حياة الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية أكثر من 36 ألف مشاهدة، كأكبر نسبة مشاهدات لفيديوهات "تيدكس شجاعية" (ماضي،2016).

ثانيًا: إن الفئة المخاطبة في مؤتمرات "تيد" (TED) عبر العالم هي فئة نُخبوية، وهم في غالبهم من المثقفين وطلاب الجامعات، وهي ليست فئة متلقية فحسب، وإنما تتميّز بالتدقيق وإثارة التساؤلات في محاولة للوصول إلى الحقائق. فلم يقتصر تأثير هذه المشاركة فيما عَبّر عنه المتحدثون من رسائل إنسانية ذات أبعاد سياسية، بل فيما تبعها أيضًا لقاءات وحوارات أُجريت مع القائمين على المؤتمر والمتحدثين فيه من جهات مختلفة، منها ما أشار إليه المحرر الفليت حول استضافته للحديث مفصلاً عن قضية الأسرى في أكثر من وسيلة إعلامية عربية وعالمية، كان بينها اللقاء عبر السكايب مع ملتقى طلابي في جامعة كوين ماري في بريطانيا (الفليت، 2016).

ثالثًا: إن هذا الاتجاه الجديد في الطرح يعكس النموذج الفكري الكامن في عقلية الشباب الفلسطيني، الذي تجاوز دور الضحية، ليرى في نفسه ندًّا قويًّا لم يستطع الاحتلال سلبه ذاته. يرى الدكتور بلال الشوبكي الأستاذ في قسم العلوم السياسية في جامعة الخليل، أن اهتمام الشارع الفلسطيني بمثل هذه المؤتمرات هو اهتمام جديد، فالصورة الأوسع في ذهن الفلسطيني لم تكن تتجاوز حدود الوطن العربي، في حين كان الخطاب في غالبه خطاب استعطاف نحو القضايا الإنسانية، في ظل هذا الفهم كان الفلسطيني ينظر إلى نفسه كضحية، في حين أثبتت التجارب أن العالم لا يتعاطف مع الضحايا، فالطرف البعيد عن الصراع يناصر الأقوى في الغالب (الشوبكي، 2016).
 
رابعًا: يمكن القول أن هذا النموذج الناجح والمميّز للشباب الفلسطيني، يندرج في إطار مواجهة الحرب المعنوية والنفسية التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني، الذي يحاول جاهدًا تصوير الفلسطيني بأنه إرهابي متخلف.

ملاحظة: المدونة لا تعبر بالضرورة عن رأي المركز

_____________________________

مراجع :

  • أبو غزالة، كرم. (28 مايو 2016)، "الحديث عن تدكس جامعة النجاح" (tedx an-najah university)  (الباحثة، مقابلة شخصية).
  • جامعة النجاح الوطنية. (17 إبريل 2016). "جامعة النجاح الوطنية تستضيف مؤتمر tedx العالمي"، تم الاستيراد من جامعة النجاح الوطنية.https://www.najah.edu/ar/community/community-news/2016/04/17/An-Najah-Hosts-a-TEDx-Event/
  • تدكس شجاعية Tedx shujayia. (29 أكتوبر 2015). "عن تدكس شجاعية" (about tedxshujayia) ، تم الاستيراد من tedx shujayia.com على الرابط التالي:
    http://www.tedxshujaiya.com/
  • تيد(TED.com). (2016). "أفكار تستحق الانتشار" (Ideas worth spreading)، تم الاستيراد من TED.com على الرابط التالي:http://www.ted.com/.
  • TEDx Talks. (16 نوفمبر 2015). "جنسية غير معرفة" (undefined nationality)، تم الاستيراد من youtube-tedx talkshttps://youtu.be/3SjpQFx5Nvo
  • TEDx Talks. (16 نوفمبر2015)، "شق نحو القمر" (crack to the moon)، تم الاسترداد من TEDx Talks من الرابط التالي:https://youtu.be/40xEYy37DWM
  • الشوبكي، بلال. (1 يونيو 2016). "القيم الاعتبارية لمشاركة الشباب الفلسطيني في مؤتمر تيدكس"( الباحثة، مقابلة شخصية).
  • الفليت، أحمد. (25 مايو 2016). "الحديث عن مشاركة الفليت في تدكس شجاعية" (الباحثة، مقابلة شخصية).
  • قفاف، سعيد. ( 24مايو 2016). "الحديث عن مشاركة قفاف في تدكس جامعة النجاح الوطنية" (الباحثة، مقابلة شخصية).
  • ماضي، هبة. ( 25 مايو 2016). "الحديث عن تدكس الشجاعية  tedxshujayi" (الباحثة، مقابلة شخصية)
  • النجار، ياسمين. (27 مايو 2016). "الحديث عن مشاركة النجار في تدكس جامعة النجاح الوطنية" (الباحثة، مقابلة شخصية).

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى